حذَّر مسؤولون بمدينة طبرق من «كارثة مرتقبة» نتيجة نقص مياه الشرب في المدينة التي يزيد عدد سكانها على 155 ألف نسمة، لا سيما بعدما أصبحت العاصمة السياسية للبلاد باحتضانها مجلس النواب، واعتبارها مقصدًا لكثير من النازحين والمهاجرين.

وأُنشئت محطة طبرق لتحلية المياه مطلع القرن الحادي والعشرين، وتحتوي على ثلاث غلايات يبلغ إنتاج كل واحدة 12 ألف متر مكعب.

ويشير المسؤولون إلى أن المحطة أسهمت في حل أزمة المياه بالمدينة لدى تركيبها، لكن زيادة الضغط عليها دون إجراء عمليات صيانة للمحطة التي تعمل منذ 13 عامًا قلل من عمرها، مما سيسبب تلفًا لإحدى الغلايات بشكل نهائي، لا سيما بعدما أصبحت الغلاية الثالثة على وشك التلف نتيجة كثرة التآكل والاعوجاج في المواسير؛ نظرًا للحرارة المفرطة من البخار الساخن عن عملية التقطير والتسخين للمياه القادمة من البحر.

ومن جانبه قال مدير محطة تحلية المياه بطبرق فتح الله سليم النعاس، إن المحطة تقوم بضخ المياه عبر أنابيب إلى الشركة العامة للمياه والصرف الصحي، بعد تحليتها، ومنها عبر شبكة البنية التحتية المحلية لأحياء مدينة طبرق والتي تحتوي على شبكات مياه، لافتًا إلى أن بقية الأحياء التي لا يوجد بها شبكات مثل أحياء الأندلس والحدائق والزهور والقدس فيعتمدون على شراء المياه بأوصال مقطوعة بقيمة عشرة أو خمسة عشر دينارًا من سيارة المياه التابعة للشركة والتي تسع 60 برميلاً من شركة المياه بطبرق.

الحلول العاجلة
وتوصلت دراسة أجراها أحد الخبراء ومدير إدارة المتابعة وضمان الجودة ببلدية طبرق مسعود الوهراني لواقع المياه في مدينة طبرق، إلى أن كمية الهدر للمياه عبر خط الإمداد ما بين المحطة والشركة يصل إلى 13000 متر مكعب من المياه، وأن كمية الهدر للمياه عبر شبكات التوزيع داخل الأحياء تصل إلى 9000 متر مكعب من المياه؛ أي أن الكمية المستفاد منها فعليًا والمقاسة هي 14000 متر مكعب من المياه.

وقال الوهراني إن أهم أسباب تلف المعدات ونقص عمر محطة طبرق لتحلية المياه، يرجع إلى قدم المحطة والتي يصل عمرها حاليًا إلى قرابة 13 سنة وارتفاع نسبة الأمونيا في خليج طبرق؛ بسبب التلوث الناتج عن تآكل أجزاء كبيرة من المحطة والانقطاع المتكرر للكهرباء بسبب تخفيف الأحمال.

ودعا الوهراني إلى ضرورة إجراء صيانة عامة وشاملة للمحطة والتي كانت مقررة منذ العام 2008، مشيرًا إلى أن المشكلة الحالية قد تؤدي خلال الفترة المقبلة إلى توقف قسري واضطراري لمحطة التحلية والتسبب في كارثة مياه حقيقية للمدينة.

وأضاف عميد بلدية طبرق الناجي مازق أبوبكر أن الحلول العاجلة لمشكلة مياه الشرب بالمدينة تتمثل في ضرورة الإسراع في تفعيل قرارات مجلس الوزراء والصادرة عامي 2013 و 2014، بشأن إجراء صيانة فورية للغلايات، بالإضافة إلى عمرة شاملة للمحطة، وبناء مبخر رابع لزيادة الإنتاج إلى 48 ألف متر مكعب، فضلاً عن البدء في محطة المرصص التي تبعد عن طبرق حوالى 20 كلم غربًا.

مواطنون يشكون
ويقول أحد مواطني طبرق محمد عبدالعزيز 46 سنة: «نعاني مشكلة المياه منذ فترة، وأنا أحد سكان حي القدس بمدينة طبرق ونشتري المياه بـ90 دينارًا وفي الغالب تصل إلى 120 دينارًا؛ لأن أصحاب الشاحنات التابعة للشركة يستغلون المواطنين ويبيعون المياه للسيارات الخاصة ويقومون ببيعها بما يريدون ومسؤولو شركة المياه لا ينصتون إلى مطالبنا».

وأردف عبدالغفار الصنقري 55 سنة رب أسرة وموظف بقطاع الصحة: «أنا موظف ودخلي محدود، ولدي ثمانية أبناء وأنا فقط من يتقاضى راتبًا من الدولة، وأصبحت المياه عبئًا ثقيلاً علينا، حيث نستهلك سيارتين كبيرتين في الشهر، أي قرابة 200 دينار في مياه الشرب، وهو عبء ثقيل على كاهلي ونقوم بالتسجيل دومًا بشركة المياه وننتظر أحد السائقين ليتصل بنا لكن لا أحد يأتي إلينا فنضطر لشراء المياه من السيارات الخاصة».

وفي إطار مساعي حل تلك العقبات تعاون المجلس البلدي طبرق الفترة الماضية مع شركة الخليج العربي للنفط لحفر آبار استكشافية بمنطقة أحبيش «110 كلم جنوب طبرق».

مشروعات مرتقبة
وقال عضو المجلس البلدي طبرق فرج ياسين إن المجلس تقدم بمقترح إجراء عمرة كاملة للمحطة لإطالة عمرها لمدة عشر سنوات أخرى، مشيرًا إلى أنهم سيباشرون الصيانة حال توفير 15 % من القيمة الإجمالية للعمرة والتي تبلغ حوالي 20 مليون دينار.

وأشار ياسين إلى أن المجلس البلدي ينتظر اعتماد موازنة 2015، للبدء في عدة مشروعات، على رأسها مشروع إنشاء مبخر «غلاية» رابع بجانب المبخرات الثلاثة الحالية، ومشروع إنشاء محطة تحلية جديدة بسعة 40 ألف متر مكعب يوميًا في منطقة المرصص ومحطتي تحلية بالتناضح العكسي بسعة خمسة آلاف متر مكعب يوميًا في طبرق.

وأضاف ياسين أن المجلس البلدي استعرض منذ شهر تقريبًا أزمة مياه الشرب بالمدينة مع شركة A.H.R.E.inc الأميركية المختصة في مجال البنية التحتية ومحطات التحلية البخارية.