Atwasat

قائد أفغاني يهزم طالبان في «نافورة الدم» بـ«بساتين الرمان»

القاهرة - بوابة الوسط الإثنين 14 مارس 2016, 06:04 مساء
WTV_Frequency

يحمل القائد الميداني سلطان محمد بندقية، غنمها من أحد مقاتلي طالبان في منطقة جنوبية أفغانية، كانت وكرًا لمسلحي الحركة؛ حيث حقق الجيش الأفغاني انتصارًا نادرًا، فشلت في صنعه القوات الأميركية. فقد كانت «بنجاوي» وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية «فرانس برس» إحدى المناطق التي ركزت عليها خطة الرئيس الأميركي باراك أوباما لزيادة القوات المنتشرة في أفغانستان في 2009، وهدفها إلحاق الهزيمة بطالبان، إلا أن هذه المنطقة الجنوبية سرعان ما أصبحت رمزًا لفشل تلك الخطة.

ترويض معقل المتمردين
ويقول تقرير الوكالة إن بعض القادة وبينهم سلطان محمد، قائد شرطة بنجاوي الذي اشتهر بقساوته في السنوات الأخيرة، تمكنوا من فعل ما لم يتمكن منه الأميركيون، وهو ترويض معقل المتمردين الذي عرف بمسمى «نافورة الدم». وغاب مقاتلو طالبان عن هذه المنطقة من ولاية قندهار، وباتت تنتشر في حقولها بساتين الرمان التي كانت مليئة بالألغام، وأصبحت زارعة الخشخاش التي كانت مصدر تمويل للمتمردين أمرًا من الماضي.

وقال محمد الذي يتبعه مسلحون موالون «عندما كانت القوات الأميركية هنا، كان مقاتلو طالبان على بعد كيلومتر واحد من قواعدهم. والآن لم يعودوا حتى على بعد 100 كلم». وأضاف «لقد فعلنا ما لم يستطعه الجنود الأميركيون وهو تخليص المنطقة من طالبان». وللحصول على صورة أوضح للتغيير يمكن مقارنة الوضع في بنجاوي بالوضع في المنطقة الأوسع؛ حيث يتواصل جر قوات حلف الأطلسي إلى النزاع بعد عام من انتهاء مهمتها القتالية. وأصبحت ولاية هلمند المجاورة الغنية بالأفيون على حافة الانهيار.

الوضع في «بنجاوي» مختلف فالأطفال يتوجهون إلى المدارس لتعلم الجبر بدلاً من مناهج طالبان

زحف التمرد باتجاه كبرى الولايات
وتتراجع القوات الأفغانية التي تتعرض لضغوط كبيرة في المناطق الجنوبية المضطربة متخلية عن مساحات شاسعة في مناطق رئيسية إلى قوات طالبان. وبلغ عدد النازحين 1.2 مليون شخص العام الماضي بسبب زحف التمرد باتجاه مدن كبرى الولايات. لكن الوضع في بنجاوي مختلف فالأطفال يتوجهون إلى المدارس لتعلم الجبر بدلاً من تعلم مناهج طالبان، وعاد مزارعو العنب للعمل في كرومهم حتى بعد الغروب، وأصبح الزوار يأتون إلى المنطقة في رحلات صيد الطيور.

لا تجلبوا العدو حيًا
ويتحدى تحول بنجاوي معقل حركة طالبان المفهوم العام بأن قوات الأمن الأفغانية التي تعاني ارتفاع عدد القتلى بين صفوفها، إضافة إلى ازدياد حالات الفرار، لا تستطيع الوقوف وحدها دون مساعدة قوات حلف شمال الأطلسي. ويقول المراقبون إن بنجاوي لا تعاني خليطًا معقدًا من العوامل القبائلية والاقتصادية. وعلى عكس المناطق المجاورة التي تعاني العنف، فإنها لا تقع على طريق رئيسي لتهريب المخدرات. وقال مسؤول غربي يعمل في كابول لوكالة «فرانس برس» إن «عدم وقوع المنطقة على طريق رئيسي ساعدها في تحقيق انفراج أدى إلى عودة الكثير من المسلحين المتمردين إلى الزراعة».

ما تحقق في «بنجاوي» يعود بشكل أساسي إلى الرجال الأقوياء المعارضين لطالبان

إلا أن ما تحقق في بنجاوي يعود بشكل أساسي إلى الرجال الأقوياء المعارضين لطالبان، وبينهم الجنرال عبدالرازق قائد شرطة قندهار القوي، الذي يسيطر على الولاية بالحديد والنار، ويتهم بأنه يدير غرف تعذيب سرية، لكنه ينفي ذلك.

وصرح مسؤول مقرب من عبدالرازق لوكالة «فرانس برس»: «إن تعليمات عبدالرازق لرجاله بسيطة، لا تجلبوا العدو حيًا». والأسبوع الماضي أعلنت وزارة الداخلية أنها تحقق في تسجيل فيديو وحشي يظهر رجال محمد على ما يبدو يعذبون شخصًا يعتقد أنه كان سينفذ هجومًا انتحاريًا. وظهر الرجل في الشريط الذي انتشر بشكل كبير، ويداه موثقتان إلى عربة شرطة تجره على طول الطريق قبل أن تنقض عليه الحشد، ويحاول أحد الضباط عضه بشدة في ذراعه.

وبالنسبة لأنصار عبدالرازق وسلطان محمد فإن مثل هذه الوحشية جعلتهم أقوياء في مواجهة التمرد الصعب وهو الأمر المهم جدًا، أكثر من أي وقت مضى مع تدهور أفغانستان وتحولها إلى الفوضى. إلا أن نجاحهم يتسبب كذلك في مزيد من الوحشية. وقال سراج الدين أفغانمال مسؤول الشرطة، الذي يعزى إليه الفضل في التخلص من آلاف الألغام في بنجاوي، «لو أمسكت بأحد أنصار طالبان يزرع لغمًا، فسأجعله يجلس عليه لينفجر».

القوات الأميركية أمطرت «بنجاوي» بأموال المعونات، إلا أن تلك الأموال لم تتمكن من شراء الهدوء

سيارات تتحول إلى نعوش
وأثناء وجود القوات الأميركية كانت بنجاوي تعاني الألغام لدرجة أنه أصبح من الشائع السخرية بالقول إن المنطقة تزرع الألغام أكثر مما تزرع الرمان والعنب والبندورة. وعندما انتهت خطة أوباما بزيادة كثير القوات بنحو 30 ألف جندي في 2012، صنفت وزارة الدفاع الأميركية بنجاوي بين أخطر 10 مناطق في أفغانستان.

وأمطرت القوات الأميركية بنجاوي بأموال المعونات، إلا أن تلك الأموال لم تتمكن من شراء الهدوء. وتحتل الكلاب المسعورة حاليًّا عددًا من العيادات التي بنيت بتلك الأموال. وقال حجي محمد الشرطي في قاعدة بنجاوي الأميركية المهجورة «اعتقد الأميركيون أن بإمكانهم استعادة الأمن بإطلاق بالونات (استطلاعية) في الهواء». وأضاف «لكن المتمردين تمكنوا من زرع الألغام قرب قاعدتهم، التي كلما خرجوا منها بعرباتهم المدرعة، تحولت تلك العربات إلى نعوش».

وقال حجي إن السكان المحليين شعروا بالغضب عندما كان الجنود الأميركيون يدخلون منازلهم ومساجدهم بشكل يتعارض مع الحساسيات الثقافية، ودمروا البساتين التي كانت تحجب الرؤية عن بالوناتهم». وفي العام 2012 أقدم الجندي الأميركي روبرت باليس على قتل 16 مدنيًا في بنجاوي في ما اعتبر أسوأ فظاعة ترتكبها القوات الأميركية خلال عقود، مما ضاعف من المشاعر المعادية للأميركيين.

القضاء الإجباري على محاصيل الخشخاش يخلق صعوبات اقتصادية للسكان

تحذيرات من تعرض المكاسب للخطر
وحذر محللون من أن المكاسب التي تحققت في بنجاوي معرضة للخطر، نظرًا لأن القضاء الإجباري على محاصيل الخشخاش يخلق صعوبات اقتصادية للسكان، كما أن العنف يمكن أن يمتد إليها من هلمند المجاورة. إلا أن قائد شرطة بنجاوي سلطان محمد يقول إن الانتصار في المنطقة تحقق لدى خروج آخر جندي أميركي منها. وقال «بعد خروج الأميركيين لم يعد يوجد مبرر أخلاقي لدى طالبان لتوجد هنا». وأضاف وهو يحمل بندقيته «إم 4»، التي سيطر عليها من أحد المتمردين لتصبح سلاحه الشخصي «يستطيع الأجانب دعمنا بالأسلحة، لكن مكانهم ليس هنا. الأفغان وحدهم من يستطيعون كسب معركة أفغانستان».

قائد أفغاني يهزم طالبان في «نافورة الدم» بـ«بساتين الرمان»
قائد أفغاني يهزم طالبان في «نافورة الدم» بـ«بساتين الرمان»

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
أستراليا: مقتل مراهق بعد هجومه على الشرطة بسكين
أستراليا: مقتل مراهق بعد هجومه على الشرطة بسكين
قوارب الموت.. كيف حولت «جنّة أوروبا» حياة عائلات تونسية إلى جحيم؟
قوارب الموت.. كيف حولت «جنّة أوروبا» حياة عائلات تونسية إلى جحيم؟
البرازيل تسابق الزمن لإغاثة المتضررين من الفيضانات
البرازيل تسابق الزمن لإغاثة المتضررين من الفيضانات
«فرنسا ماكرون» تجرم الخطاب المؤيد لـ«حماس» بوصفها حركة مقاومة
«فرنسا ماكرون» تجرم الخطاب المؤيد لـ«حماس» بوصفها حركة مقاومة
روسيا تعلن السيطرة على قرية جديدة في شرق أوكرانيا
روسيا تعلن السيطرة على قرية جديدة في شرق أوكرانيا
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم