Atwasat

فضيحة «موبايلي» تطرح «الحوكمة» بقوة في السوق السعودية

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 05 أبريل 2015, 02:37 مساء
WTV_Frequency

في أعقاب فضيحة محاسبية لشركة اتحاد اتصالات «موبايلي»، ثاني أكبر مُشغِـل للاتصالات في السعودية، بدأ رؤساء مجالس إدارات الشركات المدرجة في السوق السعودية يعيدون النظر في أدوارهم، مما دفع المستثمرين لإعادة النظر في القوائم المالية بصورة أدق، مما يؤشر على الحاجة إلى تطبيق «الحوكمة» على الشركات السعودية المساهمة.

وكانت شركة «موبايلي» عدلت في فبراير الماضي نتائجها المالية لتظهر خسائر بقيمة 243 مليون دولار، وليس أرباحًا بقيمة 58.6 مليون دولار، حسبما أظهرت النتائج الأولية.

وتبعث الجهات التنظيمية إشارات على رغبتها في أن تشدِّد إدارات الشركات ضوابط الحوكمة وتعزِّز الرقابة الداخلية مع اقتراب فتح سوق الأسهم البالغة قيمتها 535 مليار دولار أمام الاستثمار الأجنبي المباشر.

جرس إنذار
يقول رئيس الأبحاث والمشورة لدى «البلاد للاستثمار»، تركي فدعق: لوكالة «روينرز» إن «ما حدث أطلق جرس الإنذار وجعل أعضاء مجالس الإدارات يعيدون النظر في أدوارهم ودفع المستثمرين لإعادة النظر في القوائم المالية بصورة
أدق»، وأضاف: «كما دفعنا نحن المحللين لأنْ نكون حريصين بصورة أكبر على الجلوس مع مجالس إدارات الشركات، والتدقيق في كل ما يُقال وكل ما تكتبه الإدارات».

هيئة السوق المالية تعمل على ضمان نجاح فتح السوق للأجانب وهي خطوة مهمة لخلق الوظائف وتنويع موارد الاقتصاد بدلاً عن الاعتماد على النفط

ومن بين المؤشرات على الأجواء الجديدة في السوق السعودية ارتفاع الرسوم التي يتقاضاها مراجعو الحسابات مع تنامي الطلب على خدماتهم. وقال شريكٌ بإحدى شركات المحاسبة الإقليمية تحدَّث لـ«رويترز»، مشترطًا عدم الكشف عن هويته لحساسية الأمر: «المخاطر المرتبطة بما حدث للشركات المدرجة دفع شركات تدقيق الحسابات لرفع أسعارها».

ارتفاع رسوم شركات تدقيق الحسابات
وأضاف أن أعمال شركته نمت بقوة في الأشهر القليلة الماضية، إذ بات العملاء يجدون الرسوم التي تتقاضاها شركات تدقيق الحسابات الثلاث الكبرى في السوق باهظة جدًّا. ومن بين الإشارات الأخرى على تنامي الضغوط ارتفاع الغرامات التي تفرضها هيئة السوق المالية على الشركات المدرجة لمخالفة قواعد تتعلق بقواعد الحوكمة والإفصاح.

ووفقًا لحسابات «رويترز» ارتفعت الغرامات التي فرضتها الهيئة على الشركات في الربع الأول من 2015 بنسبة 46.4% عن مستواها قبل عام لتصل إلى 1.83 مليون ريال (488 ألف دولار). وكانت الغرامات المفروضة من قبل الهيئة على الشركات المدرجة بلغت 1.25 مليون ريال في الربع الأول من 2014.

وقال مسؤولٌ آخر، طلب عدم الكشف عن هويته، إنَّ هيئة السوق المالية تعمل على ضمان نجاح عملية فتح السوق للأجانب وهي خطوة مهمة في إطار استراتيجية الحكومة الهادفة لخلق الوظائف وتنويع موارد الاقتصاد بدلاً عن الاعتماد على النفط.

وتابع قائلا: «ليس لديهم خيار آخر سوى التدخل وإلا ستفقد سوق الأسهم مصداقيتها ويحجم الناس عن الاستثمار بها»، وأضاف: «الشركات تعد نفسها لتصبح أكثر التزامًا وأكثر تنظيمًا لأنهم أدركوا أنَّهم سيتعرَّضون للمساءلة بشكل أكبر. وكلما أسرعوا في البدء في تنفيذ ذلك كانت التكلفة أقل».

من بين المؤشرات على الأجواء الجديدة في السوق السعودية ارتفاع الرسوم التي يتقاضاها مراجعو الحسابات مع تنامي الطلب على خدماتهم

وتتمتع السعودية بسمعة جيدة نسبيًّا في ما يتعلق بحوكمة الشركات في العالم العربي، وأزمة موبايلي - التي كان سببها الخطأ في توقيت الاعتراف بإيرادات أحد البرامج الترويجية والزيادة في تكوين المخصَّصات - لا تعني بالضرورة أنَّ الساحة ستشهد قريبًا سلسلة أخرى من الفضائح.

أزمة مجموعة «محمد المعجل»
وينظر مديرو الصناديق إلى هيئة السوق المالية على أنَّها واحدة من أكثر الجهات التنظيمية صرامة في الشرق الأوسط. لكن فضيحة «موبايلي» تزامنت مع أزمة لشركة أخرى هي مجموعة «محمد المعجل» للمقاولات التي واجهت أزمات مالية منذ بضع سنوات دفعت الهيئة لوقف التداول على أسهمها منذ يوليو 2012 مع تراكم الخسائر.

وفي نوفمبر الماضي قالت هيئة السوق في تعميم اطلعت عليه «رويترز» إنَّه ينبغي على الشركات المدرجة عدم التعامل مع الوحدة المحلية لشركة «ديلويت آند توش» في ما يتعلق بأعمال المحاسبة القانونية اعتبارًا من أول يونيو 2015. وجاء قرار الهيئة نتيجة قضية لإحدى الشركات تحقِّق فيها لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية. ولم تحدِّد الهيئة تلك الشركة، لكن مصادر في القطاع قالت إنَّها مجموعة محمد المعجل.

وتزايدت ضغوط السلطات على شركتي «المعجل» و«موبايلي» الشهر الماضي، مما زاد من التكهنات باحتمال محاكمة بعض الأفراد. وقالت هيئة السوق المالية إنَّها تجري تحقيقًا بشأن الاشتباه في مخالفة «موبايلي» مادتين من مواد نظام السوق المالية تتعلقان بالاحتيال والتداول بناء على معلومات داخلية.

اشتباه هيئة التحقيق في وجود مخالفات
من ناحية أخرى أحالت وزارة التجارة عددًا من أعضاء مجلس إدارة «المعجل» لهيئة التحقيق والادعاء العام على خلفية الاشتباه في وجود مخالفات لنظام الشركات، لكن الوزارة لم تحدِّد هؤلاء الأعضاء.

هناك حاجة لتأسيس هيئة مثل مجلس الإشراف على محاسبة الشركات العامة في الولايات المتحدة لتولي الرقابة على شركات المحاسبة

وقالت الوزارة في بيان: «إن القرار يأتي ضمن خطة لضبط الشركات المخالفة واتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة بشأنها لحماية أموال المستثمرين وحفظ حقوق المتعاملين وانطلاقًا من مسؤوليتها الإشرافية والرقابية على الشركات في المملكة».

ويرى محللون أنَّ هناك حاجة لإصلاحات تنظيمية على خلفية قضيتي «المعجل» و«موبايلي» في ظل عدم وضوح أدوار الجهات الحكومية المختلفة في ما يتعلق بالرقابة والإشراف على مراقبي الحسابات.

وفي الوقت الراهن تشرف وزارة التجارة على المحاسبين القانونيين، في حين تتولى الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، وهي جهة، خاصة تطوير ومراجعة المعايير المحاسبية، ويرى بعض المحللين ضرورة في تولي هيئة السوق المالية الإشراف والرقابة على تلك الأعمال.

نعمة في صورة نقمة
يقول مازن السديري، رئيس الأبحاث لدى «الاستثمار كابيتال»: «هناك تداخل في الصلاحيات مع وزارة التجارة. نحن في حاجة لتأسيس هيئة مثل مجلس الإشراف على محاسبة الشركات العامة في الولايات المتحدة لتولي الرقابة على شركات المحاسبة، ويجب أنْ تكون تحت مظلة هيئة السوق المالية»، ويتولى المجلس، الذي أشار إليه السديري، الإشراف على شركات المحاسبة الأميركية التي تدقق أعمال الشركات المدرجة.

في حين اعتبر المدير الإقليمي لشركة إدارة الأصول أشمور في الرياض، جون سفاكياناكيس: «الضجة التي تتعلق بوجود مخالفات لدى الشركات الكبرى في السعودية ستعود على السوق بالنفع من حيث لا يحتسب»، مضيفًا: «إنها نعمة في صورة نقمة»، وأكد قائلا: «سيمعن كل من المستثمرين والشركات الآن النظر في كل ما ينبغي عليهم تفاديه».

فضيحة «موبايلي» تطرح «الحوكمة» بقوة في السوق السعودية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
رئيسة المفوضية الأوروبية ستطالب بمنافسة «عادلة» خلال لقائها الرئيس الصيني
رئيسة المفوضية الأوروبية ستطالب بمنافسة «عادلة» خلال لقائها ...
أسعار النفط ترتفع بعد تضاؤل فرصة التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة
أسعار النفط ترتفع بعد تضاؤل فرصة التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة
أوكرانيا والتجارة على جدول أعمال زيارة الرئيس الصيني إلى فرنسا
أوكرانيا والتجارة على جدول أعمال زيارة الرئيس الصيني إلى فرنسا
تغريم «كوانتاس الأسترالية» 66 مليون دولار بسبب فضيحة «رحلات الأشباح»
تغريم «كوانتاس الأسترالية» 66 مليون دولار بسبب فضيحة «رحلات ...
الرئيس الفرنسي يؤكد لنظيره الصيني أهمية وجود «قواعد عادلة للجميع» في التجارة
الرئيس الفرنسي يؤكد لنظيره الصيني أهمية وجود «قواعد عادلة للجميع»...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم