Atwasat

آثار كارثية لتسارع ذوبان الغطاء الجليدي في غرينلاند

القاهرة - بوابة الوسط الأربعاء 04 أكتوبر 2023, 10:25 صباحا
WTV_Frequency

يُنذر صوت ارتطام الجبال الجليدية بالبحر الفيروزي شرق غرينلاند بالخطر المحيط بمصير أحد أهم النظم الإيكولوجية في العالم والذي يقترب من الانهيار مع ذوبان الجليد، وينتاب الصيادين الإنويت في قرية إيتوكورتورميت التي تضم إحدى آخر مجموعاتهم، قلق في شأن المصدر الذي سيحصلون منه مستقبلا على المياه.

ويختزن الغطاء الجليدي في غرينلاند نسبة واحد من 12 من مجمل المياه العذبة في العالم، وهو ما يكفي لرفع مستوى سطح البحر سبعة أمتار في حال ذاب، لكن التغير المناخي يهدد مصدر المياه الوحيد للسكان، حسب وكالة «فرانس برس».

ويعد الشتاء البارد والجليد الصلب والكميات الكبيرة من الثلوج أمورا مهمة ليتمكن أفراد الإينويت في منطقة سكورسبي ساوند من تأمين مياههم وغذائهم، إلا أن درجات الحرارة في القطب الشمالي ترتفع بوتيرة أسرع بنحو أربع مرات عن المتوسط العالمي، وعلى بعد حوالى 500 كيلومتر من أقرب مستوطنة بشرية، يحصل السكان في إيتوكورتورميت البالغ عددهم 350 على مياههم العذبة من نهر يغذيه نهر جليدي يذوب بوتيرة متسارعة.

ويقول إرلينغ راسموسن من شركة المرافق المحلية «نوكيسيورفيت»: «ربما سيختفي النهر الجليدي في غضون سنوات قليلة»، مشيرا إلى أن مساحة الغطاء الجليدي تتقلص بصورة متزايدة، مضيفا «قد نضطر مستقبلا لشرب المياه من المحيط».

ومع ارتفاع تكلفة تحويل الثلوج إلى مياه وعدم إمكان الاعتماد على هذه التقنية، بدأت مجتمعات منعزلة أخرى في غرينلاند تتجه إلى تحلية المياه.

تقلص الجليد يجعل الصيد التقليدي أكثر خطورة
لا يخلو سكورسبي ساوند، وهو أكبر مضيق بحري في العالم، من الجليد إلا شهرا واحدا في السنة، فيما يعتمد السكان خلال فصول الشتاء القطبية على اللحوم التي يوفرها الصيادون.

ولا تصل سفن الشحن إلى إيتوكورتورميت، عند مدخل المضيق، سوى مرة واحدة في السنة، وتشكل الجبال الجليدية الضخمة التي تجعل الممر ضيقا، تحديا للبحارة.

ويقول مدرس ورئيس سابق لبلدية القرية يورغن يولوت دانييلسن «نحن بحاجة إلى لحوم من حيواناتنا، لا يمكننا الاعتماد فقط على شراء اللحوم الدنماركية المجمدة».

ولكن مع تقلص مساحة الجليد بفعل ارتفاع درجات الحرارة، بات الصيد التقليدي للفقميات عن طريق مطاردتها عندما تخرج لتتنفس عبر الثقوب الموجودة في الجليد، أكثر صعوبة وخطورة للصيادين المحليين.

-تسارع كبير في ذوبان الأنهار الجليدية في سويسرا خلال العامين الماضيين

-الأنهر الجليدية بالهملايا تذوب بسرعة غير مسبوقة ما يهدد ملياري شخص

كذلك، يصعب انخفاض المساحات الجليدية من استخدام الكلاب الزلاجة التي يعتمد عليها الصيادون في العادة.

وليس البشر وحدهم من يواجهون هذه التحديات، إذ يدفع تقلص الجليد الدببة القطبية الجائعة إلى دخول القرية بحثا عن الطعام.

تناقص أسماك القد القطبية المصدر الرئيسي لغذاء السكان
تُعد الأنهر الجليدية ذات الجدران الزرقاء والتي تقع بين الجبال الحمراء لمضيق رود، عنصرا رئيسيا في النظام الإيكولوجي، وبسبب الظروف الحادة في هذا الموقع، لم تكن من الأماكن التي خضعت لدراسات بكثيرة، ولكن بعد خمس سنوات من التخطيط الدقيق، تسارع المبادرة العلمية الفرنسية «غرينلانديا» إلى توثيق ما يحدث في المنطقة الأكثر تضررا من التغير المناخي، قبل فوات الأوان.

ويقول قائد البعثة فنسان إيلير لوكالة «فرانس برس» خلال وجوده على متن قارب البعثة الشراعي كاماك «نسمع عن الاحترار المناخي لكن هنا يمكننا رؤيته».

وتخشى كبيرة العلماء في مركز «غرينلاند كلايمت ريسيرتش سنتر» كارولين بوشار، أن يؤدي انحسار الطبقة الجليدية إلى خفض التنوع الإيكولوجي في مضيق سكورسبي.

ويتسبب انهيار الجليد في البحر بجعل المياه الذائبة تعلو تلك الموجودة في المضيق والغنية بالمغذيات، لكن مع ذوبان الجليد، يخسر النظام الإيكولوجي هذه العناصر الغذائية، مما يؤدي إلى خفض أعداد العوالق التي تتغذى عليها أسماك القد القطبية التي بدورها تغذي الفقميات، وهي مصادر البروتين الرئيسي لسكان إيتوكورتورميت.

على متن القارب كاماك، تتفقد بوشار محتوى شباكها لتلاحظ بين العوالق والكريل في عيناتها، انخفاض عدد يرقات سمك القد من 53 في العام الماضي إلى 8 فقط هذا الصيف، وتشير إلى ضرورة إجراء تحليل شامل لتحديد أسباب هذا الانخفاض، قائلة :«إذا انخفضت أعداد سمك القد بصورة مفاجئة، ماذا سيحدث للفقمة الحلقية والدب القطبي؟».

وقد تكون للانخفاض المحتمل في أعداد سمك القد القطبي آثار كارثية على السكان المحليين.

طحالب تتسبب بسرعة ذوبان الجليد
ويوفر البحث الجديد الذي أجرته بعثة «غرينلانديا» صورة قاتمة عن مستقبل الغطاء الجليدي، ففي المضيق الذي يشهد درجات حرارة مرتفعة، يصطبغ الجليد بلون أحمر، وهذا الاصطباغ ناجم عن طحالب ثلجية اسمها «سانغينا نيفالويدس» اكتُشفت علميا العام 2019، وتحمي هذه الطحالب نفسها من أشعة الشمس عن طريق فرز صبغة حمراء مائلة إلى البرتقالي كان لها دور في الحد من قدرة الجليد على عكس ضوء الشمس وتسببت تاليا بتسريع ذوبانه.

ويقول الباحثون إن هذه الطحالب مسؤولة عن 12% من إجمالي الذوبان السطحي السنوي للغطاء الجليدي في غرينلاند، أي 32 مليار طن من الجليد، وهو رقم هائل حسب العلماء.

ومع انتشار الطحالب، يؤكد العلماء أننا نواجه حلقة مفرغة، إذ يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تسريع ذوبان الجليد وتعزيز نمو الطحالب التي تتسبب بدورها في تسريع ذوبان الجليد.

ليس لدينا الوقت الكافي لوقف الخطر
ويقول مدير الأبحاث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية إريك ماريشال «نحن نواجه كارثة»، مشيرا إلى أن إثباتا علميا للاتجاه الذي تتخذه الطحالب يتطلب 30 عاما من البيانات، بينما لا يتمتع العالم بترف الوقت، مؤكدا أن «الخطر الذي نواجهه هنا هو اختفاء نظام إيكولوجي برمته، ولا أعتقد أن وقف ما يحصل في الوقت المناسب ممكن».

ويعتبر ماريشال أن المخاطرة بعبور بلد الدببة يستحق العناء، ويسارع فريقه في المركز الوطني للبحوث العلمية ومركز أبحاث الثلوج التابع لهيئة الأرصاد الجوية الفرنسية، إلى جمع عينات ميدانية في غرينلاند واستعادة بيانات سابقة من الأقمار الصناعية للتوصل إلى فهم أفضل لسلوك الطحالب.

ويقول مارشال «علينا التنبه ومعالجة هذه المسألة بجدية»، مضيفا «ما يحصل في غرينلاند أساسي لفهم اضطراب دورة المياه العالمية، والذوبان الكبير للجليد وما يسببه ذلك من ارتفاع مستوى مياه المحيطات».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
ظاهرة نادرة: رصد انفجار شمسي رباعي (فيديو)
ظاهرة نادرة: رصد انفجار شمسي رباعي (فيديو)
تيك توك تعلّق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد «تيك توك لايت»
تيك توك تعلّق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد «تيك توك لايت»
انطلاق مهمة «شنتشو-18» الفضائية من مركز جيوتشيوان الصيني
انطلاق مهمة «شنتشو-18» الفضائية من مركز جيوتشيوان الصيني
تحوّل اجتماعي أدى إلى تراجع التنوع الوراثي للذكور في العصر الحجري الحديث
تحوّل اجتماعي أدى إلى تراجع التنوع الوراثي للذكور في العصر الحجري...
رائدا الفضاء المشاركان في أول رحلة مأهولة لمركبة «ستارلاينر» وصلا إلى فلوريدا
رائدا الفضاء المشاركان في أول رحلة مأهولة لمركبة «ستارلاينر» وصلا...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم