Atwasat

خيري الشريف.. رؤية مخيلة في مسار الأبعاد الثلاثة

طرابلس - بوابة الوسط: عبد السلام الفقهي الجمعة 05 أغسطس 2022, 04:57 مساء
WTV_Frequency

يبني الفنان خيري الشريف عالمه الكاريكاتيري، متسلحا بصياغة تختزل مسيرة تجارب سالفة من فنون الإخراج والرسم والكتابة، وهي مكون نظري وعملي رئيس ساند عملية الاختمار والتراكم، ومنح نسق الأفكار نضارة وخصوبة دائمة، ارتكازا على إرث عراكه مع عالم الحدث والصورة (الصحافة).

لا تنغمس خطوط الفنان في المراوغة وإنما تتجه في نقدها للواقع بخط مستقيم ومسائلته بلا خجل، كما تنصهر كل الإلماحات الغامزة للخلل خدمةً لإبراقة ساخرة وهي تفصح عن تشريحها الباحث عن توصيف فني للحالة، ووضع إمضاء خاص لمعالجاتها عبر الفكرة والشخوص.

نفوذ خاطف
تحيلك مساحة المناورة لأعماله عن مكنون تحرر من عناصر المحيط، هذا التفريغ المتعمد لدائرة ممشى الريشة، يبقي المادة تحت فعل مجهري، طلبا لانتباه المتلقي، ورسم تشابك تفصيلي مع عناصرها، تلك إحدى معادلات المعالجة للفنان ورؤيته لبنية الخطوط وتقدير أثرها لدى الجمهور، وهو لا يعني تهميش النمط التقليدي لمكملات الصورة أو المشهد الساخر المتناسج مع محيطه، بل اختيار للذائقة كما يتمثل في المخيلة، وهو جزء من تقنيات الخصوصية كبصمة لتجلياته مع الألوان والريشة والأحداث، ومدارس الفن الساخر.

- «متعة السخرية».. كتاب يوثق تجربة الكاريكاتيري محمد الزواوي
خيري الشريف يشارك في المعرض العالمي للكاريكاتير

هذه الرؤية ظهرت كشرارة سؤال مستقبلي للفنان المشغول بنحت ملامح هويته الكاريكاتيرية وهي تواجه نفائس مدارس عمالقته (محمد الزواوي، محمد الشريف، محمد عبية)، ثلاثة مسارات لها نفوذها الخاطف وأسلوبها وخطوطها الخاصة، ترتسم علامة الاستفهام أمامه: كيف له التخلص من جاذبية المجرات الثلاث لتحقيق سطوع ذاتي، يتولد من كيمياء مازجة بين رذاذ الحبر وصهير جواني يتمظهر صورة على لسان الريشة؟

مواجهة أخرى
واقع الفنان لا يحفل كثيرا بمعطيات إنجاز الإجابة، حيث تنذر محليا الكتب ومجلات الرسم الخاصة بالكاريكاتير آنذاك، ويبقى الشغف بالوارد من خارج البلد حلم متواصل حتى وإن كان مجرد قصاصة من جريدة.

كانت الرحلة تنتظر مواجهة أخرى في موازاة فضاء المحلية وهي المدارس الإقليمية، حيث الرمزية في سورية ولبنان مشطورة بين ناجي العلي وعلي فريزات، وكذا الأسلوب الفكاهي المباشر في مصر، لكنه يتحرر في النهاية من عباءة الرواد وكذا رتوش النفس الإقليمي ناسجا عالمه الخاص، ذلك الانفكاك الذي ألمح إليه الزواوي معترفا بتحليق الشريف خارج مداره رافضا تقليده.

الطين والماء
تشكل حالة الذوبان في العمل الفني عند الشريف، انعطافه نفسية هائلة، يجسدها سديم فسيفساء النص البصري وهو يتمدد عبر لمساته في الكاريكاتير والرسم والنحت والخزف، حيث تتناوب في حضورها داخليا لديه حتى تنتشي المخيلة في لحظة فارقة بدفق إحداها، مثل متوالية روحية تسري في انتقالات تتجاور على ضفاف نثر خفي، يكشف أثر تعالقه مع هذه الأبعاد وقدرة كل منها احتواء كيانه الإبداعي كما لو كانت لغته الوحيدة.

تتناثر الأسئلة الضاجة بالصراخ مستمدة عنفوانها من عجين الطين والماء، وموسيقى الخطوط، فذاكرة الحبر أو الكربون تلتقط إشارات لشخوص ساخرة لكنها تنزاح مع سيلان ألوان تحاول الحصول على رسم تشكيلي مغاير، إلا أن موجة مزاج أخرى تدفعها إلى مصب نحتي يشاغل نموذجه القار في أعماق تصوراته، بحثا عن الفرادة والتجدد، هذه المحطات المتداخلة بطاقة تعريفية للمسارب المغذية لطقسه الفني الخاص وهو يعبر من ذاته إلى اللوحة والعكس.

الفنان خيري الشريف (بوابة الوسط)
الفنان خيري الشريف (بوابة الوسط)
من أعمال الفنان خيري الشريف (بوابة الوسط)
من أعمال الفنان خيري الشريف (بوابة الوسط)
من أعمال الفنان خيري الشريف (بوابة الوسط)
من أعمال الفنان خيري الشريف (بوابة الوسط)
من أعمال الفنان خيري الشريف (بوابة الوسط)
من أعمال الفنان خيري الشريف (بوابة الوسط)
من أعمال الفنان خيري الشريف (بوابة الوسط)
من أعمال الفنان خيري الشريف (بوابة الوسط)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
شاهد في هنا ليبيا: قصة فنان تشكيلي من تمسان
شاهد في هنا ليبيا: قصة فنان تشكيلي من تمسان
المغني كينجي.. «تظاهر بالانتحار» حبًّا لأسرته
المغني كينجي.. «تظاهر بالانتحار» حبًّا لأسرته
معرض يحتفي بالألوان ويوثق ذاكرة ألعابنا الشعبية
معرض يحتفي بالألوان ويوثق ذاكرة ألعابنا الشعبية
وفاة المخرج الفرنسي لوران كانتيه عن 63 سنة
وفاة المخرج الفرنسي لوران كانتيه عن 63 سنة
فوز آية ناكامورا بثلاث من جوائز «فلام» الموسيقية
فوز آية ناكامورا بثلاث من جوائز «فلام» الموسيقية
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم