Atwasat

المأزق الأميركي.. من فلسطين إلى أوكرانيا!

حمدي الحسيني السبت 04 مارس 2023, 06:13 مساء
حمدي الحسيني

أوقعت الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة الولايات المتحدة في مأزق سياسي كبير بسبب ممارساتها العنصرية المستمرة بحق السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
لعل ذروة هذا المأزق تجلت في دعوة وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش إلى محو قرية حوارة الفلسطينية من الوجود!

مع استمرار انتهاكات قوات الاحتلال في الأراضي والمدن الفلسطينية يتعمق المأزق الأميركي أمام العالم، خاصة في الوقت الذي تخوض فيه الدبلوماسية الأميركية معركة ساخنة، لحشد الرأي العام العالمي لإدانة الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، وسعيها الدؤوب لحصار روسيا دبلوماسياً ودولياً لحملها على الانسحاب من المدن التي احتلتها جنوب وشرق أوكرانيا.
أمام هذا الموقف المتناقض الذي وضعتها فيه سلوكيات متطرفة لوزراء حكومة نتانياهو، سارعت واشنطن بالدعوة إلى مؤتمر العقبة الأخير الذي جمع بين شخصيات فلسطينية وإسرائيلية بمشاركة كل من مصر والأردن، بهدف منع انفجار الوضع الأمني في المدن الفلسطينية؛ لكن حدث العكس، ففي اليوم التالي، اقتحمت وحاصرت القوات الإسرائيلية بلدة حوارة الفلسطينية بالضفة الغربية وقتلت عدداً من أبنائها، كما استخدمت المدنيين دروعاً بشرية، رداً على اغتيال أحد المستوطنين على أيدي مقاوم فلسطيني.
المفارقة أنه بينما تدعم واشنطن المقاومة الأوكرانية بكل الوسائل الدبلوماسية والعسكرية والمالية لتحرير أرضها من الاحتلال الروسي، إلا أنها في الوقت نفسه تمارس سلوكاً مغايراً تماماً مع الشعب الفلسطيني الذي يقاوم ويدافع عن أرضه التي تحتلها إسرائيل.
الازدواجية الأميركية تتجلى بشكل مفضوح ومشين في تصنيفها المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي كونها عملاً إرهابياً، وتقف بكل قوتها بجانب المحتل الإسرائيلي، ضد إرادة الشعب الفلسطيني الذي يناضل من أجل تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة.
في المقابل نجدها تتفانى في دعم المقاومة الأوكرانية لإلحاق الهزيمة بالروس.
هذا السلوك المعكوس للسياسة الأميركية سيؤدي إلى عدم ثقة الرأي العالم العربي والدولي في الشعارات التي تروّج لها واشنطن في المحافل الدولية.
والمتابع لما تشهده الأراضي المحتلة من جرائم يومية يرتكبها المستعمرون، يلاحظ تراجع صوت رئيس الوزراء نتانياهو أمام هيمنة الوزراء المتطرفين الذين يتبنون سياسة عنصرية تدعو بشكل علني إلى محو القرى الفلسطينية.
إن استمرار هذه السياسات المتطرفة والسلوكيات الإرهابية لحكومة الاحتلال، سوف تضاعف من تعقيد الوضع الأمني في الأراضي المحتلة، وتشجع الشباب الفلسطيني على الانتقام والانخراط في التنظيمات التي تقاوم الاحتلال، بل وربما يؤدي استمرار هذه السياسات الغاشمة إلى ابتكار الفلسطينيين أساليب جديدة وغير معهودة للمقاومة.
كل التوقعات تشير إلى أن العنف الإسرائيلي في تصاعد مستمر، وربما تتضاعف أزمة الولايات المتحدة باعتبارها الراعي الدولي لهذا الاحتلال، خاصة مع اقتراب شهر رمضان المبارك الذي يتواكب هذا العام مع عيد الفصح اليهودي، ما قد يؤدي إلى انفجار الأوضاع وخروجها عن السيطرة، في الوقت الذي لا تملك حكومة الاحتلال مواجهتها سوى بالقوة المسلحة المنفلتة، التي تعالت أصوات العالم الحر مطالبة بضرورة وضع حدٍ لها.
فهل تستمر الولايات المتحدة في سياساتها المزدوجة تجاه دعم المستعمر الإسرائيلي في فلسطين، بينما تعمل بكل قوتها ضد المستعمر الروسي في أوكرانيا؟