Atwasat

جريدة «الوسط»: سباق بين الحكومتين للظفر بـ«كعكة» إعادة الإعمار الدامية

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 29 سبتمبر 2023, 07:31 صباحا
WTV_Frequency

سباق محموم على أحقية من يتولى عملية إعادة إعمار المناطق المنكوبة بدأ هذه الأيام بين حكومتي عبدالحميد الدبيبة وأسامة حماد، في وقت سعت تحركات البعثة الأممية إلى محاولة إقناع الفاعلين الرئيسيين بالاجتماع خلال أيام لبحث تشكيل لجنة مشتركة لإدارة عملية الإعمار، موازاة مع البناء على «مأساة درنة» لتنشيط العملية السياسية المجمدة، وتوحيد المؤسسات الرسمية. وبعد مضي أكثر من أسبوعين على تعرض مدينة درنة والساحل الشرقي لكارثة الفيضانات المدمرة، شرع عمال الإغاثة والمتطوعون بحزم حقائبهم عائدين إلى بلدانهم، في وقت اقتصرت عمليات الإغاثة الآن على انتشال الجثث من البحر، مع استمرار تضارب الأرقام بخصوص أعداد المفقودين الذين قدرت التصريحات أنهم ما بين 10 آلاف و20 ألف شخص، والعديد منهم دفنوا تحت الأنقاض.

مخاوف بشأن مصير المتضررين اجتماعيا ونفسيا
ويشكل الانسحاب صدمة نفسية أخرى لآلاف المنكوبين، خاصة لدى «الشارع الدرناوي» الأكثر تأثراً بالأضرار، بعدما خفف التآزر بين أفراد الشعب من الغرب والشرق والجنوب من حدة الكارثة، لكن تسود مخاوف من كيفية إدارة السلطات المسؤولة لآثار الأزمة على أكثر من صعيد، ومنها التكفل بالمتضررين اجتماعياً ونفسياً. فحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» فإن نحو 300 ألف طفل تأثروا جراء الكارثة، ولا يختلف الأمر بالنسبة للأشخاص البالغين الذين فقدوا أولادهم أو زوجاتهم وأقرباءهم، بعدما وجدوا المشهد تغير بشكل جذري في مدينة درنة فرحلت عائلات وأعيان وقبائل بأكملها، على غرار عائلات الحصادي، والطشاني التي فقدت، بحسب الناجين منها، ما بين 100 و150 فرداً.

- للاطلاع على العدد 410 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

ولأن بيئة النزوح الجديدة للأطفال والناجين عموماً تغيرت، أصبح لزاماً على أجهزة الدولة والمنظمات الإنسانية الدولية تكثيف العلاج النفسي لهؤلاء للخروج من حالة ما بعد الصدمة التي ألمت بهم، والتي ستكون لها انعكاسات وخيمة على جيل كامل؛ حيث ستعلن عدة جهات ومؤسسات وفرق تابعة لوزارة الصحة الأيام المقبلة عن عمل مشترك لدراسة الكثير من الظواهر والمسائل النفسية والاجتماعية التي نجمت عن كارثة الفيضانات.

الانقسام عطل وصول المساعدات للمناطق المنكوبة
وبقدر حجم الأضرار النفسية والبشرية والمادية التي خلفها الإعصار والفيضانات التي تسببت في انهيار سدين، لم تكن لتنهي تمزق الأجسام السياسية من خلال عمل الحكومتين بشكل منفصل، ما أثر على وصول المساعدات بالسرعة المطلوبة، وعلى قوافل المساعدات الإغاثية والتقنية التي أرسلتها حكومة الوحدة الوطنية الموقتة.

وعلى الرغم من ترحيب سياسيين ومواطنين بقرار النائب العام الصديق الصور بتوقيف عميد بلدية درنة وعدد آخر من المسؤولين عن إدارة السدود وهيئة الموارد المائية احتياطياً على خلفية التحقيق في انهيار سدي وادي مدينة درنة، يأمل الشارع ألا تقتصر خطوات العقاب والحساب على اتهام مسؤولين من الدرجة الثانية والثالثة، خاصة أن مشكلة السدود وصيانتها طرحت منذ العام 1998، ولم تلتزم الشركات الأجنبية بتواطؤ مع من تقلدوا مسؤولية الإشراف على أموال الصيانة وإعادة إعمار المدينة بشكل عام بتنفيذ العقود؛ بل إن بعض الشركات دُفع لها ملايين الدولارات، خاصة لمقاول تركي قبل العام 2012، في حين يشير تقرير المحاسبة في 2021 إن أكثر من 2.3 مليون دولار مخصصة لصيانة السدين لم يتم استخدامها مطلقاً.

مطالبة بمحاسبة المتورطين في الكارثة منذ عهد القذافي
ويدعو مراقبون إلى استدعاء وزراء سابقين وحاليين ونواب على علاقة بلجان الإعمار التابعة لمجلس النواب من أجل الاستماع مباشرة إلى أقوالهم؛ إذ الإهمال يعود إلى عهد معمر القذافي، علماً بأن رئيس الهيئة المركزية للبنية التحتية كان علي الدبيبة. وفي السياق دعا رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إلى اتخاذ الإجراءات القانونية كافة بحق المتورطين بالتقصير في كارثة درنة.

ويبقى تخوف كثير من الليبيين والمتابعين من وقوع أموال إعادة إعمار المناطق المنكوبة في يد من كان لهم ضلوع مباشر أو غير مباشر في كارثة انهيار السدين.

السباق على إعادة الإعمار
وفي السباق من أجل الاستحواذ على هذا الملف، حاول كل طرف استثمار المأساة الإنسانية لصالحه، فيوم الأربعاء، أعلنت حكومة أسامة حماد المكلف من مجلس النواب إنشاء صندوق لإعادة إعمار مدينة درنة متزامناً مع مؤتمر ينعقد في 10 أكتوبر المقبل، معتبرة أن ذلك «سيفتح الباب أمام الشركات العالمية لتقديم أفضل التصاميم الملائمة لطبيعة وتضاريس المدينة»، في وقت تجاهلت حكومة الدبيبة هذه الخطوة، ولم تقل ما إذا كانت سترسل ممثلين عنها، فيما لم يحدد حماد كيفية تمويل الصندوق المقترح.

وكشف وزير الاستثمار في الحكومة المكلفة من مجلس النواب علي السعيدي عن وجود عرض صيني لإعادة بناء البنية التحتية في درنة تحت مظلة «مشروع مترو أنفاق ليبيا». وأكد عضو المجلس الأعلى للدولة محمد امعزب في تصريح له عدم توجيه دعوة لحكومة الوحدة الوطنية للمشاركة في مؤتمر إعادة إعمار درنة، واتهم امعزب حكومة الشرق «بالممانعة ووضع العراقيل في طريق رأب الصدع والتعاون بين الحكومتين في مجال إعادة إعمار مدينة درنة».

حكومة الدبيبة تراسل البنك الدولي للمساعدة
أما حكومة الدبيبة فراسلت مبكراً البنك الدولي لمساعدتها، وتسعى للاستفادة للوصول إلى أصول ليبيا واستثماراتها الدولية المجمدة والتي تقدر بمليارات الدولارات، لكن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، قطع الطريق عليه، وقال عبر حسابه على منصة «إكس» إن «السلطات المنتخبة وفق دستور دائم هي من تملك التصرف في الأموال الليبية المجمدة». واعتبر أن «الدعم الدولي في كل مراحله يحتاج إلى مؤسسة ليبية مختصة وموحدة تحظى بثقة المتضررين».

واعتبر رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي محمد تكالة، خلال لقائه مع السفير الإيطالي لدى ليبيا اجيانلوكا ألبيريني في العاصمة طرابلس، أن كارثة الإعصار التي اجتاحت المنطقة الشرقية أكبر من قدرات البلاد، وتحتاج إلى دعم دولي لإعادة الإعمار.

- للاطلاع على العدد 410 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

وتأسف رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبد الله باتيلي الذي التقاه قائد القيادة العامة المشير خليفة حفتر في بنغازي قبل سفر الأخير إلى موسكو، لكون «التنسيق بين المؤسسات في شرق البلاد وغربها لم يكن على مستوى التضامن غير المسبوق الذي أبداه الليبيون» من كل المناطق المتضررة في الإعصار.

باتيلي يوظف الأزمة لجمع الأجسام السياسية والعسكرية
والتقى باتيلي مع حفتر والدبيبة وتكالة؛ حيث يسعى إلى توظيف الأزمة في سبيل إعادة جمع ممثلي الأجسام السياسية والعسكرية خلال الأيام المقبلة، على أن تكون البداية بتشكيل هيئة مشتركة بإشراف دولي لإدارة أموال إعمار درنة لضمان الشفافية.

ولقناعته بأن إعادة إعمار درنة لن يتم إلا بسلطة تنفيذية موحدة منتخبة، استمع باتيلي إلى لجنة «6+6» المشكلة من مجلسي النواب والأعلى للدولة للتوصل إلى اتفاق على القضايا الانتخابية الخلافية دون تأخير، وصياغة قوانين انتخابية قابلة للتنفيذ، كما شجع المجلسين على استئناف اتصالاتهما.

واستمع، مساء الإثنين، من أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة «5 + 5»عن المنطقة الغربية، إلى بواعث قلقهم بشأن استمرار الانسداد السياسي، وتداعياته المحتملة على المسار الأمني، خاصة في أعقاب مأساة درنة. وقال المبعوث الأممي إنه شجعهم على مواصلة العمل عن كثب مع زملائهم من الشرق للتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، والمساهمة في خلق بيئة مواتية لإعادة الإعمار والسلام والاستقرار في ليبيا.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
حكم بالإعدام في جريمة قتل ببني وليد
حكم بالإعدام في جريمة قتل ببني وليد
«اقتصاد بلس» يناقش: ماذا بعد رفع الوقف الاحتياطي عن عون؟
«اقتصاد بلس» يناقش: ماذا بعد رفع الوقف الاحتياطي عن عون؟
موسكو تكشف «نوايا» تأسيس قاعدة عسكرية دائمة في ليبيا
موسكو تكشف «نوايا» تأسيس قاعدة عسكرية دائمة في ليبيا
شاهد في «وسط الخبر»: «عملية الكرامة».. البدايات والمسارات والمآلات
شاهد في «وسط الخبر»: «عملية الكرامة».. البدايات والمسارات ...
غانيون: الأمم المتحدة ملتزمة بتعزيز التنمية المستدامة في ليبيا
غانيون: الأمم المتحدة ملتزمة بتعزيز التنمية المستدامة في ليبيا
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم