Atwasat

مع اعتقال المريمي.. استمرار النزاع السياسي يزيد الشكوك حول «السيادة الليبية»

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني السبت 17 ديسمبر 2022, 06:29 مساء
WTV_Frequency

«السيادة الليبية» مصطلح يتردد على ألسنة الفاعلين في المشهد الليبي وداعميهم الخارجين، لكنه لا يطبق على أرض الواقع، في صورة متناقضة وكاشفة لأسلوب تعاطي جميع الأطراف مع الواقع السياسي والاقتصادي لبلد تحوّل الى «دولة فاشلة» جراء انقسام المؤسسات السيادية.

وذهل البعض من قضية التسليم الغامض للمواطن الليبي، ضابط المخابرات السابق أبوعجيلة مسعود المريمي إلى الولايات المتحدة ونقله من مالطا ثم إلى المحاكمة في إحدى المحاكم الأميركية، فيما شعر كثيرون بالفزع من مسألة المعايير التي اعتمدتها إدارة جو بايدن للتعاون مع أطراف محلية أضفت «الشرعية» على التسليم وعملية الاعتقال.

للاطلاع على العدد 369 من جريدة الوسط.. اضغط هنا 

مسؤول أميركي: الاعتقاق قانوني
وقال القائم بأعمال مساعد المدير المسؤول عن المكتب الميداني لمكتب التحقيقات الفدرالي بواشنطن مايكل جلاشين إن «الاعتقال القانوني وتقديم صانع القنابل المزعوم أمام المحكمة.. هو نتاج العمل الجاد والشراكات في جميع أنحاء العالم»؛ غير أن الطرف الأميركي لم يقدم تفاصيل عن الطريقة التي وصل فيها إلى الولايات المتحدة.

وتنطلق إدارة البيت الأبيض من عقيدة أن لا منع على ملاحقة المسؤولين عن الجرائم ضد واشنطن مهما كانت مواقعهم، وهي فكرة تتعارض مع المناداة بالشفافية والديمقراطية، خاصة أن من تعامل مع اعتقال مسعود من بيته في حي أبوسليم بطرابلس، قوة تابعة لعبد الغني الككلي، المعروف بـ«غنيوة الككلي»، الذي يقود جهاز دعم الاستقرار، التابع لحكومة الوحدة الوطنية الموقتة.

- «الرئاسي» بعد عشاء البيت الأبيض: واشنطن ملتزمة بمبادئ السيادة الوطنية

وفي وقت سابق، ذكرت منظمة العفو الدولية أن المجموعات المسلحة تحت قيادة الككلي متهمة بإرهاب المواطنين من خلال «الاختفاء القسري والتعذيب والقتل غير القانوني والجرائم الأخرى بموجب القانون الدولي».

صمت حكومة الدبيبة
وعندما يتعلق الأمر بتثبيت أقدامها في السلطة المؤقتة التزمت حكومة الدبيبة بصمت مريب رغم توالي مطالب المساءلة من عدة جهات داخلية، والتي وصفت ما يحدث بانتهاك سيادة الدولة؛ في حين لم تكن تلك المرة الأولى التي تتدخل فيها واشنطن، بل سبق لها أن شنت غارات جوية على مواقع لتنظيم «داعش» الإرهابي في ليبيا وتحديدا في صبراتة قبل سنوات وأدت إلى مقتل عدد من القياديين بالتنظيم.

وقالت واشنطن وقتها إن تلك العمليات جرت بتنسيق مع الجانب الليبي؛ لكن عائلات ضحايا غارة أميركية على جنوب ليبيا تقدمت بشكوى جنائية ضد القائد الإيطالي السابق في القاعدة الجوية الأميركية في صقلية، مطالبين بمساءلته عن دوره في العملية التي قتلت 11 من أقاربهم ووقعت في نوفمبر من العام 2018 وفق تقرير لموقع «إنترسبت» الأميركي نشر في 5 أبريل الماضي.

للاطلاع على العدد 369 من جريدة الوسط.. اضغط هنا 

الغارة الأميركية وقعت حيث كان الضحايا متجهين إلى مدينة أوباري. وطلب أهالي الضحايا من مكتب المدعي العام في صقلية، حيث تقع القاعدة الأميركية، التحقيق مع الكولونيل جيانلوكا تشييراتي ومسؤولين إيطاليين آخرين متورطين في الهجوم. وأكدت تصريحات سابقة وقتها للمتحدثة باسم «أفريكوم»، كيلي كاهالان، أن الجيش الأميركي على علم بالتقارير التي تفيد بسقوط ضحايا مدنيين جراء هذه الضربات، مشيرة إلى أن القيادة الأميركية في أفريقيا اتبعت عملية تقييم الخسائر المدنية التي كانت مطبقة في ذلك الوقت. وكانت شنت واشنطن أكثر من 500 غارة على مدينة سرت عام 2015 بدعوى ضرب الجماعات الإرهابية.

تدخلات أميركية
ووفقا لتقرير جديد صدر في نوفمبر عن مركز «برينان» للعدالة التابع لكلية القانون بجامعة نيويورك، فإن القوات الأميركية انخرطت في أعمال غير مصرح بها في العديد من البلدان أكثر مما كشف البنتاغون للكونغرس، إذ كان يخيل أن أمر التدخل يقتصر على ليبيا وأفغانستان العراق، لكن هذه القائمة خاطئة وتشمل 17 دولة على الأقل شاركت فيها الولايات المتحدة في نزاع مسلح من خلال القوات البرية أو القوات بالوكالة أو الضربات الجوية.

وفي وقت ترفض حكومتا عبدالحميد الدبيبة وغريمه المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا التنازل عن السلطة، تنحرف المنافسة السياسية عن مسارها وتعقّد من عملية إنهاء الوجود الأجنبي بكافة أشكاله في ليبيا، وهنا تبرز مطالب سابقة لباشاغا عندما كان وزيرا للداخلية في فبراير 2020 ، حين حث الولايات المتحدة على مواجهة روسيا من خلال إنشاء قاعدة في ليبيا واتهم مجموعة «فاغنر» باستخدام الأسلحة الكيميائية في البلاد، وذلك قبل تغيّر التطورات على الأرض وتعيينه رئيسا للحكومة نالت رضا موسكو.

تنافس روسي تركي
بينما تستضيف ليبيا وجودا عسكريا روسيا غير رسمي دفع الوضع بحكومة الدبيبة لتعزيز تعاونها مع تركيا عبر توقيع اتفاقيتين عسكرية وأمنية للاستفادة من الخبرة التركية الكبيرة في مجال الطيران الحربي والطيران المسيّر، وهي امتداد للبروتوكولات التنفيذية المُكَمّلة لاتفاقية التعاون الأمني التي وقعتها أنقرة مع حكومة الوفاق الوطني السابقة أواخر عام 2019، التي تدخّلت بموجبها تركيا عسكريا في ليبيا لحسم معركة السيطرة على العاصمة طرابلس.

وفي نظر الطرف المنافس في الشرق الليبي، فإن تلك الاتفاقيات رهنت مصير ليبيا، لا سيما أنها فتحت المجال أمام الأتراك للاستثمار في مناطق متنازع عليها بشرق المتوسط وورطت البلاد في نزاعات مع دول أخرى، إذ إن الاتفاقية البحرية الليبية التركية أزعجت اليونان وقبرص لأنها لا تملك سندا قانونيا، حسب قولها.

ووفرت هذه الاتفاقيات إلى جانب تكريس المصالح التركية، الحماية والدعم للدبيبة في لعبة التوازنات الداخلية والخارجية ولمواجهة تحفظات على حكمه من فرنسا ومصر وروسيا.

في المقابل، تنوي فرنسا ترسيخ وجودها العسكري في جنوب ليبيا قرب الحدود مع تشاد على غرار قاعدة الوطية غربا التي تسلمتها وزارة الدفاع التركية سابقا، فقد كشفت حوادث سابقة في ليبيا عن التواجد الفرنسي، وذلك من خلال غرفة عمليات غريان في العام 2019 إبان الهجوم الذي جرى شنه على طرابلس، وما تلا ذلك من هروب عناصر وخبراء فرنسيين ووصولهم إلى تونس.

10 قواعد عسكرية أجنبية في ليبيا 
يأتي ذلك في وقت تستضيف فيه ليبيا 10 قواعد عسكرية أجنبية وأكثر من 20 ألف مرتزق من أصول روسية وسورية وتركية وسودانية، وهي القوى الأجنبية التي اعتمدت في السابق على وكلاء لبسط تدخلاتها قبل أن تعتمد في الآونة الأخيرة على قوات خاصة ومرتزقة، فيما وصف مراقبون ما يحدث بأنه تحول من مجرد تدخل في الشأن السياسي إلى «شبه احتلال للبلاد».

للاطلاع على العدد 369 من جريدة الوسط.. اضغط هنا 

واقع مثل هذا يعاكس البيانات الفضفاضة لدول ومسؤولي الحكومات الليبية المتعاقبين منذ العام 2012 على البلاد، إذ جرى التشديد في كل مناسبة بمؤتمرات برلين وباليرمو وباريس وأبوظبي على ضرورة العمل لصون وحدة وسيادة ليبيا وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وطرد القوات والمرتزقة الأجانب.

ضرورة منع التدخلات الخارجية
لذلك ينصح معهد الولايات المتحدة للسلام بواشنطن بتحديد كيفية تعامل القادة السياسيين مع المواقف السيادية والتأكد من وضعها على الطاولة في أي عملية حوار مقبلة.

واعتبر أن «الخطوة الأولى لبناء السلام هي الضغط على هذه الدول للامتناع عن التدخلات الأحادية الجانب في الشؤون الداخلية الليبية، والحل لإخراج البلاد من أزمتها لابد أن يقوم على تحييد التدخل الأجنبي». وقال المعهد إن «قوى أجنبية استفادت من حالة الانقسام السياسي الذي تشهده البلاد، وأصبحت تستخدم ليبيا كورقة تفاوض لكسب النفوذ على القضايا الإقليمية والعالمية الأخرى، لا سيما أزمة الطاقة».

كما يقترح على الدول استخدام كل النفوذ الدبلوماسي والمالي والاقتصادي لردع مفسدي السلام والضغط على الأطراف الأجنبية والليبية لقبول انسحاب القوات الأجنبية.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
ورشة عمل لتمكين القيادات النسائية بالوزارات في طرابلس
ورشة عمل لتمكين القيادات النسائية بالوزارات في طرابلس
خطة أمنية «دائمة» لمدينة الكفرة والحد من النازحين السودانيين
خطة أمنية «دائمة» لمدينة الكفرة والحد من النازحين السودانيين
المقريف: باقات «اتصالات وإنترنت» مجانية ومدعومة لقطاع التعليم
المقريف: باقات «اتصالات وإنترنت» مجانية ومدعومة لقطاع التعليم
المصرف المركزي يطبع «أوراق بنكنوت» بخمسة مليارات دينار
المصرف المركزي يطبع «أوراق بنكنوت» بخمسة مليارات دينار
حكومة حماد تتمسك بتفعيل الاتحاد المغاربي بدُوله الخمس دون إقصاء
حكومة حماد تتمسك بتفعيل الاتحاد المغاربي بدُوله الخمس دون إقصاء
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم