استعرضت وكالة «بلومبرغ» الأميركية تأثير الحرب على قطاع غزة، وما نتج عنه من تفاقم التوترات في الشرق الأوسط، وقالت في تقرير نشرته أمس السبت، إن مشروع الممر الاقتصادي بين «الهند - الشرق الأوسط - أوروبا» مهدد بالتوقف.

و«الممر الاقتصادي بين الهند - الشرق الأوسط - أوروبا» مشروع اقتصادي طموح روجت له الولايات المتحدة خلال قمة مجموعة العشرين الأخيرة، يعتمد على بناء روابط من ممرات السكك الحديدية عبر الجزيرة العربية تربط بين آسيا وأوروبا عبر الشرق الأوسط.

تسريع التطبيع ومواجهة مبادرة الحزام والطريق» الصينية
لكن الهجمات التي تشنها جماعة الحوثيين في اليمن ضد سفن التجارة في البحر الأحمر، ما تسبب في اضطراب حركة الشحن في الممر الملاحي الأهم في العالم، تضع خطة الممر الاقتصادي الجديد «في مرحلة الجمود»، وهي الخطة التي تهدف إلى خدمة أغراض متعددة، أولها مواجهة مبادرة «الحزام والطريق الصينية، وبناء النفوذ في منطقة الجنوب العالمي، وتسريع التقارب المأمول بين إسرائيل والمملكة السعودية».

وردا على سؤال عما إذا كانت الصراعات الإقليمية قد أوقفت المشروع، أوضح الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، في مؤتمر صحفي، أن الجهود لوضع الأساس لا تزال مستمرة.

وأضاف: «بينما تقوم الفكرة في الأساس حول بناء خطوط سكك حديدية، إلا أنه ستكون هناك مراكز لوجستية مختلفة متعددة الأنواع على طول الطريق. نعرض كل أنواع الفرص، لتحسين البنية التحتية والتوظيف. تلك عملية تستغرق سنوات».

لكن الوكالة الأميركية نقلت، في وقت سابق، عن مصادر مطلعة على المشروع أن الحرب على غزة وتفاقم التوترات في منطقة الشرق الأوسط حولا الانتباه بعيدا عن مشروع الممر الاقتصادي.

- الصين أقرضت أكثر من تريليون دولار في إطار «مبادرة الحزام والطريق»
- «البوابة العالمية».. مبادرة أوروبية لمنافسة «الحزام والطريق» الصينية
- «الممر» الكبير.. بايدن يُطلق مشروعًا ضخمًا للسكك الحديدية والموانئ يربط بين الهند وأوروبا ويمر بالشرق الأوسط

المنافسة مع الصين
وفي إطار المنافسة مع الصين على النفوذ العالمي، وجدت الولايات المتحدة وأوروبا صعوبة في الفوز بدعم العالم النامي، بينما حافظت عديد الاقتصادات الناشئة على موقف محايد أمام الغزو الروسي لأوكرانيا، ودعمت وقف إطلاق النار في غزة، في تعارض مع الموقف الأميركي في الحالتين.

ولتعزيز نفوذها، تنخرط بلدان مجموعة السبع فيما أطلق عليه البعض «معركة العروض»، التي تطرح احتمال إقامة مشاريع بنية أساسية ملموسة بدلا من التركيز على القيم المشتركة.

وكان مشروع الممر الاقتصادي بين «الهند – الشرق الأوسط – أوروبا» من المشاريع الاقتصادية الطموح التي جرى الحديث عنها خلال قمة مجموعة العشرين، التي عقدت في سبتمبر الماضي، في لقاء جمع الرئيس الأميركي جو بايدن، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.

ورأى محللون أن «المشروع خطوة جديدة صوب الجائزة الحقيقية للإدارة الأميركية، وهو اتفاق بين المملكة السعودية وإسرائيل».

لكن التوترات المتفاقمة في الشرق الأوسط، التي تهدد بجر أطراف مثل إيران و«حزب الله» إلى دائرة الصراع، أوقفت العمل في مشروع الممر الاقتصادي، الذي يبلغ طوله ثلاثة آلاف ميل، ويمر في بلدان رفعت مستوى التأهب الداخلي بسبب التوترات الأخيرة.

الممر الاقتصادي أمام ديناميكيات إقليمية معقدة
في حين رأى محللون اقتصاديون أنه بعيدا عن التوترات السياسية بالمنطقة، فإن الممر الاقتصادي يفتقر إلى كثير من التفاصيل الضرورية لنقله إلى مرحلة التنفيذ.

وقال زميل مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، كريغ سينجلتون: «في حين أن الممر الاقتصادي يبدو واعدا بالتأكيد على الورق إلا أن الديناميكيات الإقليمية المعقدة ستشكل دائمًا تحديات في التنفيذ».

وقد أشار بايدن إلى المشروع التاريخي في عدة مناسبات منذ قمة مجموعة العشرين، وأنه يعد وسيلة لمواجهة مبادرة «الحزام والطريق». وقال الرئيس خلال مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض في أكتوبر: «سوف نتنافس على ذلك. نحن نفعل ذلك بطريقة مختلفة».