Atwasat

الدراما اللبنانية.. جرعة سياسية غير مألوفة في رمضان

القاهرة - بوابة الوسط الثلاثاء 18 أبريل 2023, 02:42 مساء
WTV_Frequency

برزت في المسلسلات التلفزيونية اللبنانية التي تُعرض في شهر رمضان جرعة غير مألوفة من المضامين السياسية لوحظ من خلالها أن الدراما لم تعد تكتفي بإسقاطات عامة، بل باتت تطرح المواضيع تصريحا، ومن أبرزها التوترات في العلاقة بين اللبنانيين واللاجئين السوريين.

ويشدد منتجون وكُتّاب على ضرورة أن تتطرق الأعمال الدرامية إلى المواضيع الحساسة، منها أيضا الفساد وأداء السياسيين. ويتناول مسلسل «النار بالنار» مثلا موضوع اللاجئين السوريين الذين فروا بمئات الآلاف إلى لبنان منذ بدء النزاع في بلادهم العام 2011، وتعتبر السلطات اللبنانية أن وجودهم أسهم في الانهيار الاقتصادي المستمر منذ العام 2019.

ويُبرز المسلسل ما يكنّه قسم من اللبنانيين للسوريين من مشاعر الكراهية والعنصرية، لكنه يطرح أيضا خلفيتها المرتبطة بتراكمات ناجمة عن دخول الجيش السوري طرفا في الحرب التي شهدها لبنان بين 1975 و1990، ثم تحكّم دمشق بالحياة السياسية في لبنان حتى انسحاب قواتها منه العام 2005.

وتتطرق شخصيات المسلسل بعبارات غير مسبوقة بصراحتها تلفزيونيا إلى هذا الواقع الذي ساد عقودا، فتتناول نقاطا كان يتمركز فيها الجيش السوري والحواجز التي كان يقيمها، ومقار أجهزة استخباراته، ودخوله لبنان كجزء من قوات الردع العربية للفصل بين المتحاربين، ثم ضلوعه في النزاع مع فريق ضد آخر.

ويقول اللبناني عزيز (الممثل جورج خباز) الذي خُطف والده على حاجز سوري، في مشهد من المسلسل للاجئة مريم (الممثلة كاريس بشار): «نحن طلبنا دخولكم على أساس قوات ردع عربية فأصبحتم بحاجة لمن يردعكم، ومكثتم عندنا 30 سنة وعندما انتهت الحرب بقيتم على قلوبنا كالكابوس». وفي مشهد آخر، ينتقد مقولة «شعب واحد في بلدين» الشهيرة للرئيس الراحل حافظ الأسد.

ويقول صادق صبّاح، صاحب شركة «سيدرز آرت برودكشن» التي أنتجت العمل: «هذا نقاش قائم في لبنان. إذا صورّنا أي حيّ من أحياء بيروت، نرى ما نشاهده حاليا في المسلسل». ويحفل «النار بالنار» أيضا بحوارات ومشاهد تعكس تبعات الانهيار الاقتصادي الذي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم.

ويصل الأمر بجميل (الممثل طارق تميم) إلى حدّ محاولة إحراق نفسه في الشارع تعبيرا عن يأسه، في حين تقتحم سارة (الممثلة زينة مكي) مصرفا لتحرير وديعتها بقوة السلاح، في استعادة لمشاهد حصلت فعلا في لبنان نتيجة فرض المصارف منذ بدء الانهيار قيودا مشددة على سحب الودائع أو تحويلها إلى الخارج.

وشهد مسلسل «وأخيرا»، وهو أيضا من إنتاج شركة صبّاح، مشهداً مماثلاً، إذ يقتحم ياقوت (الممثل قصيّ خولي) أحد المصارف ليتمكن أيضا من سحب أمواله كي يطبّب والده. ويروي المنتج صادق صبّاح «حين قرأت مشهد المصرف، لم أشأ أن أصوره، لكني أدركت أنه يتكرّر في لبنان، فاعتمدناه للإضاءة على مشاكل المجتمع للسياسيين الموجودين في غيبوبة».

«الاختباء خلف الإصبع»
وحمل الموسم الثالث من مسلسل «للموت» مشاهد مرتبطة بالواقع السياسي، يظهر في أحدها محمود (الممثل وسام صبّاغ) المرشح إلى الانتخابات النيابية، وهو يتحدث عن محاربة الفساد، وينتقد «الوعود الكاذبة» للأحزاب السياسية.وتقول كاتبة سيناريو «للموت» ندين جابر: «محمود من الشعب لا ينتمي إلى أي حزب سياسي يمثّل المرشح المنفرد الذي يرفض أداء كل السياسيين، ويحارب بكل ما أوتي ليتمكن» من الفوز في الانتخابات. 

وتذكّر جابر بأنها صوّبت في الموسمين السابقين من المسلسل الذي أنتجته شركة «إيغل فيلمز» على الموضوع الاقتصادي «وتَلاعُب الطبقة السياسية بالبلد في وقت يعاني فيه الناس الجوع»، وبأنها تناولت «نقص الأدوية وتهريب البنزين» وسوى ذلك. وتضيف «أردت في الجزء الثالث أن أتابع تسليط الضوء على هذه المواضيع ولكن بطريقة جديدة».

ويرى صبّاح أن «الدراما هي مرآة المجتمع»، ويقول «لدينا توجّه إلى تناول هموم وطننا.. حان الوقت لأن نقول الأمور كما هي بالنسبة إلى المسائل التي نعانيها منذ أربع سنوات. لا يمكن أن نظل مختبئين خلف إصبعنا». ويضيف «لم أعد أتشجع على أن أقدّم في هذا الزمن قصة حبّ أو خيانة».

«الرقابة تفهّمتنا»
ويوضح الإعلامي والناقد جمال فياض أن «المسلسلات اللبنانية كانت تتضمن دائما إسقاطات، أحيانا تكون غير مباشرة.. لكنها باتت اليوم تتطرّق بشكل أكبر إلى الجانب السياسي». ويرى فياض أن «الجديد» اليوم يكمن في «مواكبة هذه الأعمال على الشبكات الاجتماعية»، مما يوسّع دائرة النقاش.

وفجّرت بعض مشاهد هذه المسلسلات بالفعل سجالات على الشبكات، وأشاد البعض بإبراز «النار بالنار» مثلاً عنصرية بعض اللبنانيين حيال السوريين، في حين تناقل آخرون مقتطفات تُبرز التذكير بدور القوات السورية في لبنان. وترى كاتبة «للموت» ندين جابر أنْه «ليس من الضروري أن يكون كل المسلسل وعظا أو رسائل، ولكن يمكننا أن نمرّر بين الخيال والتشويق آراء معينة».

وفي موازاة فرض الواقع السياسي والاجتماعي نفسه على المنتجين والكتّاب والمخرجين، بدا أنّ شيئا ما تغيّر في تعاطي أجهزة الرقابة الحكومية التي درجت تقليديا على تجنّب الإشارات المباشرة إلى المواضيع السياسية. ويذكّر فياض بأن الرقابة «كانت خلال حقبات معينة أكثر تشددا ببعض الأمور». ويوضح صبّاح أن «الرقابة تفهّمتنا. حصل نقاش والرقيب لا يستطيع أن يقول إن ما يُصوّر ليس صحيحا».

في الوقت ذاته، تفرض ضرورات التسويق نوعا من «الرقابة الذاتية» أحيانا. ويقول فياض «لا يمكن للمنتج أن يقترب مثلاً من موضوع يمس بعض دول المنطقة لأن محطاتها لن تشتريه. أما الواقع السياسي في لبنان فمباح ومتاح».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
شركة يابانية تستخدم الذكاء الصناعي لترجمة قصص المانغا
شركة يابانية تستخدم الذكاء الصناعي لترجمة قصص المانغا
سويسرا تفوز بمسابقة يوروفيجن
سويسرا تفوز بمسابقة يوروفيجن
تغيير في رئاسة تحكيم «أسبوع النقاد» بمهرجان كان
تغيير في رئاسة تحكيم «أسبوع النقاد» بمهرجان كان
خسائر مالية بصالات الحفلات الموسيقية في بريطانيا
خسائر مالية بصالات الحفلات الموسيقية في بريطانيا
«الثقافة الفلسطينية» تنفذ مشروع «المرسم المفتوح» في غزة
«الثقافة الفلسطينية» تنفذ مشروع «المرسم المفتوح» في غزة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم