Atwasat

في مخيم الزعتري.. جيل جديد من الأطفال اللاجئين السوريين ولد في المنفى

القاهرة - بوابة الوسط السبت 29 أكتوبر 2022, 08:50 صباحا
WTV_Frequency

بعد أكثر من عشر سنوات على اندلاع النزاع في بلدها سورية العام 2011، تنتظر هديل ولادة طفلها الثالث في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن ليكون واحدا بين أكثر من مليون طفل سوري وُلدوا في المنفى منذ بداية الأزمة.

وصلت هديل (وهو اسم مستعار) (25 عاما) إلى المخيم الذي يأوي اليوم نحو ثمانين ألف لاجئ نصفهم أطفال، قبل عشر سنوات من محافظة درعا، مهد الثورة السورية التي قامت ضد النظام قبل أن تتحول نزاعا داميا، برفقة عائلتها وتزوجت في المخيم من لاجئ سوري ورزقت منه بطفلين يبلغان ست وسبع سنوات.

وتقول المرأة الحامل في شهرها السادس والتي حضرت إلى عيادة داخل المخيم لإجراء فحوصات دورية، لوكالة «فرانس برس»، «كنت آمل أن أكون في بيتي، في بلدي، لكن شاءت الأقدار أن أكون هنا وأن أتزوّج هنا وأن ألد أطفالي هنا بعيدا عن بلدي».

وفق أرقام الأمم المتحدة، هناك اليوم أكثر من 5.6 مليون لاجئ سوري مسجلين في تركيا ولبنان والأردن ومصر والعراق، بينهم 675 ألفا في الأردن، لكن السلطات الأردنية تقدّر العدد بـ1.3 مليون.

«أين هي سورية؟»
وتقول المرأة التي ارتدت حجابا أسود وثوبا بنيا غامقا «طفلاي كبرا وصارا يسألانني عندما يسمعانني أتحدث عن سورية: ماما أين هي سورية؟ ولِم نحن نعيش في هذا المكان؟».

وتتابع بنبرة حزينة «أحاول أن أشرح لهما أن هذا المكان ليس بلدنا، نحن لاجئون، بلدنا هناك في سورية، لكنهما لا يزالان صغيرين، ويصعب عليهما فهم كلامي هذا».

وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يبلغ عدد الأطفال السوريين المولودين كلاجئين في الأردن، 168500 منذ العام 2014، في حين أن هناك أكثر من مليون طفل سوري ولدوا في المنفى، ويواجه الكثير منهم حياة يغلب عليها الفقر وعدم الاستقرار، وتنتشر فيها عمالة الأطفال والزواج المبكر، إضافة إلى أن فرص حصولهم على التعليم غير مضمونة.

في الزعتري، يعيش الأطفال في ظروف صحية صعبة في بيوت متنقلة (25 ألف كرفان) غالبا، في منطقة صحراوية مزدحمة تنتشر فيها عربات تجرها الحمير ودراجات هوائية وتبعد نحو 20 كلم عن الحدود السورية.

وتقول هديل «قبل ثلاثة أشهر، قرّر ابن عمي العودة إلى درعا بعد أن ضاق ذرعا بهذا المكان، غادر وترك خلفه زوجته وأطفاله الخمسة في المخيم، ذهب ليستطلع الوضع. بعد أقلّ من شهر، سمعنا أنه قتل دون أن نعرف الأسباب». وتتابع «الوضع الأمني يجعلنا نفكّر ألف مرة قبل العودة».

في قسم الولادات في العيادة التي يديرها صندوق الأمم المتحدة للسكان، والذي علقت على جدرانه لافتات تشجع النساء على الرضاعة الطبيعية، تجول القابلة أمون مصطفى (58 عاما) على خمس نساء ولدن أطفالهن في يوم زيارة «فرانس برس» إلى المكان.

وتقول مصطفى التي تعمل في العيادة منذ افتتاح المخيم في العام 2012، «نقوم بتوليد ما بين خمس وعشر نساء كل يوم. مع ولادات اليوم، أصبح مجموع الولادات في العيادة 15 ألفا و963. انظروا، لقد دونت الرقم على راحة يدي».

وتضيف وقد علت شفتاها ابتسامة «أنا أعرف أغلب نساء المخيم وأطفالهن»، متابعة «إحداهن ولدت أربعة أطفال في المخيم، وأخرى ولدت خمسة في المخيم، وثالثة ولدت توأمين».

ويعمل في العيادة أربعة أطباء و 21 قابلة وسبع ممرضات وأخصائيو مختبر وصيدلانيون، وتوجد في المخيم ثلاث عيادات أخرى. وتسعى العيادة، بالإضافة الى تقديم العلاج والخدمات الصحية، إلى نشر التوعية في مجال تنظيم الأسرة.

لاجئة سورية: لن أتوقف عن الإنجاب
وتقول مصطفى «بصراحة، نحن نحاول أن نتكلّم مع النساء عن ضرورة أخذ موانع الحمل وتنظيم أسرهن، فنحن نوفر لهن كلّ شيء مجانا، ولكن هناك من يعترض ويقول (نحن ننظّم حياتنا بأنفسنا) أو (زوجي يحبّ الأطفال ولايريد موانع الحمل)».

وتقول مديرة العيادة غادة السعد إن العيادة التي تضم كادرا طبيا مؤلفا من 60 شخصا «تعمل 24 ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع».

في صالة الولادات، جلست نغم الشقران (20 عاما) إلى جانب طفلها الحديث الولادة زيد الذي كان غارقا في نوم عميق. وتقول الشابة الهزيلة بصوت خافت «هذا طفلي الأول، أشعر بسعادة ومسؤولية في الوقت نفسه»، متحسرة أيضا على عدم القدرة على أن تعيش العائلة في بلدها. وتضيف المرأة التي تعيش مع زوجها وعائلتيهما في المخيم منذ تسع سنوات «تردّدنا في البداية، ثم قررنا أن نرزق بطفلنا الأول».

في قاعة الانتظار، تقول إيمان ربيع (28 عاما) الحامل بطفلها الرابع، «الأطفال نعمة، ولكنني أتمنى أن يكون هذا آخر حمل لي». ثم تضيف «ليس بيدي حيلة فزوجي يحب الأطفال».

ويقول الأردن إن كلفة استضافة اللاجئين السوريين على أرضه تتجاوز 12 مليار دولار. وتسبّب النزاع السوري منذ اندلاعه في مارس 2011 بنحو نصف مليون قتيل ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

وتقول ربيع التي ارتدت حجابا خمريا وثوبا أسود طويلا مطرزا بورود حمراء وزرقاء، بينما تنتظر طبيبها، «ليس لدينا مكان آخر نذهب إليه غير هذا المكان، بيتنا في درعا دمّرته الحرب. إذا كان يتوجب علينا ترك المخيم والعودة إلى بلدنا، فأنا سأكون آخر من يخرج».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
حماس «تدرس» رد الاحتلال على مقترح بشأن الهدنة في غزة
حماس «تدرس» رد الاحتلال على مقترح بشأن الهدنة في غزة
37 مليون طن أنقاض في قطاع غزة يستغرق إزالتها 14 عامًا
37 مليون طن أنقاض في قطاع غزة يستغرق إزالتها 14 عامًا
اعتقال 100 شخص خلال تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين بإحدى جامعات بوسطن
اعتقال 100 شخص خلال تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين بإحدى جامعات بوسطن
«حزب الله» يستهدف موقعين عسكريين إسرائيليين بالمسيرات والصواريخ الموجهة
«حزب الله» يستهدف موقعين عسكريين إسرائيليين بالمسيرات والصواريخ ...
«القسام» تعرض مشاهد لأسيرين إسرائيليين يدعوان لمواصلة التظاهر ضد نتنياهو للإفراج عنهما
«القسام» تعرض مشاهد لأسيرين إسرائيليين يدعوان لمواصلة التظاهر ضد ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم