Atwasat

مخاوف متزايدة من حدوث مجاعة بسبب الحصار الروسي في أوكرانيا

القاهرة - بوابة الوسط الإثنين 23 مايو 2022, 03:31 مساء
WTV_Frequency

ينظر ديمتري ماتولياك، إلى حقول القمح اللامتناهية قرب أوديسا، ويواجه صعوبة في تصور، أن العديد من الناس قد يواجهون مجاعة قريبًا مع اقتراب حصد مثل هذا المحصول الوفير، وتنوء الحرب بثقلها على كاهل المزارع البالغ من العمر 62 عامًا.

في اليوم الأول من الغزو، أصابت غارة جوية أحد المخازن ما أدى إلى احتراق أكثر من 400 طن من علف الحيوانات، بينما انتشرت القوات الروسية من قواعدها في شبه جزيرة القرم واستولت على أجزاء كبيرة من جنوب أوكرانيا.

وقال لوكالة «فرانس برس»، «يرتجف صوتي وتنهمر الدموع من عيني بسبب عدد الناس الذين أعلم أنهم ماتوا، وكم من الأقرباء يتألمون وكم من الناس غادروا للخارج»، لكنه قد يواجه أيامًا أكثر سوادًا.

لم يقتحم الروس أبدًا الشواطئ في ميناء أوديسا القريب كما كان يُخشى، لكن حصارهم المستمر للبحر الأسود كان قاسيًا، فقد تسبب بدمار اقتصادي في أوكرانيا ويهدد بمجاعة في أماكن أخرى.

وتمتلئ الإهراءات والموانئ في أنحاء أوكرانيا الآن بملايين الأطنان من الحبوب، ولا مكان لتصريفها فيما تختنق البلاد ببطء بسبب الحصار.

وفي جنوب أوكرانيا المعتدل، يبدأ موسم الحصاد الصيفي في الأسابيع المقبلة، لكن قلة من الناس تعرف أين ستخزن محصول هذا الموسم، ما يثير مخاوف من أن أجزاء كبيرة من الحبوب وغيرها من المنتجات الغذائية ستترك لتتعفن.

يقول ماتولياك، «إنه أمر ينم عن وحشية أن يكون لدى بلد ما طعام يُترك ليفسد هكذا فيما أشخاص آخرون فقراء وجائعون.. هذه فظاعة، إنها وحشية، ليس هناك طريقة أخرى لوصفها».

معركة الاستنزاف الطاحنة
فيما يبقى التركيز في الحرب حاليًا على معركة الاستنزاف الطاحنة في شرق أوكرانيا، فإن حصار البحر الأسود قد يؤدي إلى تداعيات واسعة النطاق، حيث يطلق خبراء تحذيرات شديدة بشأن ارتفاع أسعار المواد الغذائية ومن مجاعة محتملة.

وقبل الغزو الروسي، كانت تعد أوكرانيا واحدة من أبرز مزودي مكونات الخبز في العالم، مع تصدير نحو 4.5 مليون طن من المنتجات الزراعية شهريًا عبر مرافئها، بما يشمل 12% من القمح في العالم، و15% من الذرة ونصف محصولها من زيت دوار الشمس.

وأدت الحرب والحصار المستمر إلى توقف التجارة إلى حد كبير فيما لم يتسن تجاوز العراقيل اللوجستية والمالية الكبرى أمام الطرقات البديلة عبر القطارات أو الشاحنات لنقل مثل هذا الكم من المحاصيل الى الأسواق العالمية.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس واضحًا جدًا بشأن هذه المسألة، وقال الأسبوع الماضي، إن الحرب «تهدد بدفع عشرات ملايين الأشخاص الى حافة انعدام الأمن الغذائي».

وحذر من أن ما قد يلي ذلك سيأخذ شكل «سوء التغذية وجوع جماعي ومجاعة في أزمة قد تستمر لسنوات».

وحتى الآن، لا يزال هناك أكثر من 20 مليون طن من المنتجات الغذائية عالقة في أوكرانيا بحسب السلطات الأوكرانية.

- أوكرانيا ستخسر ثلث محصولها من القمح بسبب الحرب
- «رويترز»: روسيا تستأنف تدريجيا صادرات القمح من موانئها على البحر الأسود

وفي أوديسا يمكن الشعور بالأزمة بشكل حاد، فلا يزال الميناء هادئًا مع عدم دخول أو خروج أي شيء منه منذ أشهر.

وعلى مدى أجيال، كانت القوة الاقتصادية للمناطق الزراعية الخصبة في أوروبا الشرقية، مصدرها أوديسا إلى حد كبير مع مينائها المترامي الأطراف ومركز السكك الحديدية، الذي يربط حقول القمح في المنطقة بالساحل، وهذا الرابط الذي يعود إلى قرون خلت، انقطع الآن.

ويضم ميناء المدينة ومستودعاتها حاليًا أكثر من أربعة ملايين طن من الحبوب مصدرها كلها الحصاد السابق.

لن نتمكن من تخزين هذا الحصاد
وقال رئيس بلدية أوديسا غينادي تروخانوف «لن نتمكن من تخزين هذا الحصاد الجديد بأي شكل من الأشكال، هذه هي المشكلة.. سيموت الناس من الجوع» إذا استمر الحصار.

ونتيجة لكل ذلك، تعرض الاقتصاد الأوكراني للدمار إذ تتوقع تقديرات البنك الدولي أن الحرب والحصار البحري الخانق سيؤديان على الأرجح إلى انخفاض بنسبة 45% في إجمالي الناتج الداخلي في البلاد هذه السنة.

وفيما أظهرت القوات البرية الأوكرانية قدرتها على الصمود أمام عدو أكبر وأفضل تسليحا، لا يزال الروس يملكون تفوقًا كاملًا تقريبًا في البحر.

وأوضح وزير الدفاع الأوكراني السابق أندريه زاغورودنيوك، في مقال نشره «مجلس الأطلسي»، «للأسف لطالما تغاضت أوكرانيا تقليديًا عن مسألة الأمن البحري»، مضيفًا «بينما واجه العالم الديموقراطي التحدي المتمثل في تسليح أوكرانيا لمقاومة العدوان الروسي برا، فإن التدخل الدولي في الحرب في البحر كان محدودا».

وخلال نهاية الأسبوع، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي العالم إلى التدخل مطالبًا بـ«الأسلحة ذات الصلة»، التي يمكن أن تحمل الروس على إنهاء الحصار.

وقال الرئيس «ستحدث أزمة غذائية إذا لم نقم بفتح الطرقات أمام أوكرانيا أو لم نساعد دول أفريقيا وأوروبا وآسيا التي تحتاج إلى هذه المنتجات الغذائية».

لكن حتى إذا تم توفير الأسلحة اللازمة، فقد يستغرق الأمر شهورًا أو أكثر لبدء التجارة مرة أخرى، إذا استمرت الحرب حيث من غير المرجح أن ترسل شركات الشحن سفنها الى منطقة تشهد نزاعًا.

وبالنسبة للمزارعين مثل ماتولياك الذين ولدوا في الاتحاد السوفياتي وكانوا يتمتعون ذات يوم بعلاقات «أخوية» مع روسيا، فإنه يصعب استيعاب النزاع الدائر وتداعياته.

ويضيف «بالطبع سيكون من الجيد إذا أمكن حل كل هذه القضايا ببعض الوسائل الدبلوماسية السلمية .. لكننا رأينا أن روسيا لا تفهم القيم الطبيعية التي يتمسك بها الناس».

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«بوينغ» تحقق خسائر أقل من المتوقع في الربع الأول من 2024
«بوينغ» تحقق خسائر أقل من المتوقع في الربع الأول من 2024
صندوق أممي لدعم اللاجئين في مواجهة الصدمات المناخية بقيمة 100 مليون دولار
صندوق أممي لدعم اللاجئين في مواجهة الصدمات المناخية بقيمة 100 ...
ألمانيا ترفع توقعاتها للنمو بشكل طفيف وتعترف بـ«خسارة القدرة التنافسية»
ألمانيا ترفع توقعاتها للنمو بشكل طفيف وتعترف بـ«خسارة القدرة ...
أسعار النفط تستقر مع تراجع الطلب على الوقود في أميركا
أسعار النفط تستقر مع تراجع الطلب على الوقود في أميركا
البنك الدولي: توترات الشرق الأوسط تهدد التقدم العالمي بشأن التضخم
البنك الدولي: توترات الشرق الأوسط تهدد التقدم العالمي بشأن التضخم
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم