Atwasat

حصاد 2023: تقدم وانتكاسات في حماية البيئة ومكافحة الاحترار

القاهرة - بوابة الوسط الثلاثاء 26 ديسمبر 2023, 11:42 صباحا
WTV_Frequency

شهد العام 2023 نجاحات وإخفاقات في حماية البيئة على المستوى العالمي وكان على رأسها هذا التطور السريع فيما ترتب على أزمة المناخ.

واحتلت عديد القضايا التي لا تقل أهمية أو ربما كانت هي أحد عوامل تفاقم المشاكل البيئية مزيد الاهتمام وكان منها، قضية استمرار استخدام الوقود الأحفوري الذي يقف وراء الاحتباس الحراري، وإزالة الغابات وفقدان التنوع البيولوجي وغيرها من العوامل، حسب «DW».

وتشاركت نتائج الأبحاث العلمية في تأكيد أن أزمة المناخ ترتبت على إخفاقات متعددة في إدارة القضية، مما أدى إلى أن الكرة الأرضية وصلت إلى مرحلة حرجة سيترتب عليها عواقب كارثية.

واجتمع العلماء على أن العام 2023 كان الأكثر سخونة على الإطلاق، وفي مقابلة مع «DW» نوفمبر الماضي، قال جون كينيدي، مستشار مستقل في شؤون المناخ، «إننا ننتقل من ظاهرة النينيا إلى ظاهرة النينيو. وكنا نتوقع أن ترتفع درجات الحرارة على مستوى العالم بمعدلات منخفضة، لكنها ارتفعت بمعدل مثل مفاجأة للكثيرين».

كيري: «كوب 28» آخر فرصة لحصر الاحترار المناخي بـ1,5 درجة مئوية
الاحترار المناخي يهدد بزوال أكبر نهر جليدي في إيطاليا بعد أقل من قرن

وبلغت مستويات الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس نتيجة حرق البشر مصادر الوقود الأحفوري مستويات غير مسبوقة، ورغم أن ارتفاع درجات الحرارة على أساس سنوي يقف وراءه تغيرات طبيعية، إلا أن العقد الماضي شهد ارتفاعا عالميا بمتوسط بلغ حوالي 1.2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.

وفي تعليقه، قال الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للأرصاد الجوية (WMO)، بيتيري تالاس، إن «مستويات الغازات الدفيئة وغازات الاحتباس الحراري ودرجات الحرارة العالمية ومستوى سطح البحر قد سجلت جميعها أرقاما قياسية جديدة، بينما انخفض الجليد البحري في المحيط المتجمد الجنوبي إلى مستوى قياسي. إننا أمام تنافر صارخ للأرقام القياسية المُحطمة».

«كوب 28»...الابتعاد عن الوقود الأحفوري
وأثار اختيار الإمارات لاستضافة قمة المناخ العالمية الكثير من الجدل لكونها واحدة من أكبر البلدان المنتجة للنفط عالميا بالتوازي مع الجدل الذي أثاره تعيينها سلطان الجابر، رئيس إحدى أكبر شركات النفط في العالم، لقيادة القمة.

يشار إلى أن سلطان الجابر هو الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» التي تعد إحدى أكبر شركات النفط في العالم، فيما يشغل أيضا منصب وزير الصناعة والتكنولوجيا في دولة الإمارات.

وبدأت المحادثات في «كوب 28» بشكل إيجابي مع قرار بتفعيل «صندوق الخسائر والأضرار» لتعويض البلدان المتضررة من الكوارث المناخية فيما بلغت قيمة المساهمات الأولى حوالي 700 مليون دولار.

وقال خبراء إن هذا المبلغ مازال بعيدا عن الهدف المنشود وسط تقديرات بأن الصندوق في حاجة إلى الحصول على موارد مالية تتراوح قيمتها ما بين 150 إلى 400 مليار دولار سنويا بحلول العام 2030.

لكن البيان الختامي للمؤتمر لاقى ترحيبا دوليا كبيرا نظرا لأنه حمل في طياته اتفاقا عالميا على الانتقال بعيدا عن الوقود الأحفوري في سابقة هي الأولى من نوعها خلال قمم المناخ السابقة.

ووصف الرئيس التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، سيمون ستيل، الخطوة بأنها تمثل بداية نهاية عصر الوقود الأحفوري، لكن البيان الختامي لم يذكر موعد محدد بشأن التخلص التدريجي الكامل من النفط والغاز والفحم.

وإزاء ذلك، حذر ستيل من أن «الثغرات تجعلنا عرضة للمصالح الراسخة في قطاع الوقود الأحفوري وهو ما قد يدمر قدرتنا على حماية الناس من تنامي التأثيرات المناخية في كل مكان».

فيضانات وحرائق وجفاف
ولم يتوقف الأمر على موجات احترار عالمية قاسية بل امتد الأمر إلى تعرض الكثير من دول العالم لظواهر طقس متطرفة مرتبطة بظاهرة تغير المناخ.

فعلى مدى أكثر من خمسة أسابيع بداية من فبراير وحتى مارس، عبر الإعصار المداري فريدي، الذي يعدُ الأطول أمدا على الإطلاق والأكثر تدميرا في التاريخ، المحيط الهندي حيث وصل إلى اليابسة ثلاث مرات مما تسبب في هطول أمطار غزيرة وفيضانات وانهيارات أرضية في مدغشقر وموزمبيق وملاوي.

وأدت العاصفة دانيال في سبتمبر، إلى فيضانات شديدة في اليونان وبلغاريا وتركيا قبل عبور البحر المتوسط لتضرب ليبيا مما أدى إلى تدمير مدينة درنة حيث قتلت الفيضانات ما لا يقل عن 5000 شخص وشردت عشرات الآلاف.

ويقول العلماء إن احتمالية حدوث الفيضانات الكبرى قد زادت 50 مرة بسبب تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري.

تزامنت الفيضانات مع حدوث حرائق غابات أتت على الأخضر واليابس في الكثير من دول العالم؛ إذ شهدت كندا أسوأ موسم حرائق الغابات على الإطلاق دمرت أكثر من 18.5 مليون هكتار في جميع أنحاء البلاد في وهي مساحة تتجاوز مساحة سوريا.

قبل العام 2023، كانت مواسم حرائق الغابات تسفر عن احتراق قرابة أكثر من مليوني مليون هكتار.

ولم تكن كندا الاستثناء الوحيد؛ إذ شهدت هاواي وتشيلي وبلدان في جنوب أوروبا وجزر الكناري حرائق غابات مستعرة أسفرت عن تزايد وتيرة وضراوة مواسم الجفاف في مناطق عديدة.

الاتحاد الأوروبي يقرر استعادة الطبيعة
وافق الاتحاد الأوروبي على قانون تاريخي للتنوع الحيوي يلزم الدول الأعضاء باستعادة 30% من مساحة الأراضي الرطبة والبيئات المائية الضحلة بحلول العام 2030.

وحدد القانون العام 2050 موعدا نهائيا لإصلاح الأضرار التي لحقت بالطبيعة في بلدان الاتحاد الأوروبي، وشدد مسؤولو التكتل على أن القانون سوف يسهم في الوصول إلى الحياد المناخي وتعزيز القدرة على التكيف مع تغير المناخ.

الجدير بالذكر أن قرابة 80% من الموائل في جميع أنحاء القارة الأوروبية في حالة سيئة.

وعلى الرغم من الترحيب بالقانون، إلا أن نشطاء في مجال البيئة أعربوا عن خيبة أملهم من نصوص التشريع الذي قوبل بمعارضة شرسة بسبب أنه يحمل في طياته الكثير من الإعفاءات، على حد تعبيرهم. وقال سابين ليمانز، الخبير في منظمة «الصندوق العالمي للطبيعة»، إن القانون «بعيد كل البعد عما يقوله العلم فيما يتعلق بما يتعين اتخاذه بشكل عاجل وضروري لمعالجة حالات الطوارئ المتعلقة بالمناخ والتنوع البيولوجي».

ومن المتوقع أن يدخل القانون حيز التنفيذ مطلع العام 2024 بعد الموافقة عليه من البرلمان الأوروبي.

تزامن هذا مع موافقة التكتل على سلسلة من الإجراءات واسعة النطاق لمنع التلوث البلاستيكي الدقيق، فضلا عن اعتماد قانون يقضي بحماية الغابات من خلال حظر استيراد المنتجات التي تسهم في عمليات إزالة الغابات.

وفي خطوة أثارت الكثير من الجدل، وافق التكتل الأوروبي على تجديد تفويض استخدام الغليفوسات - أشهر مبيدات الأعشاب على الإطلاق - لمدة عشر سنوات أخرى.

ويُضاف إلى ذلك ما كشف عنه تحليل قامت به مؤسسة «DW» بالتعاون «شبكة صحافة البيانات في أوروبا» في سبتمبر الماضي أظهر عن أن سكان القارة الأوروبية يتنفسون هواء سيئا يشكل خطرا على حياتهم حيث يزيد تلوث الهواء من خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والقلب مما يقلل من متوسط العمر المتوقع.

تراجع عمليات إزالة الغابات في الأمازون
ومثّل العام 2023 نقطة تحول بالنسبة للبرازيل حيث تعهد الرئيس لولا دا سيلفا بكبح جماح عملية إزالة غابات الأمازون التي ارتفعت في عهد سلفه المشكك في التغير المناخي، جايير بولسونارو.

ففي العام الأول من توليه زمام الأمور، بلغ معدل إزالة الغابات أدنى مستوياته منذ العام 2018 أي قبيل بدء رئاسة بولسونارو.

وعلى الرغم من ذلك، دعا عدد من نشطاء البيئة إلى فرض ضوابط أكثر صرامة على الزراعة وصناعة اللحوم في منطقة غابات الأمازون التي تعد واحدة من أكبر الدفاعات ضد تغير المناخ إذ تُعرف بـ«رئة الأرض» لأنها تنتج أكثر من 20% من الأكسجين في العالم.

وفي مقابلة مع «DW» في أبريل الماضي، أشارت كريستيان مازيتي، الناشطة في فرع «منظمة السلام الأخضر» في البرازيل، إلى استمرار الرعي الجائر والتوسع الزراعي على الرغم من أنهما يشكلان السبب الرئيسي لإزالة الغابات في منطقة الأمازون.

ألمانيا تودع الطاقة النووية
وأوفت ألمانيا بتعهد قطعته على نفسها المستشارة السابقة أنغيلا ميركل في أبريل الماضي، بعد كارثة فوكوشيما العام 2011 إذ أغلقت الحكومة آخر ثلاث محطات تعمل بالطاقة النووية.

ولاقت الخطوة إشادة من النشطاء في مجال البيئة على الرغم من استمرار مشكلة النفايات النووية. ورغم الإشادة، إلا أن الخطوة لاقت أيضا انتقادات؛ إذ أعربت منظمة ألمانية مؤيدة للطاقة النووية تُعرف باسم «KernD» عن رفضها إنهاء العمل بالطاقة النووية منخفضة الكربون في وقت نشهد فيه زيادة حادة في توليد الطاقة عن طريق الفحم بسبب أزمة الطاقة.

وفي مقابلة مع «DW» ، قال الناطق باسم المنظمة «تزايد الاعتماد على الطاقة النووية سيكون أكثر منطقية عن التخلي عنها بالنظر إلى أمن الإمدادات وحماية البيئة والمناخ، فضلا عن القدرة التنافسية».

وتعهدت أكثر من 120 دولة في ختام مؤتمر المناخ «كوب 28» في دبي مطلع ديسمبر الجاري بمضاعفة قدرات الطاقات المتجددة في العالم ثلاث مرات بحلول العام 2030، لكن 20 دولة من بينها فرنسا والولايات المتحدة واليابان، أعلنت خططا لزيادة إنتاج الطاقة النووية بمعدلات كبيرة بحلول 2050 من أجل الوفاء بالتعهدات المناخية لا سيما تحقيق الحياد الكربوني.

أدت العاصفة دانيال إلى تدمير مدينة درنة حيث قتلت الفيضانات ما لا يقل عن 5000 شخص وشردت عشرات الآلاف. (ا ف ب)
أدت العاصفة دانيال إلى تدمير مدينة درنة حيث قتلت الفيضانات ما لا يقل عن 5000 شخص وشردت عشرات الآلاف. (ا ف ب)
أدى الجفاف إلى نفوق قطعان ماشية. (DW)
أدى الجفاف إلى نفوق قطعان ماشية. (DW)
ينتج عن الوقود الأحفوري مواد مضرة بالبيئة. (ا ف ب)
ينتج عن الوقود الأحفوري مواد مضرة بالبيئة. (ا ف ب)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
ظاهرة نادرة: رصد انفجار شمسي رباعي (فيديو)
ظاهرة نادرة: رصد انفجار شمسي رباعي (فيديو)
تيك توك تعلّق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد «تيك توك لايت»
تيك توك تعلّق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد «تيك توك لايت»
انطلاق مهمة «شنتشو-18» الفضائية من مركز جيوتشيوان الصيني
انطلاق مهمة «شنتشو-18» الفضائية من مركز جيوتشيوان الصيني
تحوّل اجتماعي أدى إلى تراجع التنوع الوراثي للذكور في العصر الحجري الحديث
تحوّل اجتماعي أدى إلى تراجع التنوع الوراثي للذكور في العصر الحجري...
رائدا الفضاء المشاركان في أول رحلة مأهولة لمركبة «ستارلاينر» وصلا إلى فلوريدا
رائدا الفضاء المشاركان في أول رحلة مأهولة لمركبة «ستارلاينر» وصلا...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم