Atwasat

«التلي الإماراتية» تقاوم شبح الاندثار

القاهرة - بوابة الوسط الإثنين 01 أبريل 2024, 12:06 مساء
WTV_Frequency

بأنامل مصبوغة بالحناء، تجدل الإماراتية مريم الكلباني خيوطا مختلفة لتصنع تصميما فريدا تزين به الملابس، أمام عيون شابة ترغب في تعلم حرفة «التلي» التقليدية المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.

والتلي حرفة نسيج يدوي قديمة تمارسها الإماراتيات لإنتاج أشرطة مجدلة ملونة ولامعة، تجرى حياكتها على ياقات الأثواب التقليدية وأطراف الأكمام والسراويل النسائية. ومع مرور الزمن باتت تطرز على منتجات أخرى مثل الحقائب، وفق وكالة «فرانس برس».

إحياء التراث في الإمارات
وتقول مريم التي تدرب تلميذات وطالبات منذ 15 سنة، لوكالة فرانس برس إن «الهدف من ذلك إحياء التراث للجيل المقبل»، معتبرة «أنها حرفة أجدادنا وأهلنا، فإذا لم نبادر ونعرفهن (الشابات) عليها ستندثر».

في أحد أكشاك «مهرجان الحرف والصناعات التقليدية» في منطقة العين في إمارة أبوظبي، تراقب طالبة المحاسبة ريم الكتبي (23 عاما) يدي الحرفية السبعينية وهي تنسج على مخدة مدورة تسمى «موسدة» مثبتة أمامها على حامل معدني، خيوطا، أحدها فضي اللون. وتشرح مريم التي ترتدي عباءة سوداء وبرقعا ذهبيا تقليديا، أن التعليم "يكون نظريا في البداية وبعدها سمعيا ثم لمسيا».

تحاول ريم أن تحفظ الخطوات التي تعددها المدربة لتعيدها بدورها وتؤكد أنها بدأت تتعلم العام الماضي لتصنع تصاميم لنفسها، لكنها تتوقف في فترة الدراسة. وتقول: «كل مرة أرى فيها (التلي) أتذكر الهوية الإماراتية، هذا شيء نادر ومميز».

ولا توجد معلومات دقيقة حول الفترة الزمنية التي نشأت خلالها الحرفة. ويؤكد خبير التراث الثقافي في معهد الشارقة للتراث في الإمارات محمد حسن عبد الحافظ لفرانس برس أن «هناك في مجال التراث الثقافي غير المادي صعوبة كبيرة في تحديد تاريخ العنصر أو متى بدأ تاريخيا بالضبط». لكنه أشار إلى أن ضمن شروط تسجيل الحرفة على لائحة اليونسكو أن تكون تناقلتها أجيال متعددة "أقله من الأجداد وصولا إلى الأحفاد». 

الشابات لسن مهتمات بـ«التلي»
وتروي الحرفية مريم التي تتقن التلي منذ كانت مراهقة، أن بناتها لم يتعلمن الحرفة منها، بينما حفيدتها البالغة ثلاثة أعوام، تتربع إلى جانب جدتها أرضا وهي تضفر الخيوط، وتطرح أسئلة كثيرة عليها. وتؤكد أن إتقان التلي لا يحصل «بساعة أو ساعتين، فيمكن أن يستغرق سنة أو سنتين، لو يحصل التدريب في حصة واحدة أسبوعيا».

قد يصل عدد الخيوط المستخدمة إلى خمسين. أما أبسط التصاميم فتصنع من ستة خيوط وقد يستغرق إنتاج متر واحد فقط منه، ثلاث ساعات. ترى ريم أن الشابات راهنا "لسن مهتمات كثيرا» بالتعلم، لكنها تعتبر أن «الحفاظ على الحرف الإماراتية والتراث الإماراتي من حبي للبلاد وكي يبقى أثرها موجودا».

في الساحة الرئيسية في موقع المهرجان، تشاهد الأميركية كايتي غايمر (35 عاما) رجالا يؤدون رقصة "العيالة» التراثية حاملين عصي الخيزران أو بنادق خالية من الذخيرة، على وقع أغان شعبية حماسية. وتقول كايتي وهي مدرسة، إنها صنعت مع صديقاتها مؤخرا في «معرض خاص لتعليم التلي» مجانيا، أساور واصفة التجربة بـ"الممتعة".

في أنحاء أخرى من المهرجان، تصنع نساء حرفا مختلفة بينها «السدو» الذي يستخدم في حياكة الخيام والسجاد ورحال الإبل وهو أيضا مدرج على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي منذ 2011.

تبيع أخريات منتجات تقليدية وبينهن طالبة علم النفس ليلى اليحيائي (22 عاما) التي تساعد والدتها الطبيبة البيطرية، في تسويق عباءات ومنتجات أخرى زينتاها بالتلي. وتقول إنهما تساهمان في المحافظة على الحرفة "من خلال الهواية».

تستفيد ليلى ووالدتها من الأكشاك المجانية التي تقدمها السلطات ضمن مبادرة «سجل أبوظبي للحرفيين» الرامية إلى حماية الحرف التقليدية.

وتقول رئيسة قسم تطوير الحرف والصناعات التقليدية بالإنابة في دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي عايشة الظاهري لفرانس برس إن السجل «عبارة عن مسح ميداني لإمارة أبوظبي... نسجل فيه كل الحرفيات». وبعد التقييم، يمنحن شهادات ورخصا ويصبحن مؤهلات للمشاركة في فعاليات ولنقل الحرفة للجيل الشاب.

«التلي» على قائمة «يونسكو»
وتشير إلى أن حرفة التلي التي أدرجت أواخر 2022 على قائمة «يونسكو»، «تعتبر من الحرف القابلة للاندثار لذا حاولنا أن نستعجل للمحافظة عليها عن طريق إقامة دورات تدريبية».

وأحد أهداف المبادرة تطوير استخدام التلي لمواءمته مع العصر. وتعرض كلثوم المنصوري حقائب ومباخر وأساور وقلائد وميداليات وحلقات مفاتيح مزينة بالتلي في متجرها. عند مدخله، تجدل الثمانينية الخيوط أمام المارة وتعتبر أن الشابات لا يرغبن في التعرف على التراث لأنهن لاهيات «بالألواح الإلكترونية والهواتف». وتضيف أن التراث «يجب أن يتجدد»، سائلة "كم سنعيش نحن».

- فلسطينية تستخدم الطبخ لكي تعرف الناس على تاريخ بلادها (فيديو) 
- ابنة أديب نوبل تهدي مكتبة نجيب محفوظ الخاصة إلى مكتبة الإسكندرية 
- لجنة علمية لمراجعة مشروع ترميم هرم الجيزة الأصغر المثير للجدل

ويوضح عبد الحافظ أن الإمارات اهتمت بالحفاظ على «أنماط الحياة الاجتماعية (التي كانت موجودة) قبل تأسيس الاتحاد العام 1971... حتى بعد هجوم الحداثة ومرحلة اكتشاف النفط ورغم كل المتغيرات الاجتماعية». ويشكل الأجانب حوالى 90% من سكان الإمارات البالغ عددهم عشرة ملايين. ومن النادر جدا رؤية طابع تقليدي في شوارع الدولة الخليجية المعروفة بناطحات السحاب وغزو الرقمنة لكل مفاصل الحياة فيها.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة للحفاظ على الحرفة، يتخوف البعض من فقدانها. وتقول الإماراتية سالمة الكعبي أن التجار نقلوا الحرفة إلى المشاغل «فأصبح شراؤها أسهل، الجميع يرتديها لكن ليس الجميع يصنعها». وتضيف الأربعينية التي لم تتعلم حياكة التلي، أن «المهرجانات والمدارس ربما ما زالت تذكر فيها، لكن هناك خوفا من أن نراها يوما ما في متحف».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
بالفيديو: طريقة تطبيق مكياج يومي ناعم
بالفيديو: طريقة تطبيق مكياج يومي ناعم
بالفيديو: مشروب صباحي لإنقاص الوزن والحفاظ على جمالك
بالفيديو: مشروب صباحي لإنقاص الوزن والحفاظ على جمالك
بالفيديو: تقنية جديدة لتفتيح المسام والتخلص من السيلوليت
بالفيديو: تقنية جديدة لتفتيح المسام والتخلص من السيلوليت
بالفيديو: مشروب سحري للحفاظ على جمالك والحصول على بطن مسطح
بالفيديو: مشروب سحري للحفاظ على جمالك والحصول على بطن مسطح
بالفيديو: قناع الزبادي والموز لترطيب البشرة الجافة
بالفيديو: قناع الزبادي والموز لترطيب البشرة الجافة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم