Atwasat

لإطعام جيرانهم.. سودانيون يخاطرون بحياتهم تحت القصف

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 24 مارس 2024, 01:38 مساء
WTV_Frequency

يبعد مطبخ سامح مكي الشعبي 100 متر فقط عن السوق التي يشتري منها احتياجاته، ولكنه غالبا ما يحتاج إلى ساعتين للوصول إليها محاولا تجنب النيران المتبادلة بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في صراعهما على السلطة بالسودان منذ 11 شهرا.

على الرغم من ذلك، جازف مكي (43 عاما)، الموظف السابق في منظمة غير حكومية، مرات عدة من أجل شراء ما يلزم لتوفير الطعام لنحو 150 أسرة فتح لها مطبخ منزله العائلي.

منذ اندلاع الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، الحليفين السابقين، في 15 أبريل 2023، أقام المئات على غرار مكي مطاعم توفر الطعام مجانا في مختلف أنحاء السودان، أحد أفقر بلدان العالم الذي بات على شفا المجاعة، إن لم تكن قد تمكنت منه بالفعل، وفق المنظمات الإنسانية.

الطبخ في المنازل
يقول عبدالغفار عمر، وهو منسق لأحد هذه المطاعم منذ الأيام الأولى للحرب: «بدأ شباب في الطبخ بمنازلهم، وتوزيع الوجبات مجانا على جيرانهم»، بينما استحالت الخرطوم ومناطق أخرى «مدن أشباح» بسبب النزوح الذي خلّف «أكبر أزمة نازحين في العالم»، وفق الأمم المتحدة.

انطلقت هذه العمليات بسرعة، لأن السودانيين كانوا منظمين منذ فترة. ففي أثناء التظاهرات ضد نظام الرئيس السابق عمر البشير، الذي أُسقط في 2019، تشكلت «لجان مقاومة» في كل حي، لتنظيم الاحتجاجات. وجرى تفعيل هذه اللجان بعد الانقلاب الذي نفذه قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في العام 2021.

- الأمم المتحدة: السودان يواجه «أسوأ الكوارث الإنسانية» في التاريخ الحديث 
-  وثيقة أممية: 5 ملايين سوداني مهدّدون بـ«انعدام أمن غذائي كارثي»
- «برنامج الأغذية» يحذر من توقف المساعدات للاجئين السودانيين في تشاد


وفي 2020، نظمت تلك اللجان حملة مكافحة فيروس «كورونا». واليوم باتت تشكل آخر شبكة أمان لنحو 48 مليون سوداني أصبحوا بلا دولة ولا بنية تحتية ولا خدمات أساسية. ففي «قاعات التدخل السريع» الموجودة في جميع أنحاء البلاد، يجمع أطباء ومهندسون وخبراء متطوعون تبرعات، ويضعون قوائم بالأسر التي تحتاج المساعدة، وأسماء الجرحى من أجل توجيههم إلى المطاعم الشعبية المجانية،والمراكز الطبية الميدانية.

مساعدة أربعة ملايين سوداني محاصرين
تقول الأمم المتحدة، العاجزة عن الوصول إلى المدنيين العالقين خلف خطوط القتال، إن هؤلاء المتطوعين يساعدون أربعة ملايين سوداني محاصرين بسبب الحرب بين «البرهان» و«دقلو».

وفي الخرطوم، يتناول عشرات آلاف المواطنين يوميا أطباق أرز وفاصولياء أو عدس بفضل هذه المطابخ العامة، بحسب ما أوضح لوكالة «فرانس برس» الكثير من المتطوعين. ويقول برنامج الأغذية العالمي إن «أقل من 5%» من السودانيين يمكنهم أن «يوفروا لأنفسهم وجبة كاملة».

وفي أم درمان، ينجح مكي وآخرون أحيانا في تنظيم توزيع وجبات مجانية في مسجد. لكن هذا غير ممكن في منطقة بحري، الضاحية الشمالية للخرطوم، المحاصرة جراء الصراع. ويقول أحد المتطوعين لـ«فرانس برس»، طالبا عدم الكشف عن هويته: «إننا نوزع الطعام مختبئين».

ويشرح أن الجيش يعد بحري «قلعة لقوات الدعم السريع، وأن أي إمدادات غذائية تستفيد منها تلك القوات». من ناحية أخرى، تصادر وتنهب قوات «الدعم السريع» أي إمدادات تصادفها. ويضيف محمود مختار للوكالة الفرنسية: «لا يمكننا نقل كميات كبيرة من الطعام دفعة واحدة حتى لا نلفت انتباه قوات الدعم السريع».

المطابخ العامة تتعرض للقصف في السودان
فقد مختار، الذي لجأ إلى القاهرة بعدما كان في صفوف المتطوعين في بلده، الكثير من رفاقه. ويقول وهو يحاول تمالك دموعه: «هناك ناس قتلوا واغتصبوا واحتجزوا وضربوا». ويتابع: «المطابخ العامة تتعرض للقصف من قِبل الطرفين المتحاربين»، مستطردا: «لكن ليس أمامنا خيار. من دونها سنموت من الجوع».

لكن تحتاج هذه المطابخ، للاستمرار في العمل، إلى توافر مخزون من السلع. ويقول المنسق عمر: «نحشى دائما ألا يكون لديها هذا المخزون»، مؤكدا أن المطابخ لديها عادة كميات تكفي أسبوعين فقط، خوفا من النهب، وبسبب نقص السيولة أيضا في بلد كان التضخم فيه جامحا حتى قبل اشتعال الحرب.

في فبراير عندما انقطع الإنترنت، توقف التطبيق المستخدم في السودان للدفع إلكترونيا عن العمل. بعد ذلك بأسبوعين، توقفت الكثير من هذه المطاعم المجانية عن تقديم خدماتها.

وفي مارس، عاودت نصف المطابخ المغلقة العمل. لكن مع استمرار انقطاع الاتصالات في الخرطوم، يضطر المتطوعون للقيام برحلات طويلة، للوصول إلى منطقة يمكنهم فيها الاتصال بالإنترنت، والحصول على نقود، ومن ثم يتعين عليهم في طريق العودة تجنب نقاط التفتيش والرصاص المتبادل حتى يتمكنوا من الاحتفاظ بالسيولة التي بين أيديهم من أجل شراء المواد الغذائية.

يشرف مكي الآن من القاهرة على جزء من التحويلات، بعدما اضطر للسفر من أجل معالجة ابنته المصابة بالسكري. بينما تولت والدته الستينية إدارة المطبخ الذي كان مسؤولا عنه في أم درمان. ويقول: «لا يهم أن نقتل أو نضرب أو يجرى اعتقالنا. المهم هو أن يأكل الناس».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
حماس «تدرس» رد الاحتلال على مقترح بشأن الهدنة في غزة
حماس «تدرس» رد الاحتلال على مقترح بشأن الهدنة في غزة
37 مليون طن أنقاض في قطاع غزة يستغرق إزالتها 14 عامًا
37 مليون طن أنقاض في قطاع غزة يستغرق إزالتها 14 عامًا
اعتقال 100 شخص خلال تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين بإحدى جامعات بوسطن
اعتقال 100 شخص خلال تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين بإحدى جامعات بوسطن
«حزب الله» يستهدف موقعين عسكريين إسرائيليين بالمسيرات والصواريخ الموجهة
«حزب الله» يستهدف موقعين عسكريين إسرائيليين بالمسيرات والصواريخ ...
«القسام» تعرض مشاهد لأسيرين إسرائيليين يدعوان لمواصلة التظاهر ضد نتنياهو للإفراج عنهما
«القسام» تعرض مشاهد لأسيرين إسرائيليين يدعوان لمواصلة التظاهر ضد ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم