Atwasat

محمد الفيتوري لـ«الوسط»: المخدرات في ليبيا تنتشر مثل الوباء

القاهرة - بوابة الوسط: هبة أديب الجمعة 11 أغسطس 2023, 09:54 صباحا
WTV_Frequency

«الجائحة هي وباء ينتشر على نطاق شديد الاتساع، ويتجاوز الحدود الدولية، ويؤثر على عدد كبير من الأفراد».. ربما ينطبق هذا التعريف على المخدرات في ليبيا، حسبما قال الناطق باسم جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، المستشار الدكتور محمد الفيتوري، داعيا إلى اعتبار المخدرات في ليبيا جائحة فعلية، والتعامل معها من هذا المنطلق.

وخلال حواره مع «الوسط»، كشف الفيتوري وجود اتجاه لدى العصابات الإجرامية لتصنيع مخدرات محليا، بينما يجري ضبط مزارع للمخدرات. كما أوضح أكثر أنواع المواد المخدرة انتشارا بين الشباب في ليبيا، والمعوقات التي تقف في وجه القضاء على تلك الجائحة.. وإلى نص الحوار:

• ما هو وضع سوق المخدرات في ليبيا على الأرض؟
للأسف الشديد الوضع خطير جدا، وكارثي، إذ يوجد تنامٍ لمستويات التعاطي بين الشباب الليبي، والأسوأ من ذلك دخول المرأة الليبية مجال التعاطي، وترويج المخدرات أيضا، حتى أصبحت جزءا من عصابات الجريمة المنظمة.
وقد طالبنا باعتبار المخدرات «جائحة»، وإعلانها وباء يهدد سلامة المواطنين من الجنسين، فهي في الواقع لا تقل خطورة على المجتمع عن غيرها. لكن للأسف ذلك لم يحدث حتى الآن.

• ما هي أنواع المخدرات الأكثر انتشارا في ليبيا؟
فيما يتعلق بأنواع المخدرات، تأتي في المرتبة الأولى الأقراص المخدرة، حتى إن السوق الليبية الآن دخلت إليها أنواع جديدة مثل الكبتاغون
وLCD التي لا تزال غير شائعة حتى الآن، بينما يأتي في المرتبة التانية مخدر الحشيش، وفي الثالثة الكوكايين والهيروين.

• مع وجود انفلات أمني وعدم السيطرة على الحدود الليبية، فهل إمكانات الدولة الليبية كافية لمجابهة تجارة المخدرات؟
بالنسبة لإمكانات الدولة فهي على أرض الواقع قليلة للغاية، حيث إن القدرة على مكافحة المخدرات داخل ليبيا تفتقر إلى العديد من المقومات الأساسية التي لا غنى عنها على الإطلاق مثل الآليات والمعدات والسلاح والبرامج التدريبية، وحتى الآن نعمل بأقل الإمكانات المتاحة، ونحقق نجاحات لا بأس بها.

- للاطلاع على العدد 403 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

• هل يوجد تصنيع مخدرات محليا؟ وما هو حجم هذا النشاط المُجرم؟
بالفعل هناك إنتاج مُصنع محليا، لكنه لا ينتشر على نطاق واسع، ولا أدل على ذلك من ضبط معدات تصنيع موجودة في الداخل الليبي مثلما حدث في ضبط آلة تصنيع سعة 100 ألف قرص يوميا، وكذلك مزرعة جنوب شرق طرابلس بـ50 كيلو متراً، وكذلك مزرعة أخرى على مساحة 100 هكتار في سبها، لزراعة الحشيش.

وبناء على ذلك، نستطيع الجزم أنه يوجد اتجاه لدى العصابات الإجرامية لزراعة وتصنيع المخدرات في الداخل الليبي، وهو مؤشر خطير للغاية.

• كيف نحمي المجتمع من خطر المخدرات؟
نحتاج إلى خطة طوارئ إستراتيجية متكاملة، تبدأ بإرادة سياسية حقيقية، وتضافر كل الجهود، حتى نصبح قادرين على تجفيف منابع تلك السموم التي تتسرب إلى مجتمعنا، وكذلك نكون قادرين على ضبط سواحلنا الممتدة على طول نحو 2000 كيلو متر، ونشر برامج توعية حقيقية تستطيع تشكيل جبهة مجتمعية قوية قادرة على الصمود في وجه هذا الطوفان.

• ما حجم الأموال المتداولة في هذه التجارة؟
في الواقع الأرقام فلكية ومرعبة، ربما تقدر بعشرات المليارات من الدينارات، إن لم تكن أكثر من ذلك، فتجارة المخدرات تحقق أرباحا خيالية، وتعتبر من المغريات الكبيرة.

الواقع يقول إن حجم المضبوط من المخدرات والعقاقير المؤثرة على الصحة العقلية لا يتعدى الـ%10 فقط من السوق الفعلية، وذلك بالنظر للكميات التي جرى ضبطها في دول الجوار قادمة إلى ليبيا، والكميات التي ضبطتها إيطاليا، لذلك نستطيع القول إن سوق المخدرات تقدر بعشرات المليارات.

• ماذا عن الجانب القانوني في التعامل مع المخدرات؟ وهل يحتاج إلى تعديلات تشريعية؟
القانون الذي يُجرم تجارة وتعاطي المخدرات يحتاج إلى تحديث، فلا تزال هناك ثغرات عديدة في الجانب القانوني، وذلك على الرغم من التطور الرهيب من قِبل العصابات التي أصبحت تمثل دولة داخل الدولة، حيث تمتلك التقنيات المتطورة لتصنيع وإنتاج المخدرات وأنواع شديدة السُمية، مما تسبب فيما نراه من جرائم بشعة وغير مبررة، ربما كانت المخدرات سبب %80 منها.

التنظيمات الإجرامية تغلغلت، وامتلكت الأموال والتكنولوجيا المتطورة، وحتى الأسلحة الثقيلة والدبابات والصواريخ، وربما الطائرات في المستقبل، وذلك على عكس رجل المكافحة الذي لم يتطور.

• هل الأجهزة الموجودة كافية لمكافحة الظاهرة؟
الفكرة ليست في كفاية الأجهزة من عدمه، لكن المسألة الأساسية في متطلبات غير متوافرة، منها ما طالبنا به من تحويل الجهاز إلى قوة شبه عسكرية تتلقى تدريبات عسكرية مناسبة تمكنها من مواجهة التنظيمات الإجرامية، بما تمتلكه من تطور وقوة. وكذلك طالبنا بأن تُلغى تبعية جهاز مكافحة المخدرات لوزارة الداخلية، وتتحول إلى رئاسة الوزراء، فالمخدرات تمثل معركة أمن قومي، وهي أمر خطير للغاية، لذا يجب أن نوليها الأهمية اللازمة، حتى نستطيع الصمود والمواجهة.

القاضي ووكيل النيابة والقائمون على تنفيذ القانون لهم جهود مشكورة بالفعل، لكن الموضوع ليس هينا، فالمعركة مع المخدرات يجب أن تكون قانونية وأمنية وقضائية، وحربا ضروسا شاملة بلا هوادة، يتكاتف فيها الجميع، لمواجهة قوى الشر الغاشمة.

ميزان معركة المخدرات منذ 11 سنة أصبح مائلا، فتنظيمات المخدرات الدولية والمحلية المتواطئة معها هي الأقوى ماليا وتكنولوجيا. حتى على الأرض، هم يقفون على أرضية صلبة، ويملكون الأموال الهائلة، ويخترقون من يشاءون اختراقه، ويملكون المجموعات المسلحة المارقة الخارجة عن القانون، ويستطيعون تحريك الشارع ضد المكافحة، بما لديهم من جيوش إلكترونية.

- للاطلاع على العدد 403 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

• هل هناك خطة للتوعية وإعادة التأهيل؟
للأسف لا نمتلك خطة تتعلق بإستراتيجية الوقاية والعلاج، إذ لا توجد مصحات ولا مراكز علاج بالمعني الكافي، للتعامل مع الأعداد المتزايدة من المتعاطين.

نحتاج إلى الدعم ومراكز العلاج والمشورة، حتى نوفر خط رجعة للمتعاطين، وأن نزرع لهم الأمل، وطريق العودة، والوقاية من أخطار كبيرة يسببها استمرارهم في الطريق المظلمة.

على سبيل المثال دولة مثل بريطانيا خصصت 3.8 مليار جنيه إسترليني لمواجهة المخدرات خلال 3 سنوات، حتى يتمكنوا من توفير الحماية اللازمة للمجتمع، والوقاية من تداعيات 750 ألف جريمة تنتج عن تعاطي وإدمان المخدرات. كذلك يتمكنون من حماية ألف شخص من الانتحار سنويا، وهنا تمكن قيمة العمل من أجل التداعيات الإنسانية وتقدير حياة الإنسان.

حينما نرى بريطانيا ترفع عدد الأسرة في مصحات معالجة الإدمان إلى 54 ألف سرير، بينما نرى عدم وجود مصحات في ليبيا!. حتى الآن جهاز مكافحة المخدرات يعمل على تفعيل مركز العلاج الذي كان موجودا ما قبل 2011، وأغلق بـ50 سريرا فقط لا تكفي على الإطلاق في طرابلس.

لا بد من وجود مراكز علاج وتوعية وتثقيف ورعاية صحية في جميع البلديات، لمواجهة هذه الأعداد المتزايدة من المتعاطين والمدمنين، والتي وصلت إلى الأطفال والمراهقين والنساء أيضا.

الآن في ليبيا لا توجد خطة وقائية على الإطلاق، وما يحدث على أرض الواقع بالفعل عبارة عن مبادرة من جهاز مكافحة المخدرات، لكنها محدودة الأثر والنطاق، لأن العدد قليل جدا، ومعنا بعض النشطاء المعدودين.

لا نمتلك البرامج الوقائية المدروسة المبنية على الدراسات والتحليلات والمنهج العلمي السليم، التي تسهم في وضع تصورات حقيقة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.

كانت لدينا فرصة حقيقية في المؤتمر الدولي الأول لوضع سياسات وطنية متكاملة لم يجر استثمارها، والآن نعمل على الإعداد للمؤتمر الثاني، وتلقينا 140 ملخصا بحثيا من 10 دول عربية، مع مشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

المؤتمر من المقرر انعقاده خلال ديسمبر المقبل، وستستضيفه كلية السياحة والضيافة في طرابلس تحت رعاية جامعات غريان وطبرق والزنتان، وجهاز المباحث الجنائية، تحت عنوان «واقع وتحديات الوقاية والعلاج وإعادة التأهيل لمتعاطي ومدمني المخدرات». ونامل أن يؤتي المؤتمر ثماره الحقيقية، وأن نتمكن من التقدم فيما يخص الوقاية والعلاج وإعادة التأهيل، ونحتاج إلى شحذ الطاقات الإعلامية والدينية والمؤسسات التنويرية، لنستطيع مواجهة جائحة المخدرات في ليبيا والدول المجاورة.

• مع تراكم الخبرات في مكافحة المخدرات، ما هو الملف الأبرز للتركيز عليه؟
من خلال تجربتي الطويلة في مجال مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، التي استمرت نحو 33 سنة، وصلت لقناعة راسخة بأن الخط الأمامي في مواجهة تلك السموم هو الوقاية والعلاج وإعادة التأهيل والرعاية اللاحقة، والتي دونها لن نستطيع كسب المعركة وحماية عشرات الآلاف من أولادنا الذين تورطوا أو على وشك في تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية وتلك السموم التي تجلب الخراب.

المعركة على الصعيد الأمني محكوم عليها بالفشل للأسف الشديد، وذلك على الرغم من تقديرنا الجهود الكبيرة والمشكورة التي يبذلها الجميع على مستويات عدة، سواء جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية أو إدارة مكافحة المخدرات والتهريب في مصلحة الجمارك أو بعض الجهات الأمنية أو العسكرية المساندة والمساعدة، لكن تدفق المخدرات الهائل أكبر من طاقة كل هذه الجهات مجتمعة.

- للاطلاع على العدد 403 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

كميات هائلة ومرعبة تخزن في ليبيا، ويعبر جزء منها إلى أسواق الاستهلاك، وجزء منها يعبر إلى أوروبا ودول الجوار. كما تأتينا من دول الجوار أيضا.

• ما هي أبرز المشكلات التي تعانيها في هذا الملف؟
من المشكلات التي نعانيها في ليبيا هي المهاجرون غير النظاميين، فجزء كبير منهم أعضاء في عصابات وتنظيمات المخدرات الدولية، سواء كانوا ما يعرف اصطلاحا بـ«الشيالة»، وهم مَن يعبرون بالمخدرات من نيجيريا أو النيجر إلى قطران وسبها، أو كانوا أعضاء في تنظيمات المخدرات، سواء الليبية أو الأفريقية أو الدولية.

والكلام هنا بناء على معطيات وحقائق واقعية مثلما جرى في واقعة بدأت بناء على معلومات وردت لمكتب تحريات الجهاز في طرابلس عن وجود تنظيم إجرامي يتاجر في مخدر الكوكايين على نطاق واسع، وجرى التحري عنه، والوصول إلى أول خيط.

التحريات بينت أن هناك شخصا من «الشيالة» يحمل كمية من البضاعة داخل بطنه، وجزء منها في أماكن أخرى، وجرى إعداد كمين، لضبطه ولم يعترف، لكن تأكيد المعلومات دفعنا لاستصدار إذن النيابة، واقتياده إلى المستشفى، واستخراج نصف كيلو من الكوكايين تقدر قيمتها بنحو 350 ألف دينار، لأنها كمية خام يمكن خلطها، لتصل إلى 10 أضعاف تلك الكمية المضبوطة. هذه القضية تعد أحد الأمثلة التي يجري ضبطها، والتي تحمل في طياتها كثيرا من التفاصيل والملابسات.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
مطالب حقوقية بوضع حد لعمليات الخطف والإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي في ليبيا
مطالب حقوقية بوضع حد لعمليات الخطف والإخفاء القسري والاحتجاز ...
«الكهرباء»: تشغيل محطة حقن جديدة جنوب طرابلس قبل الذروة الصيفية
«الكهرباء»: تشغيل محطة حقن جديدة جنوب طرابلس قبل الذروة الصيفية
توقيف مطلوب بقضية شروع في قتل بصبراتة
توقيف مطلوب بقضية شروع في قتل بصبراتة
النويري يشارك في مؤتمر «برلمانيون من أجل القدس» في إسطنبول
النويري يشارك في مؤتمر «برلمانيون من أجل القدس» في إسطنبول
حالة الطقس في ليبيا (السبت 27 أبريل 2024)
حالة الطقس في ليبيا (السبت 27 أبريل 2024)
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم