كشفت مصادر إيطالية عن تفاصيل جديدة بشأن حادث خطف ثلاثة أجانب يعملون لصالح شركة «كونيكوس» الإيطالية للإنشاءات، في الطريق الرابط بين منطقة تهالاء وغات جنوب غرب ليبيا خلال عملية سطو مسلح تعرضوا لها نفذها مجهولون ما بين الساعة السابعة والثامنة من صباح أول أمس الاثنين.

والمخطوفون الأجانب هم الإيطاليان كاكاشي برنو فني خرسانة، ودنيلو كالينجو، إضافة إلى مهندس كندي آخر اسمه فرانك، حسب ما صرح به مدير المكتب الإعلامي للمجلس البلدي في غات حسن عيسى لـ«بوابة الوسط».

تحقيق إيطالي
وأعلن المدعي العام في روما، سيرجو كولايوكّو، فتح ملف تحقيقي في قضية خطف الموظفين لدى الجمعية الإيطالية للإنشاءات (Con.I.Cos) التقنيَين برونو كاكاتشي ودانيلو كالونيغو، في مدينة غات. فيما أعلنت كندا أنها تتابع الموقف مع المسؤولين في ليبيا.

ملف التحقيق يضم قصاصات من الصحف إلى جانب التقرير الأول لوحدة العمليات الخاصة (Ros) الذي رفعته إلى القضاء

وأضافت نيابة روما في بيان نقلته وكالة «آكي»، الثلاثاء، أن ملف التحقيق الذي «فتح رسميًا»، يضم قصاصات من الصحف إلى جانب التقرير الأول لوحدة العمليات الخاصة (Ros) الذي رفعته إلى القضاء، مؤكدة أن «الخطف وقع عند الساعة 07:30 من يوم الاثنين، بينما كان الفنيان يتجهان من مقر إقامتهما إلى محل العمل، حيث أوقفهما الخاطفون بثلاث سيارات لمنعهم من الهرب، والمواطن الكندي الذي كان برفقتهما».

وأشار البيان إلى أن «القاضي طلب من عناصر (Ros) الحصول من الشركة التي كان الفنيان يعملان فيها على جميع المعلومات التي قد تفيد التحقيق، كالاتصالات الأخيرة التي أجراها المخطَوفان بالشركة». كما «طلب من المحققين أيضًا التأكد من هوية السائق الذي تُرك في مكان الخطف، لتحديد كيفية معرفة الشركة بنبأ الخطف، وما هي القواعد الأمنية التي تتبعها هذه الأخيرة لحماية موظفيها».

وخلص البيان إلى القول إن «قاضيا يخطط لاستجواب بعض زملاء المخطوفَين، الذين عادوا إلى إيطاليا قبل أيام وذكروا أن الفنيَين قبل يومين من خطفهما رُفعت عنهما الحماية».

مصادر مقربة من شركة «كونيكوس» الإيطالية تؤكد رفع الحماية الأمنية المسلحة عن موظفي الشركة في غات قبل أيام من حادثة الخطف

رفع الحماية
ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية «آكي» عن مصادر مقربة من شركة «كونيكوس» الإيطالية أن الحماية الأمنية المسلحة عن موظفي الشركة في مدينة غات جرى رفعها قبل أيام من حادثة الخطف، دون أن توضح المصادر سبب رفع الحماية الأمنية عن موظفي الشركة في ليبيا، ولكنها أرجعت الإجراء على ما يبدو لأن المنطقة أضحت آمنة.

وعقد عميد المجلس البلدي في غات قوماني صالح قور بعد وقوع الحادث اجتماعًا طارئًا مع جميع الأجهزة الأمنية والعسكرية بالمنطقة، من أجل دراسة الموقف، الذي قال إنه «الأول من نوعه» الذي يتعرض فيه الأجانب العاملون في المنطقة للخطف.

المجلس البلدي في غات يشتبه بأشخاص قد يكونوا وراء عملية الاختطاف

واستبعد صالح قوماني، صلة تنظيم «القاعدة» بالحادث، مشيرًا إلى أن «المجلس البلدي يشتبه بأشخاص قد يكونوا وراء عملية الاختطاف»، وأكد أنه على تواصل مع المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني ومختلف الجهات الأمنية والعسكرية، وأن جهود الأجهزة الأمنية بالمنطقة مستمرة حتى يعود المخطوفون سالمين.

غياب المعلومات
من جهته، اعتبر وزير الخارجية الإيطالية باولو جينتيلوني أنه من المبكر جدًا تحديد هوية خاطفي الإيطاليين في غات، وأكد جينتلوني في مقابلة مع جريدة «لا ريبوبليكا» أمس الثلاثاء أنه يتابع الحادث «دقيقة بدقيقة منذ صباح الاثنين»، مشيرًا إلى أن وحدة الأزمات في وزارة الخارجية الإيطالية على اتصال بأسرة المخطوفين، لكنه نبه إلى «أنه ليست هناك حتى الآن أية معلومات عن الحادث».

بانيتشا: المسار الأكثر موثوقية في الوقت الراهن هي أن الأمر يتعلق بمجرمين عاديين

وفي سياق ذي صلة، استبعد مدير مدرسة المنافسات الدولية في البندقية وأستاذ مادة الدراسات الاستراتيجية بجامعة تريستي الإيطالية، أردوينو بانيتشا، أن يكون هناك دافع إرهابي وراء الحادث، وقال إن «المسار الأكثر موثوقية في الوقت الراهن هي أن الأمر يتعلق بمجرمين عاديين».

المجهول الوحيد
وأضاف بانيتشا، في تصريحات إلى وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء، اليوم الأربعاء، أن «مدينة غات تقع على الحدود مع الجزائر، حيث تتحارب قبائل الطوارق والتبو إلى جانب عصابات من اللصوص والسفاحين الذين يمارسون كل أنواع التهريب»، لافتًا إلى أن «الفرضية الأكثر موثوقية» هي وقوع المواطنين المخطوفين «بأيدي مجرمين يسعون للحصول على فدية».

وحذر بانيتشا من أن «الشيء المهم الآن هو منع وقوع فنيينا بأيدي عصابات أخرى ترتبط بتنظيم (داعش) أو (القاعدة)»، مبينًا أن «المجهول الوحيد في الأمر هو عنصر الوقت»، مطالبًا وزارة الخارجية الإيطالية باتخاذ إجراءات فورية، لتحديد مكان عملية الخطف بدقة، والتعرف على القبيلة التي ينتمي إليها الخاطفون حتى يمكن التعامل مع زعمائها.

أحد الفنيَّين المخطوفين وهو دانيلو كالونيغو، اعتنق الإسلام منذ فترة طويلة وتزوج من امرأة مسلمة

كما طالب بانيتشا، وهو أكاديمي وخبير بالشأن الليبي، من الجهات الرسمية في روما بالتحرك سريعا لتجنب المعاناة الطويلة للمخطوفين الإيطاليين «وإبعاد خطر بيعهما لعصابات أخرى، ربما ترتبط ببوكو حرام».

ولفت أستاذ مادة الدراسات الاستراتيجية بجامعة تريستي الإيطالية إلى أن أحد الفنيَّين المخطوفين وهو «دانيلو كالونيغو، اعتنق الإسلام منذ فترة طويلة وتزوج من امرأة مسلمة»، مبررًا عدم ترجيح الطابع الإرهابي لعملية خطفه، خصوصًا وأن «الإرهابيين اعتادوا قتل من يجدوه أمامهم في عملياتهم، كالسائق على سبيل المثال»، بينما «تُرك هذا الأخير على قيد الحياة»، واختتم مبينًا أن «شهادته ستكون ضرورية للتمكن من تحديد الخاطفين».