Atwasat

نيبال تسعى لترميم إرثها الثقافي بعد الزلزال

القاهرة - بوابة الوسط الخميس 03 ديسمبر 2015, 12:10 مساء
WTV_Frequency

يجهد إيندرا كاجي شيلباكار داخل ورشته في نحت أشكال معقدة في ألواح خشبية، وهو واحدٌ من الحرفيين المهرة القلائل الذين تعتمد عليهم نيبال لإعادة ترميم تراثها الثقافي بعد الزلزال الضخم الذي ضرب البلاد في أبريل الماضي.

إلا أن العاملين في هذه الأعمال الحرفية أمثال شيلباكار وهو حرفي متمرس تتلمذ على يد والده وعمه عندما كان صغيرًا، باتوا في طور الزوال، وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية.

فالمتخصصون في النحت على الخشب والصخر وصقل المعادن ممَّن أوجدوا المعابد والقصور الرائعة في وادي كاتماندو، كان يحتفى بهم في أماكن بعيدة مثل الصين، كما كانوا يتقاضون مبالغ سخية من العائلة المالكة.

لكن على مرِّ العقود تراجع وضعهم الاجتماعي بموازاة انخفاض إيراداتهم المتأتية من حرفتهم، وبات كثيرٌ من الشباب النيباليين يرفضون الاستمرار في مهنة أهاليهم، ويفضلون البحث عن عمل أفضل أجرًا.

وقد أدى هذا الوضع إلى إفراغ البلاد من أصحاب المهارات ممَّن يعتبر عملهم أساسيًّا في إعادة بناء المعالم الضاربة في القدم في وادي كاتماندو بعدما أتى عليها زلزال أبريل.

الحرفيون يعانون نقص التقدير بحقهم ونقص العائدات من هذه المهنة

وتفاقمت هذه المشكلة خصوصًا لكون هذه الحرف كانت تعتبر تاريخيًّا بمثابة إرث حصري لبعض العائلات التي تنتمي إلى إتنية نيوار، وهي من السكان الأصليين في وادي كاتماندو.

ويستذكر شيلباكار البالغ 52 عامًا بصوته الهادئ تاريخ عائلته في هذه الحرفة، ويقول إن جميع أقاربه الذكور في الأجيال الماضية كانوا يحترفون النحت بالخشب وإنجاز لوحات منحوتة باتقان تزيِّن المعابد والمنازل التقليدية في نيبال.

حيث يعمل على ترميم منحوتات خشبية من معبد بوذي يعود إلى القرن السابع عشر، لكن كثيرين في الجيل الجديد يريدون وظائف مختلفة، وظائف مكتبية.

ويتابع شيلباكار الذي انتقلت عائلة عمه للعمل في مجال صنع الأثاث لكونه أكثر ربحًا «ليس هناك كثيرٌ من الاحترام في نيبال - ينظر إلينا كعمال وليس كفنانين».

ممالك قديمة

لكن هذا الرأي لا تشاطره منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) التي تصنف الحرف اليدوية بالحجر والخشب والبرونز لعائلات نيوار ضمن الأكثر اتقانًا في العالم.

ويعود تاريخ كثير من القصور والمعابد التي أُقيمت في وادي كاتماندو إلى الفترة ما بين القرنين الثاني عشر والثامن عشر حين كان الوادي المدرج على قائمة «يونيسكو» للتراث البشري ينقسم إلى ممالك ثلاث هي «كاتماندو» و«بهاكتابور» و«باتان».

وحرصًا من السلطات على إعادة تحريك عجلة السياحة، أُعيد فتح الساحات الملكية في كل من هذه المدن الثلاث في يونيو الماضي، رغم تحذيرات من منظمة يونسكو بإمكانية أن يؤدي ذلك إلى الإضرار بهذه المعالم.

وتضم هذه المواقع آلافًا من الآثار التي تضررت بفعل الزلزال الذي ضرب النيبال بقوة 7.8 درجة وأسفر عن مقتل تسعة آلاف شخص وتدمير نصف مليون منزل.

وأُرجئت عملية الترميم الضخمة بسبب موسم الأمطار الموسمية وأيضًا بفعل أزمة سياسية أدت إلى تجميد مبالغ بقيمة 4.1 مليار دولار كانت مرصودة لإعادة الإعمار.

يرى كاي ويز الخبير في يونيسكو أن نقص الكفاءات الحرفية سيكون من العوائق الأساسية في إعادة ترميم هذا الإرث.

ويقول: «نحاول حمل الحكومة على الإقرار بأهمية العمل الحرفي، وإرساء نظام» لتشجيع هذا القطاع.

توارث المهن الحرفية لم يعد مجديًّا

إلى جانب يونيسكو، تطالب مجموعة «كاتماندو فالي بريزرفايشن تراست» التي تأسست في العام 1991، السلطات بوضع خطة للحفاظ على المهارات الحرفية.

ويقول مديرها روهيت رانجيتكار: «لم يعد انتقال المهنة من جيل إلى آخر مجديًّا».

ويضيف: «يجب منح الفرصة للأشخاص الراغبين بتعلم هذه الحرف، يجب إنشاء مدارس لهذا النوع من الأعمال».

ويعقد الخبراء آمالهم على إنقاذ بعض الأعمال وترميمها، كما جرى بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في العام 1934.

لكن عدد الحرفيين الموجود اليوم أقل بكثير مما كان عليه آنذاك، مما يصعب مهمة ترميم هذه الآثار التي لا تقتصر أهميتها على السياحة فحسب، بل تحتل أهمية في الثقافة المحلية والمعتقدات الروحية.

إلا أن انكفاء الشباب عن العمل في هذه الحرف ومواصلة مهنة الآباء والأجداد ليس مستغربًا.

فالحرفيون يعانون نقص التقدير بحقهم ونقص العائدات من هذه المهنة.

ويقول أندرا كاجي شيلباكار: «أشعر بالاعتزاز حين أنظر إلى معبد عملت فيه، هناك شعورٌ بالرضا من كوني عملت في شيء ينفع بلدي».

لكنه يقر أنه يمكن أن يجني ضعف الإيراد لو عمل في أي مجال سياحي آخر، ولذا فهو يرغب أن يستقل ابنه عن هذه المهنة وان يشق طريقه في مجال آخر.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
شاهد في هنا ليبيا: قصة فنان تشكيلي من تمسان
شاهد في هنا ليبيا: قصة فنان تشكيلي من تمسان
المغني كينجي.. «تظاهر بالانتحار» حبًّا لأسرته
المغني كينجي.. «تظاهر بالانتحار» حبًّا لأسرته
معرض يحتفي بالألوان ويوثق ذاكرة ألعابنا الشعبية
معرض يحتفي بالألوان ويوثق ذاكرة ألعابنا الشعبية
وفاة المخرج الفرنسي لوران كانتيه عن 63 سنة
وفاة المخرج الفرنسي لوران كانتيه عن 63 سنة
فوز آية ناكامورا بثلاث من جوائز «فلام» الموسيقية
فوز آية ناكامورا بثلاث من جوائز «فلام» الموسيقية
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم