Atwasat

القاص الليبي حمودة.. ثوب نسجت خيوطة من دموع المقهورين

القاهرة - «بوابة الوسط» لينا العماري السبت 13 سبتمبر 2014, 03:31 مساء
WTV_Frequency

مصطفى حمودة يتجه في نصِّه «عالم غُسل بدموع الخلق» إلى الكتابة التي تتعمق في معنى محدد ، وتحليله من وجهة نظر فائقة الإنسانية.

يتجه القاص الليبي مصطفى حمودة (34 عامًا) في نصه «عالم غُسل بدموع الخلق» إلى الكتابة التي تتعمق في معنى محدد، وتحلله من وجهة نظر فائقة الإنسانية. لوهلة تجد الأسئلة التي تُطرح بديهية جدًّا، إلا أنها لا تُفهم إلا من ذوي القلوب الرحيمة كما يقول في نصه.

وحمودة الذي حصل على بكالوريوس تقنية طبية قسم أسنان من جامعة طرابلس (2003)، ويدرس حاليًّا العلوم السياسية بالجامعة المفتوحة، له إسهاماتٌ كثيرة في الصحف المحلية والعربية وحاليًّا يعمل بمجلة الثقافة التابعة لوزارة الثقافة.

(1)
لقد أتينا إلى الدنيا ونحن نذرف الدمع ولما كبرنا لم نتساءل للحظة واحدة.. مَن الذي علَّمنا البكاء؟ مع أننا على يقين من أنه لم يعلمنا أحدٌ من الخلق كيف.. فهي لغة الطفل يلقنها له ملاك الألم كي يستمر بهذا الوهن وهذا الضعف الذي ليس كمثله أي ضعف، فقط لأجل أن يحظى في هذه الدنيا بأمل الحياة.. ولولا هذه الدموع لفقد الإنسان الصغير حظه في البقاء.. لذا أعتبرها أنبل لغة وأكثر تعبيرًا.. وأكثرها إقناعًا.. ولو أنها لا تُفهم إلا من ذوي القلوب الرحيمة.. فما أكثر ذوي القلوب الرحيمة..

(2)
أجوب الكون في لحظات بتفكيري، فيصرخ السؤال من داخلي بألم يود مني أن أجد له إجابةً شافية.. من أين تنشأ الآلام؟ ومن أين تنبع الدموع؟.. كيف؟ مم؟ ولم؟ وإن كانت مثلنا أطوارها تحيا بعد موتها كما أظن.. فإلى أين تنتهي بها رحلة الحياة الجديدة؟

أسئلة عرفتها.. وتكرّرت في أعماقي.. أبحث لها عن إجابة وفقدت الأمل في أن أجد مجيبًا عنها.. فلا عَالِم يستطيع أن يفك طلاسم فكرة هذه الحياة المجنونة.. وهنا يكمن سر جمالها الذي فتنني بل أسرني لدرجة صرت أقولها وعلى الملأ.. إن أجمل ما في هذه الدنيا هو الإنسان، إذ اكتشفت أنه كما للبحر نفائس، لؤلؤ وياقوت ومرجان.

وكما للأرض؛ من معادن وجواهر ذات بريق ولمعان.. فما الإنسان إلا نفيس السماء. هذا الذي لو خضنا في تفاصيل قدومه لهذا الكون. لا يسعنا القول عنه سوى لولا أنه لم يحظَ بمكانة مقدسة عند الذي أوجده ما أمهله وما أنجاه من كل هذه المحن التي أتت على غيره من الخلق فأبادتهم. ولولا حبه وحرصه الشديد على أن يحيا في أمان ونعمة ورفاهية. ما خصه بنعمة العقل التي لم يشأ أن يمنحها لغيره من الخلق. كي لا يكون له منافس.

(3)
هل الدموع تنبع من القلب الذي يتربع على عرش إنسان بأسره؛ نطوّعه في قليل من الأمور والظروف ويطوّعنا بل ويجرنا إلى أمور كثيرة شديدة المرار؟!.. هذه الدموع التي لا زلنا نجهل من أين تأتي. وإلى أين ينتهي بها المطاف؟. وأنا لا زلت أقول لنفسي إنها تمتزج بوابل من الطين فتغدو إنسانًا جديدًا أشبه بالذي بكاها. وأحيانًا أُخر أقول إنها تنتهي إلى السماء في هيئة طفل قد طوقته الملائكة بجناحيها واحتضنته احتضان الأم ومخرت به عباب السماء..

(4)
تقف (أطفال البكاء) في وجلٍ بين أيادٍ تنزهت طهارتها وكرمها وقدسيتها عن الوصف.. تطلب لباكيها الرأف بحاله الضعيف بين صاحب السلطان والجبروت.. فيا له من عالم جميل يكتنفه أطفال البكاء يشفعون في أصحابهم، ويا له من عالم لم يغسله الرب بدموع الخلق. دموع والله كما أراها ليست تزيد الإنسان سوى طهارة مصدرها الروح التي نفخ الإنسان منها.

فلا أروع من لحظة قد تتعقبنا في حياتنا تساوي الدنيا بأسرها. لحظة يبكي فيها المرء فيجدك قلبًا يحنو عليه. يسند رأسه المثقل بالهموم إلى موضع قلبك. يسمع نبضاته التي تخبره بأن في داخلك إنسانًا مكتمل الإنسانية. وما أروع عالمنا وهو مرتدٍ لثوب الفرح. ثوب نسجت أطواره من دموع المقهورين. ويا له من عالم جميل يكتنفه أطفال البكاء يشفعون في أصحابهم، ويا له من عالم لم يغسله الرب بدموع الخلق.

القاص الليبي حمودة.. ثوب نسجت خيوطة من دموع المقهورين

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
شاهد في هنا ليبيا: قصة فنان تشكيلي من تمسان
شاهد في هنا ليبيا: قصة فنان تشكيلي من تمسان
المغني كينجي.. «تظاهر بالانتحار» حبًّا لأسرته
المغني كينجي.. «تظاهر بالانتحار» حبًّا لأسرته
معرض يحتفي بالألوان ويوثق ذاكرة ألعابنا الشعبية
معرض يحتفي بالألوان ويوثق ذاكرة ألعابنا الشعبية
وفاة المخرج الفرنسي لوران كانتيه عن 63 سنة
وفاة المخرج الفرنسي لوران كانتيه عن 63 سنة
فوز آية ناكامورا بثلاث من جوائز «فلام» الموسيقية
فوز آية ناكامورا بثلاث من جوائز «فلام» الموسيقية
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم