Atwasat

في ذكرى رحيل الزواوي.. فيلسوف أضحك الليبيين وأبكاهم

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 05 يونيو 2022, 02:49 مساء
WTV_Frequency

يوافق الخامس من يونيو رحيل فنان الكاريكاتير الليبي محمد الزواوي، جراء سكتة قلبية داهمته أثناء رسمه إحدى لوحاته، ذلك الفيلسوف الذي أضحك الليبيين وأبكاهم برسوماته الساخرة من الواقع.

ويمكن القول إن الزواوي أنشأ في مساحته الصغيرة، بحسابات المكان والشاسعة بحسابات الإبداع، ما يمكن اعتباره متحفًا ضخمًا لذاكرة الليبيين ومسار سلوكهم في الحياة اليومية خلال نصف قرن من العمل.

يقول الزواوي عن بداياته، في حوار سابق أجراه معه الناقد الفني عبدالسلام الفقهي، «منذ كان عمري عشر سنوات، بمجرد إحساسي لما يحدث من حولي، تملكني شعور بإمكانية التعبير عنه فنيًا بالرسم، من خلال رؤيتي للمحيط كموقد النار، وجلوسي في رواق البيت (خيمة).. بحكم نشأتي البدوية. كانت رسوماتي تنقل ما يقع عليه بصري، وهي في تكوينها الجنيني تعد (ساذجة) لكنها أولًا وأخيرًا تمثل شرارة البداية».

سيرة ومسيرة
في إحدى ضواحي بنغازي، وُلد الزواوي سنة 1936، ودرس بمدرسة الأبيار الداخلية حتى الرابعة الابتدائية، وبسبب ظروفه العائلية اضطر لترك الدراسة، وعمل كرسام بالقسم السمعي والبصري التابع للمصالح المشتركة النقطة الرابعة الأميركية؛ وهي لمن لم يعاصرها هيئة إغاثة أميركية لمساعدة الليبيين.

«الليبيون لا يضحكون أو لا يجيدون لغة التعبير بالجسد.. سمعت أحد زوار معرض أقمته منذ فترة متسائلًا بصوت حاد أين صاحب الرسوم؟ راودتني شكوك في امتعاض السائل من لوحاتي، وباقترابه مني مد يده مصافحًا دون أن يبتسم، قائلًا: لوحاتك رائعة، سررت لتعبيره، واندهشت للمفارقة بين الإعجاب والتجهم، وتساءلت في نفسي لمَ لا يبدو هذا الانطباع منعكسًا على سيكولوجيته؟»، هكذا يرى الزواوي.

انتدب الفنان الراحل للعمل في مجلة «الإذاعة» بطرابلس، العام 1963، كمخرج صحفي ورسام، وعلى صفحاتها رسم أول لوحة ساخرة، ثم انتقل لمجلة «المرأة» كمخرج ورسام إلى جانب نشر رسوماته في معظم الصحف التي كانت تصدر بالبلاد، ثم من بعد سنة 1969 التزم بنشر رسوماته الساخرة الناقدة، يوميًا، بجريدة «الثورة»، فيما يعد رسمًا لجريدة «الأسبوع السياسي»، وأيضًا لجريدة «الجماهيرية» وجريدة «الزحف الأخضر».

- محمد الزواوي: أنا أبحث عن الأخطاء.. وما أكثرها في مجتمعاتنا العربية

وظل يعطي لوحاته وقتًا كافيًا، فكانت تتسم بالدقة والتقاط الفكرة. أنتج القصة المصورة، من خلال مسلسلات للأطفال فأبدع، وأضحك، وعلم، وهذب الأطفال من خلالها.

وازن الزواوي في قوالبه الساخرة بين ضرورات التنوير وقواعده الساندة، التي تمثل للمثقف مجال اشتباك دائم ومثار تساؤلاته؛ بحثًا عن مجتمع أفضل، ومكاشفة لمدلولات صراعه الداخلي، عن جدوى ما يكتبه، وهل دوره حقيقي وفاعل أم أنه يغرد خارج السرب متكئًا على أحلام اليقظة؟ تجسِّد ذلك إحدى لوحاته في كتاب داخل منزله المتهالك الغارق في الفوضى، تتراكم مخطوطاته في انتظار الطباعة، ويحلم بالنجومية وجائزة «نوبل».

ومن خلال الكاريكاتير، حاول الفنان الراحل عبور النفق إلى كشف يقترب كثيرًا من الناموس الحياتي العام، عبر مسيرة تحبيره الطويلة في عالم السلطة الرابعة، بجريدة «الميدان والثورة»، ومجلة «الإذاعة والمرأة»، وجريدتي «الأسبوع السياسي» و«الثقافي»، وحضوره اللافت في مجلة «لا» في تسعينات القرن الماضي، خصوصًا عندما نستذكر لوحته لغلاف العدد عن موضوع الإيدز، الذي أثار جدلًا كبيرًا بأوساط الرأي العام آنذاك.

وبعد رحلة طويلة، توفي الزواوي في 5 يونيو العام 2011، في العاصمة طرابلس.

محمد الزواوي أنشأ متحفا لذاكرة الليبيين ومسار سلوكهم في الحياة اليومية (بوابة الوسط)
محمد الزواوي أنشأ متحفا لذاكرة الليبيين ومسار سلوكهم في الحياة اليومية (بوابة الوسط)
محمد الزواوي أنشأ متحفا لذاكرة الليبيين ومسار سلوكهم في الحياة اليومية (بوابة الوسط)
محمد الزواوي أنشأ متحفا لذاكرة الليبيين ومسار سلوكهم في الحياة اليومية (بوابة الوسط)
الزواوي مع الفقهي في 2003 (بوابة الوسط)
الزواوي مع الفقهي في 2003 (بوابة الوسط)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
شاهد في هنا ليبيا: قصة فنان تشكيلي من تمسان
شاهد في هنا ليبيا: قصة فنان تشكيلي من تمسان
المغني كينجي.. «تظاهر بالانتحار» حبًّا لأسرته
المغني كينجي.. «تظاهر بالانتحار» حبًّا لأسرته
معرض يحتفي بالألوان ويوثق ذاكرة ألعابنا الشعبية
معرض يحتفي بالألوان ويوثق ذاكرة ألعابنا الشعبية
وفاة المخرج الفرنسي لوران كانتيه عن 63 سنة
وفاة المخرج الفرنسي لوران كانتيه عن 63 سنة
فوز آية ناكامورا بثلاث من جوائز «فلام» الموسيقية
فوز آية ناكامورا بثلاث من جوائز «فلام» الموسيقية
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم