Atwasat

القاص الليبي أحمد عقيلة:«بوعمايا» يتحسس. يتلمّس. يتشمّم

القاهرة - «بوابة الوسط» لينا العماري الإثنين 01 سبتمبر 2014, 01:19 مساء
WTV_Frequency

يعتبر أحمد يوسف عقيلة من أهم كتاب القصة القصيرة في ليبيا، وباحثًا ناشطًا في التراث الشعبي الليبي، فكلما توغل في البحث أكثر أشبع نصوصه القصصية بالموروثات التي يمكن إسقاطها على الواقع بكل بساطة ممكنة.

ربما كان اكتشاف عقيلة لنفسه -وهو يكتب الأدب القصصي- متأخرًا، لكن ما راكمه منذ انطلاقته تسعينات القرن الماضي حتى اللحظة يشير إلى غنى الخلفية الثقافية التي يستمد منها الكاتب إبداعه.

الطبيعة عند عقيلة ثيمة من الثيمات التي تتكرر في نصوصه القصصية، فهو ابن الجبل الأخضر ولد وترعرع بين أشجاره، مستلهمًا من الخضرة الطراوة وثراء العناصر، لينتج بذلك نص ريان، كما كتب عنه الدكتور محمد الفتي قائلاً: «لغة أحمد يوسف عقيلة لغة طازجة، متحررة من الإنشاء، وإلى حدٍ كبير حتى من واو العطف فعباراته صور مستقلة متلاحقة، بل إنه لا يتحرج من مفاجأتنا بنحت جديد للكلمات، لقد عثر أحمد يوسف عقيلة على إحدى المعادلات الصعبة، ألا وهي كيفية التعامل مع تراثنا الشعبي دون إسفاف أو سذاجة سردية رتيبة».

***

رؤية.
بلغني أيها الملك السعيد. ذو الرأي الرشيد. والبصر الحديد. أن (بوعمايا) في غمرة انهماكه بالحفر. وصناعة الأنفاق الملتوية. وهو يجوب العالم السفلي. أَطلع رأسه لُحيظة فوق سطح الأرض. أحس بدفء الشمس المباشر. وفجأة. انفتحت عيناه. وقعت المعجزة. وأبصر الأعمى!
في بداية الأمر لم يستطع أن يتبين شيئًا. وعندما ألِفت عيناه الرؤية. تصادف أن جَملاً كان يرعى في الجوار.
هالَه المشهد: العينان الواسعتان. الرقبة الطويلة المعوجة. الظهر المحدودب. السيقان الطويلة المعوجة.

***
تساءل «بوعمايا»:
ــ لماذا يظهر كل شيء معوجًا؟ يبدو أن الأشياء الكبيرة. المرتفعة. لا تعلو إلاّ إذا اعوجّت.
حكَّ رأسه. وهو مستغرق في تأملاته:
ــ على كل حال. كثرة الاعوجاج في شيء ما. تؤدي في نهاية المطاف إلى خلق نوع من التناسق. من الممكن أن نُسمّيه: تناسق النشاز.!
أظلمت الدنيا. الظلام أيضًا يأتي فجأة.
عاد بوعمايا كما كان. أعمى يتحسس. يتلمّس. يتشمّم. انكفأ إلى دروبه المظلمة المتعرجة. يبصر بمخالبه. وأنفه. المخالب عيون القاطنين في العالم السفلي. عالم الأزقة المعتمة. الملتوية.
ذات ليلة. تحدثوا عن الأرنب. فقال بوعمايا:
ــ يشبه الجمَل؟
ولمّا ضحكوا كثيرًا. أدرك أن الأرنب لا يشبه الجمل مطلقًا.

***
تشعّب الحديث. حتى جاءوا على ذكر الثعلب. وعندما وصفوه بأنه طويل الذيل. مستقيم الظهر. قصير السيقان. أدرك بوعمايا. دون أن يسأل. أن الثعلب ليس قريب الشبه من الجمل.
دار الحديث. حتى ذكروا القنفذ. فتساءل:
ــ هل له رقبة طويلة معوجة. وظهر محدودب. وسيقان عالية؟
ــ لا. لا. إنه مُجرد كُرة شائكة من الشيص.
تنهّد بوعمايا. وقال بحسرة:
ــ إذن فهو لا يشبه الجمل!
وأدرك ضِفْدَ زاد الصباح. فسكتت عن النقيق المُباح.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
شاهد في هنا ليبيا: قصة فنان تشكيلي من تمسان
شاهد في هنا ليبيا: قصة فنان تشكيلي من تمسان
المغني كينجي.. «تظاهر بالانتحار» حبًّا لأسرته
المغني كينجي.. «تظاهر بالانتحار» حبًّا لأسرته
معرض يحتفي بالألوان ويوثق ذاكرة ألعابنا الشعبية
معرض يحتفي بالألوان ويوثق ذاكرة ألعابنا الشعبية
وفاة المخرج الفرنسي لوران كانتيه عن 63 سنة
وفاة المخرج الفرنسي لوران كانتيه عن 63 سنة
فوز آية ناكامورا بثلاث من جوائز «فلام» الموسيقية
فوز آية ناكامورا بثلاث من جوائز «فلام» الموسيقية
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم