Atwasat

معرض «كاريكاتير الوسط»: عندما يصبح «الفن وثيقة»

القاهرة - بوابة الوسط السبت 24 فبراير 2024, 05:45 مساء
WTV_Frequency

إذا كان «الإبداع وثيقة» فإنه مع القياس يصبح «الفن وثيقة» وهو ما تجسد في معرض للكاريكاتير بدار الفنون للفنانين خيري الشريف وعبدالحليم القماطي، لمناسبة مرور عشر سنوات على انطلاق موقع جريدة الوسط الإلكترونية «بوابة الوسط»، والذي قص شريطه مجموعة من الصحفيين والكتاب والأدباء والنقاد يتقدمهم الكاتب الكبير أمين مازن.

الأعمال المعروضة والتي نُشِرت في جريدة الوسط وموقعها الإلكتروني «بوابة الوسط» وثقت إلى حد كبير كل مراحل العثرات والعنفوان السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي مرت به ليبيا منذ العام 2011، كما وضعت في خطوطها حصيلة عشرية حافلة بثنائية المطالب والمكاسب، أي كيف تصور الليبيون مستقبلهم قبل عقد كامل وكيف استحالت تلك الأماني إلى سلسلة من الإخفاقات تبعتها أزمات رسمتها ريشة الفنانين عبر 120 لوحة، جسدت بانوراما الوجع، من توحش التجار وارتفاع الأسعار إلى شح الوقود وطوابير الغاز، إضافة إلى ما رسمته ظلال الحروب على حياة المواطن.

شاهد على «صباح الوسط»: رسامو الكاريكاتير يحتفون بعشرية موقع وبوابة «الوسط»
معرض «كاريكاتير الوسط» في دار الفنون طرابلس
احتفاء بـ10 سنوات على انطلاق «بوابة الوسط».. دار الفنون تحتضن معرضًا للكاريكاتير (صور)

القماطي يواصل سرديته الوصفية ساخراً بمرارة من سوريالية الواقع فانتقاده الفشل في التحول الديمقراطي وتعثر ملف الانتخابات يقدمه في لوحة تجمع أباً وابنه مذيلة بتعليق «المتحف الليبي .. رواق الحقوق المنقرضة» والمقصود هنا كمثال لا حصر «حرية الإعلام، الانتخابات، الرأي والرأي الآخر» وهي للأسف استحقاقات ما زالت مؤجلة في عالم الفوضى، لذلك نرى نقلة أخرى للأب والابن في مشهد يصور ترهل البنية التحتية ولأن الوضع خرج عن السيطرة بسبب الإهمال نرى ذات الثنائي بزعانف سمكة يسبحان في الماء برعاية جملة تهكمية من الأب لإبنه «عدي ياباتي لأمك تلبسك دبش دافي .. مطر يابوي».

 وإذا كان هذا هو حال البنية التحتية فنيران المضاربة في السوق السوداء أدهى وأمر، لذا تتجه ريشة القماطي إلى أُس المشكلة بتعليق يعلو رأس رجل بكرش يقول «الدولار في ضيافة التجار». تجاورها لوحة لمواطن يشكو ارتفاع الأسعار ينظر إلى كتلة لحم معلقة في واجهة المحل ويخاطب التاجر ساخراً «كانشي نبيع كلوتي» وهو واقع الحال الذي جعل نجوم السماء أقرب للحاج المسكين من كيلو اللحم ولن يتحصل على ثمنه إلا ببيع كليته.

من جانب آخر، تناولت لوحات الفنان خيري الشريف في خط مواز كل أشكال العبث المؤسساتي وانعكاسه على الحياة المجتمعية أي رسم منعطفات الأزمات في تحولها من مشكلة إلى ظاهرة، فالشريف يخلص في نقده الكاريكاتيري إلى وضع الصورة خالية من مساحيق المكياج تحاكي ذائقة النقد الشعبي قبل النخبوي حيث تتحرك الأولى بعفوية متسلحة بمطالبها البسيطة، وهي حياة مجتمعية بعيدة عن عقد البيروقراطية الإدارية وتماسيح المال العام.

 كما تنشد هذه الذائقة النموذج المفقود في جوقة المتاجرة وهو نخب سياسية قادرة على تحمل مسؤولياتها ودفع العملية السياسية إلى استحقاقاتها وهي «الانتخابات»، ولأن اتجاهها سلك طريقاً آخر كان النقد لاذعاً ومقارباً لأسلوب تلك النخب وطريقة تفكيرها.

وبحكم أن الذائقة النخبوية تتماهى مع السائد ربما أو تحاول النظر إلى الأمور بصورة استقرائية عليا، يبقى خيري الشريف قريباً من الكيمياء الشعبية وهي تعيد صياغة مطالبها وسط المتناقضات بعد أن أصابها القلق والإحباط وتبخر أحلامها التي نادت بها مطلع 2011.

حضور فلسطيني  في خطوط الكاريكاتير
فلسطين حاضرة بقوة في خطوط الكاريكاتير مرموزة في قوى الشر الدافعة للقتل أو مشاهد القنابل التي حصدت الأخضر واليابس في غزة، كما انتقدت الأعمال صمت المجتمع الدولي الذي يماس سياسة ازدواجية المعايير، حيث قتل الأطفال في غزة مبرر كدفاع عن النفس وفي أوكرانيا إجرام وتطاول واستهتار بالمواثيق الدولية.

 وقد عمد الشريف والقماطي إلى توثيق القضية الفلسطينية كجزء من رحلة الوسط وخطها الصحفي في كشف وفضح عقلية العنف الصهيوني ومدى استخفافه بالقانون الدولي.

 «لا يمكن التفكير بإنشاء صحافة دون قانون صحافة»
الصحافة والكاريكاتير توأمان وهامش النقد الساخر لم يكن ليتوفر ربما في وجود الجريدة داخل سياج الطقس الرسمي للمطبوعات أي القطاع الحكومي، فمرونة القطاع الخاص أتاحت هامشاً للمناورة وسدت جانبا من قصور الصحفي بتناول القضايا العامة بعيداً عن حساسية التجاذبات السياسية والاصطفافات الجهوية.

إلا أن ذلك يطرح السؤال عن حاجة السلطة الرابعة إلى قوانين تواكب تطلعات الصحافة الحديثة وهو ما أشار إليه رئيس تحرير جريدة الوسط بشير زعبيه على هامش المعرض بالقول: «وضع الصحافة الليبية هو جزء من الوضع العام للبلد ولا نستطيع صنع صحافة إلا بمنظومة متكاملة أي دولة بقوانينها وأمن يحقق الاستقرار، كذلك لا يمكن التفكير بإنشاء صحافة دون قانون صحافة، فلا يعقل بقاء الصحافة الليبية مرهونة بقانون صدرسنة 1972، أي مضى عليه أكثر من نصف قرن، ولا يعقل وجود صحافة بلا نقابة للصحفيين، إضافة إلى عدم وجود ضمانة للصحفي، عدا حاجة الصحافة لمطابع حديثة تواكب التقنية، كذلك ضرورة تغيير المحتوى والاتجاه إلى صحافة حقيقية في خط يزاوج بين الصحافة الورقية والإلكترونية».

معرض «كاريكاتير الوسط»: عندما يصبح «الفن وثيقة». (بوابة الوسط)
معرض «كاريكاتير الوسط»: عندما يصبح «الفن وثيقة». (بوابة الوسط)
الكاتب أمين مازن يفتتح معرض «كاريكاتير الوسط». (بوابة الوسط)
الكاتب أمين مازن يفتتح معرض «كاريكاتير الوسط». (بوابة الوسط)
معرض «كاريكاتير الوسط»: عندما يصبح «الفن وثيقة». (بوابة الوسط)
معرض «كاريكاتير الوسط»: عندما يصبح «الفن وثيقة». (بوابة الوسط)
معرض «كاريكاتير الوسط»: عندما يصبح «الفن وثيقة». (بوابة الوسط)
معرض «كاريكاتير الوسط»: عندما يصبح «الفن وثيقة». (بوابة الوسط)
معرض «كاريكاتير الوسط»: عندما يصبح «الفن وثيقة». (بوابة الوسط)
معرض «كاريكاتير الوسط»: عندما يصبح «الفن وثيقة». (بوابة الوسط)
معرض «كاريكاتير الوسط»: عندما يصبح «الفن وثيقة». (بوابة الوسط)
معرض «كاريكاتير الوسط»: عندما يصبح «الفن وثيقة». (بوابة الوسط)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
شاهد في هنا ليبيا: قصة فنان تشكيلي من تمسان
شاهد في هنا ليبيا: قصة فنان تشكيلي من تمسان
المغني كينجي.. «تظاهر بالانتحار» حبًّا لأسرته
المغني كينجي.. «تظاهر بالانتحار» حبًّا لأسرته
معرض يحتفي بالألوان ويوثق ذاكرة ألعابنا الشعبية
معرض يحتفي بالألوان ويوثق ذاكرة ألعابنا الشعبية
وفاة المخرج الفرنسي لوران كانتيه عن 63 سنة
وفاة المخرج الفرنسي لوران كانتيه عن 63 سنة
فوز آية ناكامورا بثلاث من جوائز «فلام» الموسيقية
فوز آية ناكامورا بثلاث من جوائز «فلام» الموسيقية
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم