Atwasat

بعد دورها المكشوف في ليبيا.. تحقيق استقصائي يكشف عن دور سوداني لتمكين «فاغنر» من الذهب

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 04 نوفمبر 2022, 01:17 مساء
WTV_Frequency

ذهب وامتيازات غير محدودة في مجال التعدين، مقابل خدمات ومعدات عسكرية روسية بـ«التواطؤ» مع السلطة في الخرطوم منذ العام 2017، هذا ما خلص إليه تحقيق دولي استقصائي في السودان ثالث أكبر منتج للذهب في القارة السمراء، كاشفا عن دور «طباخ بوتين»، الذي بات المرتزقة التابعون له عاملا محوريا في البلدان المتضررة من الأزمات مثل ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وموزمبيق.

وتُظهر وثائق عن إقرارات جمركية بين روسيا والسودان نشرتها جريدة «لوموند» الفرنسية بالشراكة مع مشروع «الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد»، وهي شبكة دولية من الصحفيين الاستقصائيين، كيف استقرّ رجال «فاغنر»، وهي مجموعة شبه عسكرية قريبة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في السودان. كما تكشف عن ارتفاع مستوى «التواطؤ» بين المرتزقة الروس وجزء من القوة السياسية والعسكرية السودانية، حسب المصدر ذاته.

والهدف من ذلك الاستفادة من ثروات البلاد من الذهب ثالث أكبر منتج في أفريقيا دون دفع أي نسبة للسودان وفق ما يقتضيه القانون، في المقابل، تزود «فاغنر» السلطات السودانية بمعدات إنفاذ القانون والرجال لتدريب جنودها.

مجموعة «طباخ بوتين» تحافظ على موقعها بقطاع الذهب السوداني
وعاد التحقيق الاستقصائي إلى أصل شركة المرتزقة الروسية المملوكة لرجل الأعمال سيئ السمعة يفغيني بريغوزين، التي ضمنت وحافظت على موقعها في قطاع الذهب في السودان أثناء العمل عن كثب مع الشركات التابعة للجيش السوداني.

واعترف رجل الأعمال ومتعهد الطعام في الكرملين أخيرا بتأسيس مجموعة مرتزقة «فاغنر» سيئة السمعة، والتي تنتشر في مناطق الحروب حول العالم، والتي غالبا ما تقاتل من أجل الفصائل المتحالفة مع روسيا حيث، اتُهم مقاتلوها بارتكاب جرائم قتل وجرائم حرب في عمليات في أفريقيا وليبيا وسورية وأوكرانيا.

وهذا العام، كشفت تقارير لوكالة «بلومبرغ» وجريدة «نيويورك تايمز» وشبكة «سي إن إن» عن دور «ميروي غولد» وهي شركة سودانية متفرعة عن مجموعة «فاغنر»، زاعمة أن الأخيرة كانت تقدم الدعم والمشورة لـ«الديكتاتورية الوحشية» في السودان من أجل الوصول إلى الذهب.

وتقدم الوثائق المسربة التي نشرتها «لوموند» بما في ذلك العقود والخطابات والمذكرات الداخلية تفاصيل جديدة عن كيفية قيام الشركة الأم لشركة ميروي «أم أنفست»- المملوكة من طرف بريغوزين بدفع ملايين الدولارات لشركة تديرها السلطات العسكرية السودانية، في مقابل حصولها على تصاريح إقامة وأسلحة لموظفيها. وكما يبدو أن «ميروي غولد» تلقت معاملة خاصة من الرئاسة السودانية، وفقًا للمراسلات المسربة.

ورغم أن بريغوزين لم يقر علنا بأنه يمتلك «ميروي غولد»، فقد عاقبتها الولايات المتحدة في يوليو 2020 بسبب علاقاتها معه. وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إن الشركة المعنية كانت مملوكة لشركة تدعى «أم أنفست» يملكها بريغوزين أو يسيطر عليها. وأوضحت إن «أم أنفست» قدمت غطاء لعمليات «فاغنر» داخل السودان أثناء حصولها على تراخيص تعدين الذهب.

بوادر الوجود الروسي تعود إلى 2017
وكشف التحقيق أن إنشاء الشركة في السودان جرى في صيف 2017، في وقت كانت فيه روسيا والسودان يعملان على تعزيز العلاقات، وتوقيع اتفاقيات تعاون في عديد القطاعات، بما في ذلك التعدين. وزار الرئيس السوداني آنذاك، عمر البشير، روسيا في نوفمبر 2017، ومنذ ذلك الحين انتشرت بوادر الوجود الروسي في السودان. كما ظهرت صور ومقاطع فيديو لروس يرتدون الزي العسكري وهم يدربون جنودا سودانيين.

- السودان ينتج 30 طن ذهب في النصف الأول من 2021
- التعدين في السودان.. أمراض للإنسان ودمار للبيئة من أجل الذهب
- صراع دموي على الذهب قرب الحدود الليبية مع تشاد

وبعد وقت قصير من إنشائها، أبرمت الشركة الأم لـ«ميروي» صفقة مدتها خمس سنوات مع شركة أمنية مرتبطة بالجيش مقرها الخرطوم، ووافقت على دفع مبالغ ضخمة مقابل مساعدتها في جلب موظفي «أم أنفست» إلى البلاد، مع خدمات «الأمن والسلامة».

وأشار ملحق بالعقد إلى أن الشركة المعنية تدعى «أسوار» ستوفر عربات مدرعة، وأسلحة من العيار الثقيل، وطائرات دون طيار، ومعدات اتصالات، لكنه لم يحدد عدد الأسلحة المطلوبة أو من أين ستأتي، وتقوم «أسوار» لاحقا بتخزين الأسلحة ونقلها عبر الموانئ والمطارات.

كما تُظهر الوثائق أن الشركة عملت مع مؤسسة طيران محلية تعاقدت معها «ميروي» لتوفير النقل بين الخرطوم وجمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تتمتع «فاغنر» أيضا بحضور كبير. وفي بعض الحالات على الأقل، جرى إجراء الرحلات على متن طائرة روسية الصنع من طراز أنتونوف «أن 26».

امتيازات لـ«ميروي»
ويشير خطاب العام 2018 من بريغوزين إلى السلطات السودانية إلى أنه بفضل «أسوار»، تمكنت الطائرات التي استأجرتها «ميروي» أيضا من التحليق بموجب رمز إشارة عسكرية، مما يعني أن نقلها الجوي لم يكن مسجلا على أنظمة تتبع الرحلات التجارية. ويشير بريغوزين إلى اتفاق سابق بين «أسوار» والقوات الجوية قال إنه ينبغي منح «ميروي» الإذن بالهبوط في قاعدة عسكرية في الخرطوم.

واستمر اتفاق «أسوار» حتى بعد إجبار البشير على التنحي من منصبه في العام 2019. وتقول مذكرة رسمية من «أسوار» في مايو 2019- بعد شهر من الإطاحة بالبشير- إن رقيبا رافق وفدا روسيا من «ميروي» أثناء سفره من الخرطوم إلى منطقة النيل، موقع مصنعها.

هدية ذهبية
ويشرح التحقيق أنه في السودان يتعين على الشركات الأجنبية الحاصلة على تراخيص للتنقيب عن التعدين إنشاء شركة إنتاج لاستغلال أي موارد بعد الاكتشاف. وتمنح وزارة المعادن 30% من أسهم هذه الشركات بموجب القانون السوداني. لكن في أغسطس 2018، منح مكتب البشير خدمة ملفتة للنظر إلى «ميروي» فقد أمر الوزارة بالتنازل عن أسهمها في عملية الذهب مستقبلا للشركة المملوكة لروسيا.

وبعد أقل من شهرين من تعليمات الرئاسة، منح وكيل وزارة المعادن «ميروي» تراخيص إضافية للتعدين ومعالجة نفايات الذهب المربحة في ثلاث مناطق منتجة للمعدن الأصفر، وتنازل مرة أخرى عن 30%. كما مُنحت الشركة حقوق التنقيب عن احتياطي ذهب محتمل آخر.

وفي رسالة رسمية إلى وزارة المعادن في أوائل العام 2020، بعد فترة طويلة من اعتقال الجيش للبشير وإجباره على الخروج من السلطة، أشار بريغوزين إن أحد الشركات السودانية المتفرعة عنه كانت لا تزال ملزمة في نهاية المطاف بالتنازل عن حصة الحكومة البالغة 30% إلى مالكي «ميروي». لكن من غير الواضح ما إذا كان هذا قد حدث.

التدقيق في قضية «ميروي»
وبحلول نهاية العام 2020، أصبح التدقيق في قضية «ميروي» مكثفا، لتسلم بعدها الشركة معالجة نفايات التعدين الخاصة بها إلى شركة جديدة تماما تدعى «الصولج»، والتي لا تملك أصولا وتوظف عاملا واحدا فقط. وقالت مصادر مطلعة مقربة من الحكومة السودانية لمعدي التحقيق أن «الصولج هي مجرد واجهة جديدة لأصحاب «ميروي».

وقال كبير المتخصصين السابقين في العمليات في البنك الدولي ريتشارد ميسيك، والذي يقدم الآن استشارات لمنظمات دولية بشأن التطوير القانوني ومكافحة الفساد، إن «فاغنر» والجيش السوداني كانا «اثنين من أكثر الكيانات السوداء سوادا في الاقتصاد العالمي».

وأضاف ميسيك: «السؤال هو كيف تجرى هذه المعاملات بين الطرفين.. لا ينبغي السماح لهما بشراء الأسلحة في أي مكان وإذا كان الدفع بالذهب، فيجب إغلاقه وإذا كان ذلك من خلال النظام المالي الدولي، فيجب على سلطات العقوبات التأكد من أن الشركات والأفراد المرتبطين بها لا يمكنهم الاحتفاظ بأي حساب مصرفي».

موقع لتواجد عناصر فاغنير في السودان. (الإنترنت)
موقع لتواجد عناصر فاغنير في السودان. (الإنترنت)
وثيقة مسربة من تحقيق استقصائي عن دور «فاغنر» في السودان. (لوموند»
وثيقة مسربة من تحقيق استقصائي عن دور «فاغنر» في السودان. (لوموند»
وثيقة مسربة من تحقيق استقصائي عن دور «فاغنر» في السودان. (لوموند»
وثيقة مسربة من تحقيق استقصائي عن دور «فاغنر» في السودان. (لوموند»

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«الكهرباء»: تشغيل محطة حقن جديدة جنوب طرابلس قبل الذروة الصيفية
«الكهرباء»: تشغيل محطة حقن جديدة جنوب طرابلس قبل الذروة الصيفية
توقيف مطلوب بقضية شروع في قتل بصبراتة
توقيف مطلوب بقضية شروع في قتل بصبراتة
النويري يشارك في مؤتمر «برلمانيون من أجل القدس» في إسطنبول
النويري يشارك في مؤتمر «برلمانيون من أجل القدس» في إسطنبول
حالة الطقس في ليبيا (السبت 27 أبريل 2024)
حالة الطقس في ليبيا (السبت 27 أبريل 2024)
تحذير من امتداد تأثير المنخفض الصحراوي على غالبية مناطق ليبيا
تحذير من امتداد تأثير المنخفض الصحراوي على غالبية مناطق ليبيا
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم