Atwasat

«العرقوب»: منسية رغم قربها من أغنى منطقة نفطية

السدرة - بوابة الوسط: أسامة الجارد السبت 10 يناير 2015, 03:48 مساء
WTV_Frequency

قرية العرقوب تبعد عن البريقة بنحو 8 كلم جنوبًا، وتعرف لدى سكانها أيضًا بـ«نجع عيت مباركة».

زارت «بوابة الوسط» القرية عبر الطريق الوحيد الواصل إلى العرقوب، وهي الطريق نفسها التي مررنا منها قبل عشر سنوات إلى قرية مراده، ولم نر طوال الطريق إلى قرية العرقوب لافتة ترحيبية واحدة تبشر بأننا وصلنا لمقصدنا، كما في أغلب مدن البلاد.

حال قرية العرقوب يحكي قصة تجاهل حكومي عمرها عشرات من الأعوام، ولا يدل على أنها قرية تقع في منطقة غنية بالنفط.

يستطيع الناظر الداخل إلى قرية العرقوب أن يرى أنها قرية صغيرة ورعويّة، محاطة بالحقول النفطية، وتعاني قيودًا صعبة حولتها إلى قرية مهملة ومكتظة وفقيرة، يعيش نحو نصف سكانها ربما على شفا خط الفقر أو تحته.

مررنا عند دخولنا قرية العرقوب بمنازل أغلبها مسقوفة بالزنك من دون أسوار، وتنتشر بطريقة عشوائية، وكانت الأبواب والنوافذ مغلقة، وأمام المباني جلست سيدة ستينية، بجوارها طفلة، وارتسمت على ملامحهما مشاعر الحزن.

عند السؤال عن منزل الشيخ موسى قنفود، تقدم إلينا رجل بدت ملامحه جامدة، أخبرته بأننا من «بوابة الوسط» وذكرت له اسم عدد من العائلات الكبيرة من النجع، فاطمأن أننا لسنا غرباء تمامًا فقال لنا: «إن قنفود يقطن في العرقوب الشرقي (الميجنه)»، دلالة على اختلافه عن العرقوب الغربي الذي يطلقون عليه نجع عيت مباركة، التي لا تفصل بينهم إلّا الطريق، ربما تسمية نجع عيت مباركة هي السائدة بين السكان، وبعدها طلب أن نتبعه بالسيارة لبضع كيلومترات على طريق غير معبد إلى منزل الشيخ قنفود بسيارات دفع رباعي.

قرية العرقوب تخفي ذكريات ماضٍ مأساوي، لا يوجد بها وحدة صحية متطورة بالإضافة لانعدام باقي الخدمات، كما لا يوجد بها حتي المرافق من مياه شرب التي وصلتهم العام الماضي فقط، بعد أن كانت مياه الشرب تصلهم عبر الشاحنات من مدينة إجدابيا بمئة دينار، رغم أن أنابيب النهر الصناعي تمر من القرية، وذكر لنا أحد سكان القرية أن: «توصيلنا مياه الشرب من أنابيب النهر لم يتم إلّا بتحمير العينين»، على حد تعبيره.

هواء القرية مثقل برائحة الأدخنة المتصاعدة من مصانع البتروكيماويات (الأمونيا) و(الميثانول) و(اليوريا) التي تصلهم من مدينة البريقة عندما تكون الرياح شمالية، وأكد عدد من سكان القرية أنهم تقدموا بكثيرٍ من الشكاوى، من الكارثة البيئية التي تلحق بهم على حد قولهم.

وصلنا إلى العرقوب الشرقي (الميجنه) حيث مقصدنا منزل الشيخ موسى قنفود، الذي نصحونا بالذهاب إليه منذ تخطيطنا لزيارة العرقوب، لأنه سيختصر علينا الكثير، وهو ما التمسناه في حديثنا معه فهو يتمتع بذاكرة فولاذية، وكانت ذاكرته دائمًا تسعفه بكثير من الأحداث التاريخية والمواقف التي شاهدها وعاصرها.

تحدث الشيخ قنفوذ وهو من أعيان القرية عن التضحيات التى قدمها أبناء النجع من الشهداء والجرحى على مر التاريخ، وذكر أيضًا أن النجع يقع تحت التهديد المستمر منذ معركة الصفافي «عليم زغبة» العام 1887، وكتائب القذافي التي أجلت السكان ودمرت بعض المنازل بما فيها ثلاثة منازل للشيخ قنفوذ.

ووصف الشيخ قنفوذ الذي تحتفظ ذكرته بكثير من القصص والحكايات والأشعار والأهازيج الشعبية كيف حاولت الأنظمة المتعاقبة إجبار أهالي العرقوب الذي يصل عددهم قرابة السبعة آلاف نسمة، ليخرجوا السكان من القرية، مرارًا وتكرارًا ويحثَّوهم على النزوح من بيوتهم، وبعثوا لهم برسائل صوتية بعد ذلك ليخرجوا ولكنهم رفضوا.

وذكر الشيخ قنفود والذي يعتبر رجلاً مؤرخًا بذاكرته قائلاً: «إن الحكومات السابقة لم تبنِ مسكنًا واحدًا لسكان العرقوب من عام الاستقلال إلى يومنا الراهن، فحتى عندما قام الملك إدريس السنوسي بإعطاء أوامر ببناء 25 منزلاً العام 1966 في إطار مشروع إدريس الإسكاني هناك أيدٍ تلاعبت ونقلت المباني إلى مكان آخر».

وعن الأوضاع الأمنية والأخبار المزعجة والتفجيرات التي تحدث كل يوم من القصف العشوائي لمسلحي «فجر ليبيا» لموانئ السدرة، قال بما معناه إن سكان النجع تعودوا على الحروب والدمار والخراب فلهذا تجدهم مشغولين بالبحث عن الرزق والسعي في الأرض دون اكتراث لما يجري، مضيفًا أن أبناء النجع القادرين على حمل السلاح جلهم في جبهة السدرة لمناصرة «حرس المنشآت النفطية».

«العرقوب»: منسية رغم قربها من أغنى منطقة نفطية
«العرقوب»: منسية رغم قربها من أغنى منطقة نفطية
«العرقوب»: منسية رغم قربها من أغنى منطقة نفطية
«العرقوب»: منسية رغم قربها من أغنى منطقة نفطية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
حالة الطقس على ليبيا (الأحد 5 مايو 2024)
حالة الطقس على ليبيا (الأحد 5 مايو 2024)
«الأرصاد» يحذر من شدة الرياح على الساحل بين درنة وطبرق
«الأرصاد» يحذر من شدة الرياح على الساحل بين درنة وطبرق
بالصور: تواصل العمل بمشروع خط الرويس - أبو عرقوب
بالصور: تواصل العمل بمشروع خط الرويس - أبو عرقوب
أسعار العملات الأجنبية أمام الدينار الليبي في السوق الرسمية (السبت 5 مايو 2024)
أسعار العملات الأجنبية أمام الدينار الليبي في السوق الرسمية ...
نحو 875 ألف تلميذ بمراحل النقل يؤدون امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني
نحو 875 ألف تلميذ بمراحل النقل يؤدون امتحانات نهاية الفصل الدراسي...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم