Atwasat

ليبيا تدفع ثمن أخطاء ما بعد إسقاط القذافي

القاهرة - بوابة الوسط الأربعاء 19 مارس 2014, 11:14 مساء
WTV_Frequency

قالت صحيفة فايننشال تايمز إنه قد يكون من المغري توصيف "مستنقع" الوضع الأمنيّ والسياسيّ، المتعقد على نحو متزايد في ليبيا، بالنتيجة التي لم يمكن تفاديها للثورة المسلحة والمدعومة من الناتو التي قامت العام 2011 وأطاحت بالقذافي. لكن نظرة أقرب إلى أخطاء كثيرة كان يمكن تفاديها في أغلب المواقف، قام بها المجتمع الدولي والنخبة السياسيّة الليبية منذ سقوط النظام السابق، يمكن أن تعرّف كيفية وضع البلد على الطريق الصحيح، وتمثل حكاية تحذيرية للانتقالات السياسيّة المستقبلية حول العالم.

وأضافت الصحيفة إنه بالرغم من إفشال البحرية الأميركية للمحاولة "الغريبة" التي قام بها الثوار المطالبين بالاستقلال من أتباع إبراهيم الجضران (رئيس ما يعرف بالمكتب السياسي لإقليم برقة) لتهريب شحنة نفط إلى خارج البلد ذكرت العالم مرة أخرى بفوضى ليبيا المستمرة.

وقتل بعدها بساعات تسعة ليبيّين على الأقل وجرح سبعة في تفجير حفل تخرج بأكاديمية عسكرية ببنغازي، كحلقة أخيرة من هجمات يفترض أن ميليشيات إسلامية قامت بها ضد بقايا القوات المسلحة التابعة لنظام القذافي.

انهيارات فكرية وإقليمية
بالرغم من أن ليبيا ليست على شفا الحرب الأهلية أو التقسيم، إلا أنها تنهار بشكل خطير على النواحي الإقليمية والفكرية، وهي عملية يرى محللون مخضرمون أنها كان من الممكن إيقافها، ولازال يمكن إبطائها. ورأت الصحيفة أن اختيار الداعمين الأجانب للثورة الليبية والمتأثرين بالتجربة العراقية السلبية بعدم إنزال القوات العسكرية بليبيا بعد إسقاط القذافي هو خطأ فادح، وهو الأمر الذي وافق عليه كثير من الليبيّين آنذاك، فبمجرد اختفاء قوات القذافي، لم تكن هناك قوات موثوقة على الأرض لتحفظ الأمن، وتسيطر على مستودعات الأسلحة مما أدّى إلى صحوة الميليشيات المسلحة التي تستمر في سيطرتها على البلد ومنع تقدمها السياسيّ.

الحكومات الموقتة الضعيفة زادت من ضعفها بالاستسلام لمطالب الميليشيات المتزايدة، وأن إضعاف القوات لمصداقية الحكومة هو (أمر) مسجل على جدول رواتب الحكومة.

وقالت إن الحكومات الموقتة الضعيفة زادت من ضعفها بالاستسلام لمطالب الميليشيات المتزايدة، وأن إضعاف القوات لمصداقية الحكومة هو (أمر) مسجل على جدول رواتب الحكومة. وفي الوقت الذي يتلقى فيه كل عضو بالميليشيات حوالي ألف دولار شهريًا، لم توفّر أي من الحكومات الموقتة وظائف أو برنامج للأشغال العامة لجذب الشباب بعيدًا عن الشوارع، وحتى مع إنفاقها 55 مليار دولار سنويًا على دعم الطعام والوقود فلا يقوم القطاع العام بأكثر من الأعمال المكتبية الروتينية.

