ردت ألمانيا على الاستياء الذي أعرب عنه وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس بسبب عدم دعوة أثينا إلى مؤتمر برلين حول ليبيا المقرر في 23 يونيو، مؤكدة أن «القضية ليست ألمانية بل هي قضية للأمم المتحدة»، وذلك وسط اتهامها بالانحياز إلى تركيا في قضية المشاركة لأسباب اقتصادية.

و في أول موقف رسمي على خلفية الخلاف الدبلوماسي بين أثينا وبرلين بشأن المؤتمر، أوضحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الألمانية ماريا أديبار أن أساس مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا هو «جمع كل من شارك في مؤتمر برلين الأول الذي عقد في يناير 2020 وعملية المتابعة اللاحقة»، وفق ما كشفت جريدة «كاثيميريني» اليونانية، الأحد.

وأشارت المسئولة الألمانية إلى ارتباط قضية ليبيا بمصالح عديد المنظمات والدول، «ولهذا السبب تهتم الحكومة الألمانية بالتعاون الوثيق قدر الإمكان، سواء داخل الاتحاد الأوروبي أو مع الأمم المتحدة».

ويركز المؤتمر على عدة محاور أساسية تشمل دعم الخطوات الرامية لإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل، ومناقشة آليات سحب المقاتلين الأجانب، وتوحيد المؤسسة العسكرية.

أسس اختيار المشاركين في المؤتمر
كما أكد السفير الألماني في أثينا إرنست رايشيل، أن «الهدف من المؤتمر هو ضم الدول التي شاركت عسكريًا في ليبيا»، مشددا على أن القضية ليست ألمانية بل هي قضية للأمم المتحدة.

وعلى غرار ما وقع في المؤتمر الأول، أعربت اليونان الخميس الماضي على لسان وزير خارجيتها عن استيائها من تجاهل ألمانيا دعوتها إلى حضور مؤتمر برلين 2، ونقل هذا الانزعاج للمبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش.

وفي السياق ذاته، كشف تقرير يوناني أسباب استبعاد أثينا من المؤتمر مرة أخرى ، إذ أن المذكرة التركية الليبية البحرية الموقعة في نوفمبر 2019 بين الجانبين إحدى القضايا الرئيسية للخلاف بين اليونان وتركيا، لكن آثينا لم تتم دعوتها لحضور مؤتمر برلين بشأن ليبيا، «ورغم أن اليونان دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، اختار الألمان دعوة تركيا وليس بلادهم»، حسبما ذكر موقع «غريك سيتي تايمز»، السبت.

مؤتمر برلين الأول، الذي انعقد في يناير 2020، حضرته كل من روسيا والولايات المتحدة والصين وتركيا وفرنسا وبريطانيا والإمارات والكونغو وإيطاليا ومصر والجزائر والأمم المتحدة ووفود من الاتحاد الأوروبي و الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية.

غضب يوناني من عدم الذهاب لبرلين
وقال مدير معهد العلاقات الدولية، كونستانتينوس فيليس: «كما يحدث تاريخيًا في سياق هذا المؤتمر، بما أن اليونان لم تشارك في المؤتمر السابق ، سيكون من الصعب للغاية المشاركة الآن».

وأضاف: «من الواضح أنه بما أن اليونان ليس لها بصمة اقتصادية وعسكرية قوية في ليبيا ، فإن بعض الدول تبرر لا ترى داع لمشاركتها»، مؤكدا أن موقف ألمانيا كان سلبيا.

من جانبه، أعرب المحلل الجيوستراتيجي إفثيميوس بيترو عن وجهة النظر القائلة بأن ألمانيا لديها مصالح خاصة في المنطقة والتي من شأنها أن تختلط بالوجود اليوناني في المؤتمر وفي المنطقة بشكل عام.

كما اعتبر أن «المذكرة التركية الليبية غير القانونية تخلق وضعا في شرق البحر المتوسط، فبينما تحاول اليونان إلغاء هذا الاتفاق، قد يرى الألمان ذلك بمثابة قلب لحل المشكلة الليبية».

وتابع: «دعونا لا ننسى أن الألمان لديهم قرنان من العلاقات مع الأتراك، فبرلين فضلت العلاقات مع تركيا على العلاقات مع اليونان»، معتبرا أن «الألمان والأتراك يضغطون من أجل حقيقة أن اليونان تأخرت في إعطاء اهتمامها وأنهم يريدون عدم تدويل قضية المذكرة التركية الليبية».

هل لليونان علاقة بالوضع الليبي؟
ويرى فيليس أنه «حتى لو اعتبر الألمان أن وجود اليونان يمكن أن يخلق مشاكل بسبب الاتفاق التركي الليبي غير القانوني، فقد نسوا أن اليونان وهي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي ، لها سواحل متقابلة ومتاخمة مع ليبيا». واستدرك: «لكن حتى إذا حضرت اليونان أخيرًا في المؤتمر ، فربما لن تتحدث عن الاتفاق التركي الليبي بل ستركز على أجندة إيجابية للحل في ليبيا».

وذهب مراقبون في اليونان إلى ربط تمسك الألمان بدعوة تركيا من اجل الحفاظ على توازن في العلاقات لأسباب اقتصادية، فوفقًا للبيانات الرسمية تعد ألمانيا الشريك التجاري الأهم لتركيا وأكبر مستثمر أجنبي. وفي الوقت نفسه تستخدم أكثر من 7400 شركة ألمانية وتركية عاملة في أنقرة رأس مال استثماري ألماني.