Atwasat

10 أشهر من الحرب توجه ضربة قاضية للاقتصاد السوداني

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 25 فبراير 2024, 12:32 مساء
WTV_Frequency

شكّلت الحرب الدائرة في السودان منذ عشرة أشهر ضربة قاضية للاقتصاد السوداني، الذي كان أصلا مستنزفا بعد سنوات من الحروب والعزلة، مع استمرار إغلاق المصارف وتوقّف حركة الاستيراد والتصدير وانهيار قيمة العملة المحلية، وفق تقرير لوكالة «فرانس برس».

واندلعت المعارك بالبلاد في أبريل بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وخلّفت الآف القتلى، بينهم 15 ألف قتيل في مدينة واحدة في إقليم دارفور (غرب)، وفق تقديرات خبراء من الأمم المتحدة. كما أدى القتال إلى نزوح أكثر من عشرة ملايين سوداني داخل البلاد وإلى دول الجوار.

وخزّن رجل الأعمال السوداني أحمد الخير (اسم مستعار)، الذي يعمل في تصدير الصمغ العربي، قبل الحرب كمية كبيرة من الصمغ جنوب الخرطوم من أجل تصديرها. ويقول لـ«فرانس برس»: «دفعت لإخراج كمية الصمغ من العاصمة أموالا كثيرة لأفراد من قوات الدعم السريع. وعند وصولي إلى منطقة سيطرة الحكومة طُلب مني دفع رسوم أخرى».

تحمّل أحمد الخير هذه الرسوم من أجل نقل بضاعته إلى مدينة بورتسودان في الشرق، حيث الميناء الوحيد العامل في البلاد. ويضيف: «طلبت مني السلطات المحلية في بورتسودان رسوما جديدة. كما تضاعف إيجار المخازن ستّ مرات».

ويُستخلص الصمغ من عصارة صلبة مأخوذة من شجرة «الأكاسيا»، وهو مستحلب ذو أهمية كبيرة، إذ يُستخدم في صناعات شتى، من المشروبات الغازية إلى العلكة مرورا بالمستحضرات الصيدلانية.

والسودان في صدارة البلدان المنتجة للصمغ، حيث يستحوذ على نحو 70% من تجارته العالمية، بحسب الوكالة الفرنسية للتنمية. وعلى الرغم من كل هذه التكلفة، وإيصال البضاعة إلى المدينة السودانية المطلة على البحر الأحمر، لم تكف أموال رجل الأعمال السوداني لإتمام عملية التصدير، إذ يقول: «لم أستطع تصدير الصمغ حتى الآن».

- حميدتي: ناقشت مع الدبيبة رؤية حل الأزمة السودانية من جذورها 
- تحذير من «كارثة جوع مدمرة».. الأمم المتحدة: 25 مليون سوادني يعانون من سوء التغذية بسبب الحرب
- مأساة دارفور.. معارك الجيش السوداني و«الدعم السريع» تعيد ذكريات مريرة


وأفاد تقرير لهيئة الموانئ السودانية بتراجع حجم الصادرات والواردات في العام الماضي (2023) 23% مقارنة بالعام السابق له (2022).

غياب الدولة السودانية
ولا تتوقف التعقيدات عند هذا الأمر، إذ زادت معاناة المصدّرين بشكل عام إثر قرار من وزارة المالية السودانية رفع قيمة «الدولار الجمركي»، أي مؤشر تعريفة الجمارك في حال تذبذب أسعار الصرف، ليسجل 950 جنيها بدلا من 650 جنيها. ويقول الرئيس السابق للغرفة التجارية السودانية الصادق جلال: «هذا القرار بمثابة تدمير للاقتصاد».

بينما انخفضت قيمة العملة المحلية السودانية إزاء الدولار الأميركي منذ اندلاع الحرب، حيث يسجّل سعر صرف الدولار حاليا 1200 جنيه مقابل 600 جنيه في أبريل الماضي. كما أدت الحرب إلى توقف 70% من فروع المصارف في مناطق القتال، بحسب تقرير لبنك السودان المركزي، و«جرى نهب ممتلكات وأصول وموجودات البنوك».

ويوضح المحلّل الاقتصادي السوداني محمد شيخون لـ«فرانس برس»: «الحرب زادت من قتامة وضع القطاع المصرفي السوداني الذي يعاني بالفعل مشكلات هيكلية». وللعام الثاني على التوالي، لا تقرّ موازنة الدولة في السودان. ويرى الخبير الاقتصادي هيثم فتحي أن ما يحدث «يعكس الغياب التام للدولة السودانية، ما يؤثّر على الاقتصاد بكل قطاعاته».

مشروع الجزيرة
وأفاد صندوق النقد الدولي، في تقرير الشهر الماضي، بأن «الصراع في السودان أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. كما توقّف النشاط الاقتصادي في أجزاء كبيرة من البلاد، ما أسهم في استمرار معدلات النمو السالبة عقب الانكماش الحاد الذي شهده العام 2023». وقد توقعت المؤسسة المالية الدولية انكماش اقتصاد السودان لعام 2023 بـ18%.

ومع توسّع الحرب إلى ولاية الجزيرة في وسط السودان، التي تضم أحد أكبر المشروعات الزراعية في القارة الأفريقية على مساحة مليوني فدان، تراجعت المساحة الزراعية في البلاد لتصبح المحاصيل المزروعة تغطي مساحة 37% فقط من إجمالي الأراضي المهيئة للزراعة، بحسب تقرير أعدّه مركز «فكرة» السوداني للدراسات والتنمية.

ويقول المحلل الاقتصادي السوداني محمد الناير لـ«فرانس برس»: «امتداد العمليات العسكرية إلى ولاية الجزيرة أثّر على الإنتاج الزراعي في البلاد». وحذّر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، الأربعاء الماضي، من أن الحرب في السودان دفعت البلاد إلى «شفير الانهيار»، إذ تعاني الغالبية العظمى من السكان الجوع. وقال مدير برنامج الأغذية العالمي في السودان، إيدي رو، لصحفيين في بروكسل: «في هذه المرحلة، أقل من 5% من السودانيين يستطيعون تأمين وجبة كاملة في اليوم».
 

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
مجموعة السبع تدرس إقراض أوكرانيا 30 مليار يورو باستخدام الأصول الروسية
مجموعة السبع تدرس إقراض أوكرانيا 30 مليار يورو باستخدام الأصول ...
«هجوم باميان».. ضربة قوية للسياحة الناشئة في أفغانستان
«هجوم باميان».. ضربة قوية للسياحة الناشئة في أفغانستان
ما تفاصيل صفقة «إيرباص» السعودية؟
ما تفاصيل صفقة «إيرباص» السعودية؟
أسعار النفط تتراجع وسط توقعات باستمرار ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية
أسعار النفط تتراجع وسط توقعات باستمرار ارتفاع أسعار الفائدة ...
«كابيتال إيكونوميكس» تتوقع قرارا من «أوبك بلس» بشأن إنتاج النفط
«كابيتال إيكونوميكس» تتوقع قرارا من «أوبك بلس» بشأن إنتاج النفط
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم