Atwasat

أربعة رياضيين ليبيين في سجون إيطاليا ينتظرون العون منذ ست سنوات

طرابلس - بوابة الوسط: المعتصم السنوسي السبت 21 أغسطس 2021, 11:39 صباحا
WTV_Frequency

قرروا الهجرة، ركبوا القوارب إلى أوروبا، حالمين بمستقبل أفضل، ولم يعلموا أن المطاف سينتهي بهم في مواجهة أحكام قضائية قاسية بتهمة القتل والاتجار بالبشر.

في 15 أغسطس 2015، اعتلى أربعة لاعبين، ثلاثة منهم ينتمون لأندية الأهلي والتحدي ببنغازي، واللاعب الرابع من طرابلس؛ وهم: علاء المغربي وطارق العمامي وعبدالرحمن عبدالمنصف ومحمد الصيد قوارب الهجرة من الساحل الليبي رفقة مئات من المهاجرين من جنسيات مختلفة أغلبهم من دول جنوب الصحراء الكبرى.

للاطلاع على العدد 300 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

من جنسيات شتى
أبحر القارب يومين بعدد ركاب يفوق 350 راكبًا، حمولة مكتظة تفوق سعة تحمله، سفينة كبيرة اعتمد المهربون عليها في تقسيم ركاب القارب بناءً على جنسياتهم، فجرى وضع الرجال من جنوب الصحراء في عنبر مجاور للمحرك الذي ينبعث منه دخان الاحتراق.

وعلى سطح السفينة ركب النساء، والأطفال، والرجال الذين يحملون جنسيات دول شمال أفريقيا، وكان هناك أشخاص آسيويون من باكستان وبنغلاديش خصصت لهم أسوأ الأماكن على السفينة. تواجدت سفينة الهجرة في عرض البحر، فنقل إليها المهاجرون عن طريق الزوارق المطاطية في عملية استمرت لساعات ليلة الانطلاق (15 أغسطس)، وبعد امتلاء السفينة، رجع المهربون إلى زوارقهم عائدين إلى الشواطئ الليبية، لتبدأ عملية تحريك السفينة بطاقمها المجهول إلى أوروبا.

اتهامات بتهريب البشر
عندما وصل القارب إلى «كاتانيا» بجزيرة صقلية، وجاءت الشرطة إلى عين مكان، عثرت على 49 مهاجرًا مختنقًا ممن وُضعوا بالقرب من المحرك أسفل السفينة.

هزت الحادثة الرأي العام المحلي في إيطاليا، والمنظمات الإنسانية الدولية المهتمة بقضية الهجرة والدفاع عن حقوق المهاجرين، ومن تداعيات الحادثة. وأُدين الليبيون الأربعة ومعهم أربعة آخرون، من جنسيات أخرى بتهمة تهريب البشر والقتل، بعد التحقيقات التي أجرتها الشرطة الإيطالية.

استندت الأدلة والتحقيقات إلى افتراض أن طاقم السفينة (المهربين) كانوا يختبئون بين الركاب المهاجرين بعد استجواب الناجين وهم تحت الصدمة، وعلى الرغم من ملاحظات محامي الأفراد المدانين وعدد من الصحفيين بخصوص الأخطاء والتناقضات في تقارير الشرطة، واستجواب أشخاص كانوا متأثرين بالحادثة.

حكمت المحكمة العليا الإيطالية في الأول من يوليو الماضي على اللاعبين بالسجن لمدة 30 عامًا، الحكم الذي اعتبره المحامون ظلمًا لشباب أبرياء كانوا من ضمن المجتمع المدني في بلادهم.

الهروب إلى الموت
بدأت رحلة الهجرة برغبة في مواجهة خطر الموت، خوض رحلة شاقة لا تعرف نهايتها أين؛ الموت وسط عرض البحر، أو الرجوع إلى ليبيا، وهذا ما لا يتمناه أي أحد، أو الوصول إلى السواحل الأوروبية، وهذا بالنسبة لليبي يأتي مع احتمالية مواجهة السيناريو نفسه الذي واجهه اللاعبون.

وتدعم إيطاليا خفر السواحل الليبي في عملية اعتراض القوارب المتجهة نحوها، وإعادتها إلى ليبيا، وتنتقد عدة منظمات حقوقية خطوة الإرجاع بسبب سوء المعاملة، والاحتجاز التعسفي، والاغتصاب للمهاجرات وغيرها من قائمة الانتهاكات التي تحدث في دولة غير آمنة لهم.

بعض الشباب الذين مروا بتجربة الهجرة عن طريق البحر، اتفقوا على وجود عنف يتعرض له الليبي أثناء الرحلة كردة فعل انتقامي، إذ توجه إليهم اتهامات كتجارة البشر، واستعباد السود في بلادهم بعد تجاربهم مع المهربين الليبيين.

«ع.أ» أحد أفراد عائلات اللاعبين الذي يتابع القضية على «تويتر»، قال إن اللاعبين دفعوا 1500 دولار تقريبًا إلى المهربين، واشتغلوا لمدة أشهر وتعبوا للحصول على هذا المبلغ، ومن المستحيل أن يكونوا تجار بشر، «فالتجار الحقيقيون يأخذون المال ويهربون، ولا يعرضون أنفسهم للخطر».

ماراثون محاولات الاسترجاع
في فبراير 2018، قال رئيس المكتب الإعلامي بوزارة الخارجية، التابعة لحكومة الوفاق السابقة، إن الوزارة تتابع القضية، وإن وزير الخارجية آنذاك الطاهر سيالة أجرى مباحثات مع وزير الداخلية الإيطالي بشأن الإفراج عن اللاعبين.

