Atwasat

جريدة «الوسط»: باتيلي يناور لفرض حل من خارج الصندوق

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 03 مارس 2023, 10:19 صباحا
WTV_Frequency

كما كان متوقعا.. ووجهت مبادرة المبعوث الأممي، عبدالله باتيلي التي أعلنها ضمن إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي الإثنين الماضي، بردود فعل رافضة ومستهجَنة ممن يُسمون بأطراف الأزمة الذين يعملون على احتكار طروحات الحل تحت زعم البحث عن حل «ليبي–ليبي»، وربما فسروا طرح باتيلي بأنه محاولة لتجاوزهم، وبالتالي إقصائهم عن صدارة المشهد، وأكثر من ذلك اعتبروه محاولة لفرض «الوصاية» على البلاد.

المبادرة الأممية الجديدة جاءت لتقترح حلا لكسر الجمود السياسي، وتنظيم انتخابات عامة شاملة وشفافة قبل نهاية 2023، ما كان موضع ترحيب أحزاب وتكتلات سياسية وممثلي بعض القبائل.

وفي غياب التفاصيل، أقدم باتيلي أمام مجلس الأمن على خطوة جريئة، انتزعت «الشرعية» من الأجسام السياسية المنقسمة كافة، بإعلانه إنشاء لجنة فنية رفيعة المستوى في ليبيا لدفع التوافق على الأمور ذات الصلة بالانتخابات، مثل تأمينها، واعتماد ميثاق شرف لجميع المرشحين.

وعلى خطى سابقته المبعوثة الأممية ستيفاني وليامز، سيجري حسب المبادرة تشكيل لجنة حوار سياسي مهمتها إعداد الأرضية للانتخابات وفق جدول زمني واضح، واستند باتيلي قانونيا في ذلك أيضا على اتفاق الصخيرات، «استنادا إلى المادة 64 من الاتفاق السياسي الليبي لعام 2015، وبناء على الاتفاقات التي توصل إليها الأطراف الليبيون في السابق قررت إطلاق مبادرة تهدف إلى التمكين من إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية خلال 2023».

تحديات أمام مبادرة باتيلي
ويعتقد متابعون للشأن الليبي ومسؤولون غربيون أن مبادرة باتيلي مسار جيد في طريق الخروج من المأزق السياسي والدستوري. غير أن المعضلة تكمن في التفاصيل وغياب إجابات حتى الساعة حول طرق اختيار أعضاء اللجنة التوجيهية المقترحة وأعدادهم والمدى الزمني لعملها. كما تثار أسئلة بشأن مهمتها وهل ستقتصر على وضع قاعدة دستورية جديدة ستُجرى على أساسها العملية الانتخابية أو تراجع الإعلان الدستوري المقترح من طرف مجلسي «النواب والدولة»، فضلا عن صلاحياتها في الترتيب لقواعد الترشّح للرئاسة وما إذا كان بإمكانهم تحقيق توافق خلال الأشهر الباقية من العام الجاري.
والأكثر من ذلك، كيف ستتمكن اللجنة من إقناع الأطراف الليبية المهيمنة بقاعدة دستورية بديلة، على ضوء انتقادات تطالها بشعورها بالارتياح تجاه «الأمر الواقع» وترفض خسارة سلطتها الحالية.

ومن هنا، صدر الاحتجاج الأول عن مجلس النواب الذي ربط رفضه بتجاوز «الصلاحيات القانونية»، معتبرا أن الدعوة إلى تشكيل لجنة حوار هي من اختصاصاته مع المجلس الأعلى للدولة، مضيفاً أن «الضامن الوحيد لإنجاح أي مبادرات في هذا الشأن، هو ما أكدت عليه المادة 64 من الاتفاق السياسي الليبي والتي حصرت الدعوة في انعقاد لجنة الحوار لأطراف الاتفاق (مجلس النواب ومجلس الدولة) دون غيرهما من الأجسام والكيانات داخلية كانت أم خارجية».
واتهمت هيئة رئاسة النواب في بيان لها البعثة الأممية بعدم الحياد، وأن الإحاطة احتوت «مغالطات» بشأن فشل البرلمان ومجلس الدولة في إقرار القاعدة الدستورية، كما قالت وزارة الخارجية بحكومة فتحي باشاغا أن تجاوز «الأجسام السياسية الرسمية» لن يأتي بحلول ناجحة، مضيفة أن البعثة ستضع نفسها في موقف متناقض وغير محايد.
وقد لا يختلف موقف المجلس الأعلى للدولة من اقتراح الأمم المتحدة الذي دعا إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة المستجدات الأخيرة، بعدما اعتبر أعضاء بالمجلس أنه يشكل اعتداءً على السيادة الوطنية.

للاطلاع على العدد 380 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

الدبيبة يتجاهل مبادرة باتيلي
أما رئيس حكومة الوحدة الموقتة عبد الحميد الدبيبة، فقد سارع لعرض خدماته على الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس لتقديم «المساعدة التقنية والفنية» لإجراء الانتخابات، متجاهلا مقترح باتيلي وسط ترقب من جانبه حول مصير الحكومة الموقتة بعد تشكيل اللجنة السياسية المنتظرة. وأظهر الدبيبة تمسكا بسلطته بعدما دعا إلى إرسال «فريق لتقييم الاحتياجات الخاصة بالانتخابات والتنسيق مع حكومة الوحدة والمفوضية العليا للانتخابات لإنجاح الاستحقاق».

من جانبه عبر رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي عن دعمه لأي جهود «واضحة ومفصلة» تبذلها الأمم المتحدة لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وجاء تأكيد المنفي خلال مباحثاته في طرابلس مع السفير الفرنسي لدى ليبيا مصطفى المهراج، الثلاثاء، بحسب بيان المكتب الإعلامي لرئيس المجلس.

وتراوحت أراء عدد من نواب البرلمان ومجلس الدولة بين الدفاع عن جهودهما في التوصل إلى القاعدة الدستورية والتعديل الـ13، والتحذير من الاستهتار بالإرادة الوطنية لتنفيذ أجندات غربية وإقليمية. وللخروج من الانسداد بعيدا عن المؤسسات، اختار باتيلي «صوتا ثالثا»، حين أعلن أن اللجنة الفنيّة لإعداد الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات لن يكون عملها محصورًا بالسلطة السياسية الحالية، وستجمع أهم الشخصيات السياسية وزعماء القبائل والفئات المهمشة ومنظمات المجتمع المدني والأطراف الأمنية والنساء والشباب.

دعم للمبادرة من نورلاند وتكتل القوى السياسية والقبايل 
وحظيت المبادرة الأممية بتفاعل إيجابي من طرف تكتل القوى السياسية والقبائل، ففي بيان أصدره رؤساء المجالس الاجتماعية وأعضاء بمجلسي النواب والأعلى للدولة المنتمين لقبائل طوارق ليبيا، أكدوا على «دعمهم لمبادرة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا عبدالله باتيلي وتأييدهم لها في كل ما من شأنه إخراج البلاد من الوضع القائم».
دولياً، وفي سياق المناكفات الروسية-الأميركية، وجه المندوب الروسي بمجلس الأمن الدولي تحذيراً من «أي تسرع في تنظيم الانتخابات المنتظرة» مؤكداً أنه «لن يثمر أو يجدي نفعاً دون مشاركة الليبيين كافة فيه».

في المقابل قال المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند خلال مناقشات حضرها بمعهد الولايات المتحدة للسلام، مساء الأربعاء، إنهم يدعمون جهود الأمم المتحدة في تسهيل العملية السياسية بين الليبيين، وتابع بقوله: «الليبيون في النهاية يمتلكون هذه العملية وقيادتها، لكن العديد من الليبيين يخبروننا أنهم لا يستطيعون القيام بذلك دون دعم من المجتمع الدولي» وفق تعبيره، معتبراً أن أبرز التحديات في البلاد حاليا هو الحفاظ على وقف إطلاق النار والتأكد من عدم استئناف القتال بين الأطراف المختلفة.

يبقى القول بأن كثيرين يعتقدون أنه إذا كانت مبادرة المبعوث الأممي تنطلق من تجاوز تلك الأجسام التي تفرض نفسها بحكم الأمر الواقع، للبحث عن حل جدي للأزمة من خارج الصندوق، فستجد قطاعا كبيراً من الليبيين يدعمها، ويبقى المهم والملح، هو عدم تجاهل الملف الأمني في البلاد، فهو القنبلة الموقوته المتوقع انفجارها، ولو في آخر لحظة أمام المسار الانتخابي، ما لم تجر معالجته، وتضمينه أي مبادرات سياسية من هذا الطراز.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
تطعيم حجاج سرت قبل الانطلاق لأداء الفريضة
تطعيم حجاج سرت قبل الانطلاق لأداء الفريضة
حبس مسؤول مكتب الضمان الاجتماعي ـ النقازة بتهمة الرشوة
حبس مسؤول مكتب الضمان الاجتماعي ـ النقازة بتهمة الرشوة
افتتاح «مركز جمال عبدالناصر» الطبي في سرت بعد تطويره
افتتاح «مركز جمال عبدالناصر» الطبي في سرت بعد تطويره
«تدخل الأعيان» يوقف اشتباكات الزاوية وارتفاع عدد المصابين
«تدخل الأعيان» يوقف اشتباكات الزاوية وارتفاع عدد المصابين
غدًا في ليبيا.. أكثر من 210 آلاف طالب يؤدون امتحانات «التعليم الأساسي»
غدًا في ليبيا.. أكثر من 210 آلاف طالب يؤدون امتحانات «التعليم ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم