فجرت تصريحات مدير ديوان الرئاسة الجزائرية أحمد أويحيى، حول المقترح الأوروبي بتحويل بلاده وجيرانها ليبيا وتونس إلى معسكرات للاجئين، غضبًا عارمًا بسبب ما اعتبر «عنصرية وتمييزًا».

وأعرب أويحيى، في تصريح إعلامي له أمس الأحد، على هامش لقاء المكتب الوطني لتشكيلته السياسية التي تعتبر ثاني قوة سياسية في البلاد، عن استيائه من تدفق الرعايا الأفارقة بطريقة غير شرعية إلى الجزائر، قائلاً «لا نقول للسلطات الجزائرية قوموا برمي الأفارقة إلى البحر أو الصحراء، لكن يجب أن تكون إقامتهم في الجزائر بضوابط وبطريقة قانونية، كي لا يعيش الشعب الجزائري في الفوضى»، مشيرًا إلى أن «هذا التدفق غير المتحكم فيه ينجم عنه تفاقم ظاهرة الجريمة والمواد المخدرة، وآفات اجتماعية كثيرة وجديدة عن المجتمع الجزائري».

ورد أويحيى على الأصوات التي تعاطفت مع الأفارقة تحت بند «حقوق الإنسان»، قائلًا بلغة صريحة وواضحة: «نحن أسياد في بيتنا، فهناك دول كبيرة في العالم تبني جدرانًا لمنع دخول الغرباء إلى أراضيها».

أوحيى: نحن أسياد في بيتنا، فهناك دول كبيرة في العالم تبني جدرانًا لمنع دخول الغرباء إلى أراضيها

رد على طلب إيطالي
واختار مدير ديوان الرئاسة الجزائرية الذي يشغل رئاسة حزب التجمع الوطني الديمقراطي القريب من السلطة، توقيت إجراء نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية لمجلس الشيوخ الإيطالي باولو كورسيني، مشاورات مع مسؤولين جزائريين حول مسائل الهجرة غير الشرعية، وطلب مساعدة الجزائر لروما في ضبط قوافل المهاجرين، ليبدي موقفًا رسميًا من المساعي الأوروبية في الجزائر وليبيا وتونس بخصوص خطط توطين اللاجئين. علمًا بأن أعضاء منتدى إدارة الهجرة المنعقد في البرلمان الأوروبي ببروكسل في الشهر المنصرم، طالبوا بإقامة مراكز إيواء للمهاجرين في شمال أفريقيا.

وقال أويحي في هذا الصدد: «إن دولاً أوروبية تريد أن تجعل من الدولة الجزائرية وجيرانها في شمال أفريقيا معسكرات لمنع تدفق الأفارقة إلى أراضيها».

وأخيرًا أعلنت الحكومة الجزائرية حالة استنفار قصوى لمواجهة تدفق المهاجرين الأفارقة على أراضيها، وعقد اجتماع حكومي نهاية الأسبوع الماضي حضره ممثلون عن أجهزة الأمن الأربعة في الجزائر، خصص لاستكمال إجراءات حماية تواجد اللاجئين الأفارقة في الجزائر، وفتح أبواب التشغيل أمامهم.

كما أعطى وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي، تعليمات لولاة المحافظات الجنوبية الواقعة على الحدود، والتي تشهد كثافة كبيرة للاجئين الأفارقة لإحصائهم، وهي تمنراست وأدرار وورقلة وإيليزي على الحدود مع ليبيا.

لكن تصريح مدير ديوان رئاسة الجمهورية جاء مخالفًا لموقف الوزير الأول الجزائري عبدالمجيد تبون، الذي أشار إلى قضية اللاجئين الأفارقة والجدل الكبير حولها في الفترة الأخيرة، مؤكدًا أن الجزائر لن تتخلي عن واجبها الإنساني وانتمائها العربي والأفريقي بشأن اللاجئين.

منظمة العفو الدولية: تصريحات أويحيى بشأن الأفارقة مروعة وفضائحية

اتهام بالعنصرية
ووصفت منظمة العفو الدولية «أمنيستي إنترناسيونال»، تصريحات أويحيى بشأن الأفارقة، بأنها «مروعة وفضائحية»، وتابعت أن «مثل هذه التصريحات تغذي العنصرية والتمييز السلبي ضدهم»، وخاطبت المنظمة في بيان لها، أمس، أويحيى بالقول: «هؤلاء الأشخاص فروا من الحرب والعنف والفقر، جاءوا إلى الجزائر يسعون لتحقيق السلام والأمن، ومن مسؤوليتنا الترحيب بهم وفقًا للمواثيق الدولية التي وقعت وصادقت عليها الجزائر».

ونددت أيضًا سعيدة بن حبيلس رئيسة الهلال الأحمر الجزائري بمظاهر العنصرية التي انتشرت أخيرًا ضد اللاجئين الأفارقة على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدة من جهة أخرى أن الجزائر لا تستعمل ورقة اللاجئين لأغراض سياسية.

وخلال برنامج إذاعي بالقناة الجزائرية، أشارت بن حبيلس إلى أن الجزائر تجد نفسها اليوم مجبرة على تسيير تداعيات أخطاء استراتيجية للدول العظمى، تسببت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في مأساة إنسانية غير مسبوقة.

وترى رئيسة الهلال الأحمر الجزائري أن الدول المسؤولة عن مثل هذه الحالات، والتي تميل إلى استغلال مساعداتها لأغراض سياسية، يجب أن «تتقاسم العبء» مع الجزائر في المساعدة على التعامل مع هذه الكارثة» من خلال المفوضية العليا للاجئين.

وفيما لفتت إلى أنها لا تمتلك إحصاءات دقيقة عن عدد المهاجرين الذين لجأوا إلى الجزائر، أكدت بن حبيلس استمرار تقديم الدعم والمساعدة لهؤلاء اللاجئين.

كما نددت بمظاهر العنصرية والشوفينية التي طالت اللاجئين الأفارقة من قبل بعض مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي أخيرًا، في سلوك غريب عن الشعب الجزائري على حد تعبيرها.