ولم يجد جديد بشأن اللاعبين حتى سبتمبر 2020، عندما ألقت السلطات الليبية القبض على صيادين إيطاليين، واتهمتهم بالصيد في المياه الإقليمية بعد أن قام القذافي في وقت سابق، وتحديدًا في العام 2005 بتوسيع المياه الإقليمية إلى 74 ميلًا بدلًا عن 12 ميلًا، حسب ما ينص عليه القانون الدولي

تم نقل الصيادين المحتجزين إلى مدينة بنغازي التي تخضع لسيطرة قوات القيادة العامة بقيادة المشير خليفة حفتر والحكومة الموقتة وقتها (حكومة شرق ليبيا) المعلنة ذاتيًا، ورفض الإفراج عنهم ليكونوا ورقة الضغط للإفراج عن اللاعبين الليبيين.

وعلق المدعي العام في «كاتانيا» بأن التبادل بين الليبيين والصيادين سيكون «بغيضًا». وفي ديسمبر 2020، زار رئيس الوزراء الإيطالي برفقة وزير خارجيته وعدة مسؤولين إيطاليين مدينة بنغازي للقاء حفتر ليتوصلوا إلى اتفاق يتم بموجبه الإفراج عن الصيادين بعد الانتقادات الحادة التي كانت تتعرض لها الحكومة من قبل المعارضة بالفشل في إطلاق سراحهم.

وعد الدبيبة
وفي العام الجاري، وبعد قدوم حكومة الوحدة الوطنية الموقتة برئاسة عبدالحميد دبيبة، وتعيين حليمة إبراهيم وزيرة للعدل، جرى عقد جلسة في يوليو الماضي يجيب فيها رئيس الحكومة عن تساؤلات المواطنين.

وتطرق الدبيبة خلال هذه الجلسة إلى قضية اللاعبين، وقال: «ستكون هناك اتفاقية تبادل سجناء بين الحكومة الليبية والإيطالية ستوقعها وزيرة العدل الليبية في إيطاليا، وسيتم إرجاع اللاعبين إلى ليبيا وعرضهم على القضاء الوطني إن كانوا مذنبين».

وتقول أم اللاعب عبدالرحمن وهي تأمل كل يوم سماع خبر خروج ابنها: «رغم شهادة رئيس الحكومة بأن أولادنا لاعبو كرة قدم، وليست لهم علاقة بتجار البشر، وهدفهم كان احتراف كرة القدم في الخارج فقط، لكني أشك بأن موضوع سجن أبنائنا منذ العام 2015 إلى الآن هو موضوع سياسة لا غير».

للاطلاع على العدد 300 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

ويقول «ع.ا» قريب أحد اللاعبين إن التقصير يقع من السفارة الليبية في روما، فعلى الرغم من قربها منهم؛ فإنها لا تتابع وضعهم داخل السجن، ولم تكن نقطة وصل بين العائلات والمسجونين. وأضاف معلقًا على دور الحكومة: «لم يحدث شيء جديد بعد تصريح رئيس الحكومة، فالشباب كل يوم ينتظرون جديدًا يحدث من أي مسؤول».

الأمل لم يفارق العائلات
مرت ست سنوات منذ بداية القصة التي لم تنتهِ بعد، ولم يفارق الأمل أم عبدالرحمن التي عانقت السماء بفرحها عندما عرفت بالكتابة عن ابنها، فهي لا تزال تنتظر لحظة رؤية ابنها بين أحضانها في منزل العائلة في مدينة بنغازي رغم شكوكها بتسييس القضية.

أما عن «ع.أ» قريب أحد اللاعبين الذي يحاول إيصال صوته إلى وزيرة العدل وينتظر جديدًا منها، فيقول إن القضية متوقفة على قرار سفر الوزيرة لإيطاليا لتوقيع اتفاقية الإفراج. كما يشير بحرقة إلى آخر مكالمات الفيديو التي دارت بينه وبين قريبه، مضيفًا: «حالة قريبي النفسية مدمرة، ولاحظنا خسارته الهائلة للوزن، كما عبر عن حزنه الشديد للسنين التي ضاعت من حياته كشاب، وأصبح فيها خالًا وعمًا داخل السجن.. يا له من ظلم كبير».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«اقتصاد بلس» يناقش: تحديات جمة أمام قطاع الصناعة في ليبيا
«اقتصاد بلس» يناقش: تحديات جمة أمام قطاع الصناعة في ليبيا
خبير إيطالي لـ«بوابة الوسط»: التعاون الاقتصادي مع ليبيا «مهم».. وحكومة الدبيبة «باتت محاصرة»
خبير إيطالي لـ«بوابة الوسط»: التعاون الاقتصادي مع ليبيا «مهم».. ...
عبدالصادق يعرض على الدبيبة نتائج زيارته أميركا
عبدالصادق يعرض على الدبيبة نتائج زيارته أميركا
شاهد في «وسط الخبر»: مطارات ليبيا.. اعتراف مطلوب ومخاوف قائمة
شاهد في «وسط الخبر»: مطارات ليبيا.. اعتراف مطلوب ومخاوف قائمة
ليبيا ليست الوحيدة.. تحقيق يتهم 3 دول مغاربية بالتعاون سرًا مع أوروبا لطرد المهاجرين إلى الصحراء
ليبيا ليست الوحيدة.. تحقيق يتهم 3 دول مغاربية بالتعاون سرًا مع ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم