Atwasat

أكاديمية طرابلسية تسعى لإحياء تقليد صياغة المعادن الثمينة

القاهرة - بوابة الوسط السبت 09 يوليو 2022, 04:30 مساء
WTV_Frequency

يسعى ليبيون لإنقاذ حرفة مهددة بالانقراض، حيث يلف شبان خيوطًا فضية دقيقة ثم يلحمونها ويصنعون منها مجوهرات تقليدية، تحت نظر مدربهم.

عبد المجيد زغلام (12 عامًا)، هو أصغر طلاب الأكاديمية الليبية للصناعات التقليدية للذهب والفضة، لكنه أضحى حرفيًا متمرسًا يشيد أقرانه بأعماله ذات الدقة الاستثنائية، وفق «فرانس برس»، السبت.

ويقول الفتى بخجل: «ترددت في البداية خوفًا من الفشل بسبب صغر سني، لكن والدتي شجعتني».

- لحماية حرفة مهددة.. تسويق الفخار الليبي عبر الإنترنت (صور)

ومثل زملائه في الفصل، تعلم هذا التلميذ طريقة العمل على «سبائك الذهب والفضة قبل صنع المجوهرات»، وهو نشاط يقول إنه «أحبه كثيرًا» وينوي إتقانه لجعله وظيفة بدوام جزئي.

مثله، يحضر قرابة عشرين طالبًا بينهم تسع نساء، إلى ورشة تشغل بضعة أمتار مربعة فقط، في ما كان في الماضي القنصلية الفرنسية في ظل الإمبراطورية العثمانية، على مقربة من قوس ماركوس أوريليوس، أشهر المواقع الأثرية الرومانية في طرابلس.

ويقول محمد الميلودي (22 عامًا) «إنها هواية، ولكن في المستقبل أريد أن أجعلها وظيفتي».

يمد طالب الهندسة المدنية ويلوي شرائط فضية طويلة ورفيعة. ويقول إنه لم يفوِّت أي فصل دراسي منذ التحاقه بالأكاديمية.

ويوضح رئيس الأكاديمية للصناعات التقليدية، عبد الناصر أبوغريس، أن هذا الفن «يعتبر تقليدًا قديمًا في ليبيا، حيث صُنعت المجوهرات الذهبية والفضية على يد حرفيين في مدينة طرابلس، ودربهم أساتذة يهود ثم عرب في مدرسة الفنون والحرف المرموقة»، التي تأسست نهاية القرن التاسع عشر.

وفي رصيد أبو غريس، المولود في قلب المدينة القديمة قبل 55 عامًا، أربعون عامًا من الخبرة والدراية الفنية الموروثة من والده. ويسعى بشغف لنقلها إلى الأجيال الشابة.

مصادرة
عندما وصل إلى السلطة في العام 1969، حارب الزعيم السابق معمر القذافي القطاع الخاص، وصادر الشركات والمتاجر والمنازل.

وبين ليلة وضحاها، فقد الحرفيون العاملون لحسابهم الخاص كل شيء: ورش عملهم وسبل عيشهم وطلابهم، وبدأت مرحلة من الانحدار والتراجع في حرفة إنسانية قبل أن تكون اقتصادية.

ويستذكر الحرفي الخمسيني خلال فرزه المطارق والأزاميل، أن «الدولة قضت على الحرف اليدوية الليبية، وأجبرت جيل المتدربين الشباب الذين كانوا سيرثون هذه الحرف على ترك المهن التقليدية للالتحاق بالجيش»، أو العمل في الخدمة المدنية.

و«اختفت معظم الحرف التقليدية»، لا سيما تجارة الذهب والفضة التي كانت مصدر فخر لسكان طرابلس الذين كانوا يزودون المناطق الليبية الأخرى بالحلي والمجوهرات، وفق «فرانس برس».

ويقول أبوغريس: «المجوهرات والإكسسوار ذات النوعية المتدنية، المستوردة من مصر أو الصين، غمرت السوق»، فيما تباع آخر المجوهرات القديمة في متاجر محببة لدى السائحين والمغتربين.

وتعتبر الأربعينية فاطمة بوصوة أن رؤية مئات الكيلوغرامات من المجوهرات تُنقل إلى خارج البلاد في كثير من الأحيان لصهرها مجددًا خارج ليبيا، أمر «مؤلم» لأن هذه القطع «جزء من التراث الحرفي الليبي الآخذ في الزوال».

تدريب الحرفيين
وتؤكد طبيبة الأسنان التي تتدرب منذ أكثر من عام في الأكاديمية: «يجب علينا تدريب الحرفيين بسرعة للحفاظ على تراثنا». وتشكل هذه الحرفة هواية وحتى «شغفًا» لهذه الأستاذة الجامعية.

ويتطلب احتراف هذا المجال سنوات من التعلم. لكن بفضل الحماس الذي نقله إليهم مدربهم الحرفي، بدأ طلاب عبد الناصر أبوغريس بالفعل في إنتاج مجوهرات تباع عبر الإنترنت أو في ورشة العمل.

وتقول بوصوة: «لدينا ما يلزم لتأمين الاستمرارية (...)، كل ما تحتاجه هو أشخاص متحمسون»، مشيرة في الوقت عينه إلى ضرورة الحصول على «دعم مالي» لتغطية تكاليف المواد الأولية الباهظة، وعلى «دعم معنوي» لهذه المهنة حتى تستعيد مجدها السابق.

ولا ينوي أبوغريس الذي يملك خبرة تجاوزت 40 عامًا، التوقف عند ورشة العمل الصغيرة في المدينة القديمة بالعاصمة، بل يعتزم «فتح مراكز تدريب في مدن ومناطق أخرى» في ليبيا... فقد «حان الوقت لإحياء هذه المهنة» قبل اختفائها إلى الأبد.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«مئة عام من العزلة» لغارسيا ماركيز على منصة «نتفليكس» قريبا
«مئة عام من العزلة» لغارسيا ماركيز على منصة «نتفليكس» قريبا
جائزة «غونكور» في بلاد أورهان باموك تعكس استمرارية الفرنكوفونية في تركيا
جائزة «غونكور» في بلاد أورهان باموك تعكس استمرارية الفرنكوفونية ...
عميل سابق في الموساد كتب رواية مطابقة لهجوم حماس على إسرائيل قبل سنوات قلِق على المستقبل
عميل سابق في الموساد كتب رواية مطابقة لهجوم حماس على إسرائيل قبل ...
وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما
وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما
إطلاق طوابع بريدية خاصة بالمواقع التاريخية الليبية في قائمة «إيسيسكو»
إطلاق طوابع بريدية خاصة بالمواقع التاريخية الليبية في قائمة ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم