اقترب العام 2023 من نهايته لكن لن ينتهي كما بدأ، فالدماء التي سالت في قطاع غزة خلال أقل من 3 شهور وكمية المجازر الوحشية التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي لم تكن مسبوقة، وخلفت حتى الآن أكثر من 20 ألف شهيد ونحو 55 ألف مصاب، فضلًا عن الآلاف الذين ما زالوا تحت الأنقاض .

آلة القتل الجماعي في غزة لم تفرق بين المدنيين أو الكوادر الطبية، أو الصحفيين أو العاملين التابعين للأمم المتحدة والذين سقط منهم 136 شهيدًا، وفق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس.

فيما أفادت جريدة «واشنطن بوست» الأميركية، السبت، نقلًا عن صور أقمار صناعية وتقييمات أممية أن العدوان الإسرائيلي على غزة، خلَّف دمارًا غير مسبوق لا مثيل له في هذا القرن، حيث دمر كيان الاحتلال في شمال غزة خلال 7 أسابيع، ما يقرب من ضعف عدد المباني التي دُمِّرت في ‎حلب السورية خلال 3 سنوات.

وأكد خبراء تحليل بيانات الأقمار الصناعية أن العدوان العسكري المستمر على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي من بين الحروب الأكثر دموية ودمارًا في تاريخ البشرية الحديث.

- 80 يوما من العدوان الإسرائيلي.. غارات لا تتوقف ورائحة الموت لا تغيب عن هواء غزة
- «الأورومتوسطي»: الاحتلال الإسرائيلي يرتكب عمليات تصفية جسدية واعتقالات وتنكيلًا بحق نازحين بغزة

ونقلت وكالة «أسوشيتد برس»، في تقرير نشرته الجمعة، أنه خلال شهرين تقريبًا أنزل العدوان الإسرائيلي دمارًا في غزة أكبر من العمليات العسكرية في مدينة حلب السورية التي امتدت بين العامين 2012 – 2016، وأكثر من حملة القصف التي شنها الحلفاء على ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، وقتل مدنيين أكثر من العمليات التي قادتها الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش»، واستمرت ثلاث سنوات تقريبًا.

وبينما يشير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن، في أحدث إصدار من مسحه السنوي الرسمي للصراعات المسلحة حول العالم، أن العام الجاري 2023، شهد 183 حربًا وصراعًا إقليميًا ودوليًا - وهو أعلى رقم منذ ثلاثة عقود – لكن لم يكن فيها حرب أكثر دمارًا وشراسة مثل العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي تسبب في نزوح قرابة 1.8 مليون مواطن من الشمال إلى الجنوب، وهو ما يمثل نحو 90% من سكان القطاع، بحسب الناطق باسم الهلال الأحمر الفلسطيني عبدالجليل حنجل، في تصريحات أخيرًا.

حصار وتخوفات من وقوع مجاعة بين السكان
الدمار الذي حل لم يكن فقط في البنية التحتية وإعمال آلة القتل الإسرائيلية في أهالي قطاع غزة فقط؛ بل أيضًا كان التجويع هو إحدى أدوات القتل البطيء لأغلب سكان القطاع في ظل حصار خانق زادت حدته مع انطلاق العدوان في السابع من أكتوبر الماضي، فيما حذَّرت الأمم المتحدة من خطر تفشي المجاعة في غزة، حيث يواجه السكان المحاصرون تحت القصف الإسرائيلي المتواصل الجوع والأمراض والغارات الصهيونية المتواصلة.

وبينما تحدث وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، عن إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة، وهو ما لاقى تنديدًا عالميًا، كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أسقط أكثر من 25 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة، بما يعادل قنبلتين نوويتين.

وأفادت شبكة «سي إن إن» الأميركية بأن الاحتلال أسقط مئات القنابل وزنها ألفا رطل على غزة، مشيرة إلى أن الصور تظهر أكثر من 500 حفرة ارتطام قطرها 12 مترًا.

«معدل قتل لم يسبق له مثيل خلال هذا القرن»
فيما قال حامد داردجان من مشروع إحصاء الجثث في العراق، وهي منظمة تسجل الوفيات الناجمة عن العنف جراء الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق العام 2003، إن «معدل الوفيات بين المدنيين، بما لا يقل عن 200 شخص يوميًا منذ السابع من أكتوبر، باستثناء الهدنة التي استمرت أسبوعًا، لم يسبق له مثيل في هذا القرن، ولم نشهده في ذروة الغزو الأميركي للعراق»، بحسب تقرير لوكالة «رويترز».

وعلى مستوى المدنيين، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية الأحد، أن عدد شهداء غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل اقترب من 21 ألف شهيد و55 ألف مصاب، أغلبهم من النساء والأطفال والمسنين.

وفي جرائمه ضد القطاع الصحي الفلسطيني وعلى وقع اقتحام عشرات المستشفيات في انتهاك للقانون الدولي والإنساني، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أيضًا أن العدوان الإسرائيلي خلف حتى الآن 310 شهداء من الكوادر الصحية وتدمير 102 سيارة إسعاف وخروجها عن الخدمة، مع استهداف 140 مؤسسة صحية وإخراج 23 مستشفى و53 مركزًا صحيًا عن الخدمة.

من جانبه، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، أمس السبت، أن 136 موظفًا أمميًا استُشهدوا في قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ نحو 3 شهور.

وقال غوتيريس «قُتل أكثر من 136 من زملائنا في غزة خلال 75 يومًا، وهو شيء لم نره من قبل في تاريخ الأمم المتحدة».

فيما كشف المكتب الإعلامي الحكومي الفلسطيني في قطاع غزة، سقوط 92 صحفيًا شهيدًا خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع، منذ السابع من أكتوبر الماضي، ونشر المكتب أسماء الصحفيين الشهداء، وبينهم 11 مراسلة وصحفية، في رقم غير مسبوق في النزاعات المسلحة، خلال القرن الحالي أو حتى الماضي الذي شهد الحربين العالميتين الأولى والثانية.