إعادة شراء الأسلحة
بالرغم من توفر الموارد الماليّة في ليبيا، لم تحاول أي من الحكومات الموقتة التي تولت السلطة بعد القذافي تقديم برنامج موثوق لإعادة شراء الأسلحة، ولم تقم أي منها بأكثر من جهود رمزية لوضع الأسلحة تحت سيطرة البلد. وقالت عضو مجموعة الأزمات الدولية كلوديا غازيني: "إنه لم توجد استراتيجية لنزع السلاح".

وأضافت الصحيفة أن أخطاء الحكومات الموقتة كان يمكن تفاديها بسهولة بالعديد من الطرق، فقد رفضت الحكومات المتعاقبة مطالب صغيرة لأمازيغ ليبيا وأقليات التبو والطوارق تتضمن حقوق لغويّة وثقافية أساسيّة، مهدرين حلفاء محتملين مهمين في صراع إقامة دولة جديدة.

لم يخضع القطاع العام المتضخم وغير الفعال لأي إصلاحات، ولم يصبح أكثر شفافية، ليغذي بذلك تصورات استمرار الفساد.

وبالرغم من الوعود، لم يخضع القطاع العام المتضخم وغير الفعال لأي إصلاحات، ولم يصبح أكثر شفافية، ليغذي بذلك تصورات استمرار الفساد. ليولد الغضب من هذا الفساد إبراهيم الجضران الذي استولى على محطات وصول النفط الشرقية الأساسية في البلاد في يوليو الماضي وخفض إنتاج النفط بأكثر من النصف تحت اسم حركة الاتحادية التي تطالب بكمية أكبر من موارد ليبيا من أجل الشرق الذي أُهمل طويلاً.

تأليب الإخوان المسلمين ضد معارضيها
قالت الصحيفة إن النخبة السياسيّة الليبية، التي تأثرت بالأحداث الجارية في مصر، دخلت في معركة طائشة و"قذرة" لتأليب "الإخوان المسلمين" ضد معارضيها. فقد تستطيع مصر وتونس بمؤسساتيهما وجيشيهما أن تصمدا أمام صراع مثل هذا، أما في ليبيا الهشة فيعني ذلك أن الطبقة السياسيّة نحَّت أمر بناء المؤسسات الحيوية والحساسة زمنيًا من أجل السعي للسلطة. ويقول مذيع سياسي ليبي: "إن العقلية كلها خاطئة. لأنهم تاجروا بالصراع على السلطة في كل شيء، من حقوق الأقليات إلى نزع سلاح الميليشيات. وسيطر جو يعمه الاقتصاص.وتم تسكين العشرات من أجل السلطة".

وختمت الجريدة بأنه بمجرد سقوط القذافي، توقع الجميع ظهور بعض الصراع السياسي، إلا أن الجهات الدولية كان بإمكانها القيام بجهود أكبر لتأمين ليبيا، ولو حتى من أجل مصالحهم هم. وفي نفس الوقت كان يمكن لنخبة ليبيا السياسيّة أن تختار نسق سياسي أكثر توافقًا. ويعتقد الكثيرون أنه ما زال بإمكانهم ذلك.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
تكالة وسفير روسيا يبحثان المصالحة الليبية ومبادرة الكونغو
تكالة وسفير روسيا يبحثان المصالحة الليبية ومبادرة الكونغو
«وسط الخبر» يناقش: البعثة الأممية والمصالحة الوطنية.. دعم أم تسييس؟
«وسط الخبر» يناقش: البعثة الأممية والمصالحة الوطنية.. دعم أم ...
«المركزي»: توزيع 26.7 مليار دينار على المصارف التجارية خلال 5 أشهر
«المركزي»: توزيع 26.7 مليار دينار على المصارف التجارية خلال 5 ...
«هذا المساء» يناقش: روسيا وسيط في ليبيا.. الطموح والواقع؟
«هذا المساء» يناقش: روسيا وسيط في ليبيا.. الطموح والواقع؟
حبس مرتكبي واقعة قتل المواطن هيثم المداح ونجله في طرابلس
حبس مرتكبي واقعة قتل المواطن هيثم المداح ونجله في طرابلس
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم