تشهد أسواق المواشي تراجعا لافتا في إقبال المواطنين على شراء الأضاحي، مقارنة بالأعوام الماضية، في ظل ارتفاع الأسعار، حيث أرجع تجار تلك الزيادة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف.

وقال أحد تجار المواشي في المنطقة الشرقية محمد العنيزي إن السوق تعاني من كساد كبير، ولم تتراجع فيها الأسعار نظرا لعدم طرح أضاحي مستوردة، مشيرا إلى معاناة التجار خلال رحلة تربية الأضاحي من التكلفة الباهظة للأعلاف، إضافة إلى أجور العمال والرعاة وأدوية المواشي، وغياب دعم وزارة الاقتصاد، لتقع كل تلك المصاريف على التاجر الذي يحاول في نهاية الأمر أن يكسب ولو نسبة بسيطة من الأرباح، حسب تقرير لوكالة الأنباء الليبية،.

تهريب الأضاحي
وأرجع العنيزي أسباب ارتفاع سعر الأضاحي أيضا إلى «عمليات التهريب» التي تدار كل عام من قبل بعض التجار الذين يستغلون الطلب على الأضحية المحلية في مصر وتونس؛ نظرا للمميزات التي يتمتع بها الخروف المحلي مقارنة بغيره، فيهرب بكميات كبيرة إلى الخارج، ما يحدث نقصا في السوق المحلية.

ويقول مربي المواشي بالمنطقة الغربية حامد إبراهيم، إن سعر الأضحية المحلية مرتفع جدا، إذ يتراوح بين 1500 إلى 2000 دينار، بينما أسعار الأضاحي المستوردة تراوحت في أسواق طرابلس ومصراتة ما بين 1200 إلى 1200 دينار، رغم عدم جودتها الكافية وصغر حجمها الذي يوحي بالتغذية السيئة لها.

ويضيف إبراهيم: «قلة استيراد المواشي سبب رئيسي في عدم توافر أضاحي تغطي الأسواق، رغم أهمية إتاحتها للمواطنين الذين لا يقدرون على شراء أضحية محلية».

قلة الأضاحي المستوردة
وعن نقص الأضاحي المستوردة هذا العام، يشير مدير مكتب الإعلام بميناء بنغازي البحري، مفتاح الشهيبي إلى استقبال الميناء سفينة مطلع الأسبوع الماضي محملة بـ8500 رأس غنم، و125 رأسا من الأبقار المستوردة من دولة رومانيا.

وأضاف الشهيبي، في تصريح إلى وكالة الأنباء الليبية، «الكمية قليلة جدا لا تغطي السوق المحلية، ولا معلومات عن وصول أي شحنة جديدة إلى الآن، فجهات الاعتماد والجهات المسؤولة من وزارة الاقتصاد هي من تقوم بدعم مثل هذه البضائع بالاتفاق مع التجار في مناسبات معينة».

من جهته، يتحدث منسق العمل بالميناء حمزة التاجوري، عن إجراءات استقبال المواشي، إذ تكلف وزارة الصحة أو المستورد طبيبا بيطريا للكشف على الشحنة من المواشي التي تكون مصحوبة بوثائق صحية من بلد المنشأ، لكن للتأكيد يُجرى الكشف عليها مجددا.

تذمر شعبي
ارتفاع الأسعار وأسباب أخرى حدت من عملية شراء الأضاحي لهذا العام، حسب آراء مواطنين تحدثوا إلى كالة الأنباء الليبية، إذ أجمعوا على أنهم لن يستطيعوا شراء الأضحية لهذا العام.

ويقول خالد الجامعي إنه لم يشتر الأضحية لتأخر صرف الرواتب، بالإضافة إلى كثرة الالتزامات والديون وارتفاع الأسعار «المبالغ فيها»، معقبا: «سننتظر حتى قرب يوم العيد أملا في انخفاضها».

- حظر بيع الأضاحي بالأزقة والأحياء السكنية والطرق العامة في طرابلس المركز

وينتقد عبدالعزيز البركي «استغلال» التجار لهذه المناسبة سنويا، واصفا ما يحدث «بالجشع غير المبرر»، وإنهم «لا يراعون ظروف المواطن البسيط الذي يعجز عن شراء الخبز أحيانا»، مكملا: «ليس هناك مبرر لهذه الأسعار الفلكية، ونحن كمجتمع ليبي الأغلب يفضل الأضحية المحلية، فهي كمواصفات أفضل بكثير من المستوردة، والفكرة في التقرب إلى الله بأفضل الأشياء وليس أرخصها».

أما مخلوف الصابر فيحمّل الجهات المسؤولة السبب في معاناة المواطنين، مشيرا إلى أزمة نقص السيولة الممتدة على مدار أعوام، وارتفاع أسعار كل البضائع، ما جعل المواطن في «حالة من التوتر الدائم والخوف وعدم الشعور بالاستقرار»، مردفا: «أنا كأب ورب أسرة من واجباتي تأمين حياة كريمة لأطفالي وعائلتي بداية، لكن الظروف أصبحت قاهرة فيضطر الشخص إلى شراء الأضحية بالأقساط عبر المصارف أو اقتراض حقها محاولا لتجنب عدم التضحية».

شرعية شراء الأضحية بالقسط
وهنا يؤكد عضو اللجنة العليا للإفتاء والشؤون الإسلامية الشيخ إبراهيم بالأشهر، لوكالة الأنباء الليبية، شرعية شراء الأضحية بالقسط، وأنه أمر جائز لا حرج فيه، لكن ينبغي على المسلم ألا يكلف نفسه ما لا تستطيع، فإذا كان قادرا على دفع أقساط هذه الأضحية دون تكلف فلا بأس في ذلك، وإن كان غير قادر فلا حرج في ذلك.

وتابع الأشهر: «لا يجوز التحدث بما يقوله بعض الأشخاص غير الواعيين بحرمة عدم الإقدام على التضحية نظرا لارتفاع السعر»، مشيرا إلى أن الأضحية سنة مؤكدة «على كل مسلم مقتدر» تحقيقا لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - « من كان له سعة، ولم يضح، فلا يقربن مصلانا» فوجوب أن يكون الإنسان مقتدرا ليضحي.