سنة 1996 قدم خليفة الفاخري مطوية عنوانها «عيون الأمل» في مناسبة الذكرى الخمسين لإقامة أول معرض للفنان عوض عبيدة، كتب يقول:
«حين كانت المدينة مجرد أطلال مسكونة بالأشباح والرياح جراء الحرب العالمية الثانية، اكترى الفنان عوض عبيدة قاعة بشارع عمر المختار في بنغازي بثلاثة جنيهات لمدة شهر، وأقام أول معرض له. كان ذلك في مثل هذا الشهر من سنة 1946وكانت لوحة الصبي بائع البرتقال -غلاف المطوية - إحدى لوحات ذلك المعرض، وكذلك (بورتريه) الرجل العجوز. كان الناس - حينذاك - يتطايرون مثل الشرر عبر كل الأبعاد؛ بحثًا عن كفاف يومهم، وكان الفنان عوض عبيدة يمنحهم رافدًا من الأمل في النهوض بالحياة على نحو قويم. ومنذ ذلك الوقت/ وعلى مدى خمسين عامًا، توالت لوحات هذا الفنان، معانقة كل الناس على اختلاف أعمارهم، وحرفهم، وأهوائهم.
اكتظت لوحاته بالعيون.. العيون الجدلة البراقة، المبشرة بالأمل تحت كل الظروف. وبهذه الذكرى.. ذكرى مرور خمسين سنة على إقامة أول معرض للفنان عوض عبيدة (1946-1996) لا أملك سوى أن أحيي غناه الفني المبدع، وروحه الخلاقة المؤمنة، متمنيًا له طول العمر، فنانًا رائدًا باتصال، وثريًّا بالإبداع».
وفي مثل هذا اليوم، منذ سبع سنوات، رحل عنا الفنان عوض عبيدة، الذي وُلد بشارع المسطاري ببنغازي سنة 1923 التحق بالمدرسة الابتدائية الإيطالية ودرس اللغة العربية على يد الشيخ السنوسي المرتضي. وكان مولعًا بالرسم والألوان، واستفاد من مدرس رسم إيطالي يعيش في بنغازي، وفي سنة 1947 رحل نحو فلورنسا، مهد الفن التشكيلي، ومنها نحو معارض العالم. سنة 1987 استقر في لندن وظل بها 14 سنة. ومن مرسمه إلى صالات عرض وتسويق إنتاجه، غير أنه لم يسوِّق لوحات التراث الليبي، إذ قال بشأنها: «.. إنها ليست للبيع، فلقد استعرتها من حياة الناس ويهمني أن تعاد إليهم يومًا ما في متحف عام». سنة 1994 عاش فترة بالمغرب بناءً على دعوة من الملك الحسن الثاني، وتجول في ربوعها ورسم الكثير من عاداتها وتقاليدها وتراثها ووجوه الكثير من ناسها.
وبعد أن ترك لنا أكثر من 500 لوحة رسمت مناحي حياة، وثقافة، ووجوه بلادنا، بعد أن ترك هذه الثروة رحل عنا يوم الجمعة 9/2/2013، ووُسِّد ثرى مقبرة الهواري ببنغازي في اليوم التالي.
تعليقات