Atwasat

ما الأسباب وراء إخفاق البعثة الأممية في ليبيا؟ معهد أميركي يجيب

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الإثنين 23 يناير 2023, 04:42 مساء
WTV_Frequency

قدم معهد الولايات المتحدة للسلام ورقة تحليلية عن تفاصيل وأسباب قصور عمل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ومدى فاعليتها في حل الأزمة، معتبرًا أنها أخققت في إيجاد توازن بين النخب السياسية ومصالح الشعب والجهات الخارجية القوية، مع تنازع مصالح هذه الأطراف وعدم تلاقيها مع مصالح الليبيين أنفسهم.

ويؤكد المعهد الأميركي الذي أسسه الكونغرس، استغلال الحكومات الأوروبية والشرق أوسطية منذ العام 2011، الصراع الليبي لتعزيز المصالح الذاتية الضيقة؛ فيما برز دور الأمم المتحدة من خلال بعثة الدعم لإيجاد طريقة لتحقيق التوازن بين ثلاثة أطراف هي: الشعب الليبي والنخب السياسية والجهات الخارجية القوية، للتوصل إلى تسوية سياسية. وعرجت الورقة البحثية على أهم ما حققته بعثة الأمم المتحدة من إنجازات بارزة منذ إنشائها العام 2011، بما في ذلك توقيع الاتفاق السياسي الليبي (2015) ومنتدى الحوار السياسي الليبي (2020)؛ لكن منتقدي عملها يزعمون أن تنظيم البعثة يفتقر إلى الثقل الدبلوماسي أو السياسي أو العسكري لإجبار المقاتلين على تقديم تنازلات أو محاسبة أطراف خارجية. ونتيجة لذلك دعا العديد من الليبيين البارزين إلى حل البعثة الأممية، بحجة أنه يمكن للشعب تسوية نزاعاته دون تدخلها.

الانتخابات المنشودة
وعلى الرغم من سهام الانتقادات، فقد جددت الأمم المتحدة تفويض البعثة قبل شهور قليلة مع تعديل طفيف فقط على الفقرة 4، وحثت المؤسسات السياسية الليبية وأصحاب المصلحة الرئيسيين على الموافقة على خارطة طريق لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن.

وتحدث المعهد الأميركي عن نفور أطراف ليبية من أسلوب إدارة المبعوث الأممي عبدالله باتيلي، وتعامله مع الأزمة، إذ يرون أنه أدى إلى نفور بعض الشخصيات المركزية، مما زاد من دعوات البعض لحل الكيان الأممي.

كما أشار إلى المصالح والانقسامات المتضاربة على تأسيس البعثة، الذي يعود إلى 2011، إذ كانت وقتها مصالح إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لا تتماشى مع المواقف التي أيدتها المملكة المتحدة أو ألمانيا أو فرنسا.

وبالنسبة للولايات المتحدة، كانت الاضطرابات السياسية في ليبيا تحدث في الفناء الخلفي لأوروبا، وبالتالي فإن المسؤولية لحل الأزمة يفترض أن تتحملها دول القارة العجوز في المقام الأول.

ولكن حتى مع موافقة الولايات المتحدة على القيام بدور أكثر نشاطا في ليبيا، جرى بالفعل رسم خطوط الصراع بين الحلفاء. فقد بدأ المتابعون في الإشارة إلى أوجه التشابه الواضحة بين ليبيا وغزو العراق في العام 2003، بما في ذلك احتمال حدوث فراغ في السلطة والانهيار الاقتصادي، والتدخل الأجنبي المطول والمكلف.

تاريخ مشحون
ويعدّد المعهد الأميركي أسباب إنشاء الأمم المتحدة للبعثة، وأهمها: تحقيق الاستقرار في البلاد وبدء حوار سياسي لتعزيز المصالحة وتمهيد الطريق لإجراء انتخابات ووضع دستور جديد وحماية حقوق الإنسان ومساعدة الاقتصاد الليبي على التعافي والتنسيق مع المجتمع الدولي.

ومع ذلك، لم يتمكن هذا الكيان من الوفاء بجميع محاور ولايته، وعلى الأخص القدرة على استعادة الأمن والنظام العام. وللقيام بذلك كانت البعثة بحاجة إلى قوة حفظ سلام مكونة من قوات دولية أو إرسال جنود تابعين لحلف شمال الأطلسي على الأرض؛ «غير أن الليبيين عارضوا بشدة قوات حفظ السلام الدولية، وربما كان ذلك دليلا على العداوات المستمرة التي لا تزال تغلي داخل المجتمع الليبي، ردا على فترة الاستعمار الإيطالي خلال بدايات القرن الماضي».

ومع ذلك، فإن عدم وجود ما يسمى «القبعات الزرق» يعني أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا كانت تعمل دائما ويدها مقيدة خلف ظهرها، حسب تعبير معدي الورقة.

قرارات بلا عقوبات
وما تعاني منه الهيئة الدولية عموما هو أن أنظمة عقوباتها ضعيفة التحقق، فغالبا ما تكون غير مطبّقة حتى من قبل الدول، ولم يكن الأمر مختلفًا في ليبيا؛ إذ كانت أهم العقوبات هي تجميد الأصول لعائلة القذافي وشركائه؛ فيما تمادى الفاعلون الدوليون بشكل صارخ في خرق حظر الأسلحة دون تداعيات.

في المقابل، اختارت الولايات المتحدة عدم فرض عقوبات على قادة الجماعات المسلحة المؤثرين والمفسدين السياسيين، سواء في عهد أوباما أو ترامب أو جو بايدن.

- في العدد 374: ليبيا بين لعبتي السياسة والمخابرات.. و«5+5» رسالة أمل
- باتيلي يدعو الأطراف الدولية إلى «توحيد كلمتهم» لمساعدة ليبيا
- شاهد في «فلوسنا»: التوقعات الاقتصادية للعام 2023

وتوضح الورقة التحليلية أن البعثة عالقة في محاولة إظهار نتيجة لا يلتزم بها الليبيون أنفسهم ممن انتهت صلاحية خدماتهم التنفيذية والتشريعية، مما يقوض مطالباتهم بالولاية الحاكمة ويعقد احتمالات حل المسائل الدستورية التي من شأنها أن ترسي خارطة طريق لإجراء الاستحقاقات الانتخابية.

ويرى المعهد أن الفاعلين السياسيين في ليبيا غير مسؤولين عن فشل عمل البعثة، فالأخيرة تسمح للدول الإقليمية والجهات الفاعلة الدولية الأخرى بالعمل لتحقيق مصالح تلك الدول مع شبه إفلات من العقاب، فيما تتعهد علنا تلك الدولة بدعم الأمم المتحدة كأداة لإحلال السلام في ليبيا. وتأتي قوة البعثة من دعم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وإن كانت غير راغبة أو لا قدرة لها على إنفاذ حظر توريد الأسلحة وفرض عقوبات على المخربين ومحاسبتهم، مما يعني أن لها قدرة محدودة على تنفيذ مهام ولايتها.

ضرورة سحب الثقة من مجلسي النواب والدولة
ويلفت المعهد إلى وجود فرصة أخرى لمراجعة تفويض البعثة في العام 2023، إما عند انتهاء الولاية الحالية أو في حالة استقالة باتيلي (بسبب الإحباط أو بسبب الضغوط الخارجية)، «وعند هذه النقطة يجب على مجلس الأمن الدولي النظر في مراجعة بعض محاور ديباجة الولاية الحالية»، وفق المعهد. ويضيف: «على وجه الخصوص يجب حذف البند المتعلق بتنفيذ الاتفاق السياسي الليبي بالكامل، ويجب أن تعترف فقرات الديباجة صراحةً بأن كلا الهيئتين التشريعيتين (مجلسا النواب والدولة) تعملان دون تفويض صالح».

بالإضافة إلى ذلك، إذا كان المجتمع الدولي جادا في حل النزاع الحالي ، فعليه أن يحاسب بعضه بعضا على التصرفات غير المسؤولة والضارة بمصالح الشعب الليبي، حسبما يقول معدو الورقة، مضيفين: «يجب حث الحكومات الأوروبية على إيجاد طريقة لمواءمة أفعالها مع خطابها وإظهار موقف أوروبي مشترك بدلا من تضارب المصالح الوطنية».

وأخيرا، يشير المعهد إلى فرصة الجزائر للعب دور مهم، «إذ يبدو أن الجزائر حريصة على موازنة النفوذ المصري في المنطقة المغاربية، فاستعداد الجزائر لمناقشة مجالات جديدة للتعاون مع الولايات المتحدة وأوروبا قد يكون المبرر الذي تحتاجه واشنطن والآخرون لمزيد من الانخراط في حل الأزمة بشكل فعلي».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
تجار لـ«بوابة الوسط»: قفزات قياسية بالأسعار مع قرار «ضريبة الدولار»
تجار لـ«بوابة الوسط»: قفزات قياسية بالأسعار مع قرار «ضريبة ...
«الداخلية» توضح سبب غلق منفذ رأس اجدير
«الداخلية» توضح سبب غلق منفذ رأس اجدير
عبدالجليل يوقع مذكرة تفاهم لتنظيم معرض طبي
عبدالجليل يوقع مذكرة تفاهم لتنظيم معرض طبي
حالة الطقس في ليبيا (الثلاثاء 19 مارس 2024)
حالة الطقس في ليبيا (الثلاثاء 19 مارس 2024)
أسعار العملات أمام الدينار الليبي في السوق الرسمية (الثلاثاء 18 مارس 2024)
أسعار العملات أمام الدينار الليبي في السوق الرسمية (الثلاثاء 18 ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم