زوبعة كبرى أثارها مجلس إدارة المصرف المركزي بالبيضاء حينما أعلن، الإثنين الماضي، تعديل سعر صرف العملة الليبية، ليكون سعر الدينار 0.1833 وحدة من وحدات حقوق السحب الخاصة، وهو ما أثار غضب إدارة المصرف في طرابلس، التي سارعت إلى تأكيد استمرار العمل بسعر الصرف الحالي عند 0.1555 وحدة، حسب القرار الذي اتخذه في ديسمبر من العام قبل الماضي.

وأصدر مصرف ليبيا المركزي (ومقره طرابلس) بياناً مساء الإثنين، نفى فيه تعديل سعر صرف الدينار، مؤكداً «استمرار العمل بسعر الصرف الحالي المقرر بموجب قرار مجلس الإدارة رقم (1) لسنة 2020»، والذي طبق بداية من 3 يناير 2021.

وقال «مركزي البيضاء» في قراره الذي حمل رقم 8 لسنة 2022، والصادر بتاريخ 22 سبتمبر الماضي، إن السعر الجديد يطبق على العملات الأجنبية المختلفة بداية من الأحد (16 أكتوبر 2022).

قرار يطبق على جميع تعاملات النقد الأجنبي
قرار «المركزي بالبيضاء» يعني أنه رفع سعر الدينار، مقابل العملات الأجنبية الأخرى. وأوضح القرار أن سعر الصرف الجديد يسري على جميع الأغراض والأوجه والعمليات التي يستعمل فيها النقد الأجنبي لكافة الأفراد والجهات الاعتبارية والعامة والخاصة الوطنية وغير الوطنية.

كما جاء في المادة الثالثة من القرار أنه يعمل في شأن التعامل في النقد الأجنبي بالإجراءات والضوابط التي تصدر عن مصرف ليبيا المركزي، ووفقاً للتشريعات النافذة. فيما نصت المادة الرابعة على أن يلغى كل ما يخالف أحكام هذا القرار ويعمل به من تاريخ صدوره.

- للاطلاع على العدد 359 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

وأشار البيان إلى عقد مجلس إدارة مركزي البيضاء جلستين متتاليتين في 22 سبتمبر الماضي، قبل اتخاذ القرار. وكان رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا، طالب في أغسطس الماضي بتعديل سعر صرف الدينار خلال اجتماع عقده مع لجنة السياسات النقدية للمصرف.

ونشر حساب تابع لحكومة باشاغا على «فيسبوك»، مراسلة إلى رئيس وأعضاء مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي، يطالب فيها بالعمل على تعزيز قيمة الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، مما يسهم في رفع القدرة الشرائية للمواطن الليبي.

وفي ديسمبر من العام 2020، قرر مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي «الموحد» تعديل سعر صرف الدينار الواحد ليصبح 0.1555 من حقوق السحب الخاصة، وهو ما يعادل 4.48 دينار للدولار الواحد، منذ الثالث من يناير 2021، «على أن يسري السعر على جميع أغراض واستعمالات النقد الأجنبي الحكومية والتجارية والشخصية»؛ قبل أن يظهر الانقسام مجدداً.

هرب من الركود
بدوره، دافع «مركزي البيضاء» عن قراره، وقال إنه يتوافق مع القانون، محملاً الصديق الكبير «المسؤولية الكاملة أمام كافة جهات الدولة التشريعية والتنفيذية في إجباره على التنفيذ».
وأوضح المصرف، في بيان بشأن ملابسات اتخاذ القرار، أن مجلس إدارته عكف على دراسة الوضع الاقتصادي العام في ليبيا، الذي تزامن فيه الانخفاض في النشاط الاقتصادي (ركود) مع موجات تضخمية أسبابها متعددة، وأبرزها ارتفاع معدل التضخم المستورد الناجم عن انخفاض قيمة الدينار رسمياً أمام الدولار بنسبة 12 % (من 4.48 إلى 5.02) وارتفاع الأسعار العالمية.

وتابع أن أعضاء المجلس دعوا لعقد اجتماع لمجلس الإدارة مجتمعاً، للنظر في سعر صرف الدينار الليبي، وهو نفس الإجراء ونفس المجلس الذي اتخذ القرار رقم (1) لسنة 2020 بشأن تعديل سعر الصرف، لكن الصديق الكبير رفض المشاركة فيه، «على الرغم من حالة الركود التضخمي التي يمر بها الاقتصاد الليبي، والظروف الجيوسياسية والضغط اليومي على معيشة المواطن، بسبب انخفاض دخولهم الحقيقية الناجمة عن ارتفاع معدل التضخم المستورد».

تجاوب مع هموم المواطنين
وقال «مركزي البيضاء» إن «تجاهل الكبير هموم الناس وعدم القدرة على التجاوب مع متغيرات الاقتصاد المحلي والدولي، دليل على عدم القدرة وتحمل المسؤولية»، معتبراً ذلك أيضاً «تأكيداً لما ورد في تقرير ديوان المحاسبة من تجاهل متعمد لمجلس إدارة المصرف المركزي».

واستكمل البيان أن مجلس إدارة المصرف عقد اجتماعاً جرى فيه اتخاذ القرار رقم (8) لسنة 2022م بشأن تعديل سعر الصرف، وذلك وفقاً لما خولته له المادة (31) من قانون المصارف رقم (1) لسنة 2005م والمعدل بالقانون رقم (46) لسنة 2012م.

من جانبه، قال باشاغا إن قرار «مركزي البيضاء» سوف ينعكس إيجاباً على تخفيض أسعار السلع، معتبراً أنه بذلك يعزز القوة الشرائية للدينار، بما يسهم في تخفيض أسعار السلع والتخفيف على المواطن الليبي في تحمله لأعبائه المعيشية.