Atwasat

ليبيا قبل وبعد ثورة فبراير بـ «عيون» المخابرات الإسرائيلية

القاهرة - بوابة الوسط: محمد نعيم الجمعة 23 ديسمبر 2016, 11:37 صباحا
WTV_Frequency

اختلط الحراك السياسي الدائر حول الإشكاليات الليبية في تونس والجزائر والقاهرة ومالطا بحراك مناظر على مستوى مؤسسات البحث الأمنية الإسرائيلية، حينما نشر مركز دراسات «الأمن القومي الإسرائيلي» دراسة ناقش معداها أبعاد الإشكالية الليبية من مختلف جوانبها، قبل وبعد ثورة 17 فبراير. وتحت عنوان «المجال العربي على مسار الفشل السياسي»، احتل الملف الليبي مقدمة الإصدار الإسرائيلي، الذي تضمن ملفات أخرى في سورية واليمن وكذلك العراق.

«الانتقالي» حاول استعادة الدولة بمفهومها السياسي والأمني والاقتصادي لكنه فشل في المهمة

وفي المقدمة قالت الدراسة إن ثورة 17 فبراير لم تسقط نظام الرئيس السابق فقط، وإنما أسقطت الأقنعة التي ارتداها الليبيون زهاء عقود طويلة، وحاولوا من خلالها إخفاء انقسامهم على أنفسهم إلى جماعات وعشائر، تتحكم في كل منها مصالح شخصية. فعندما اندلعت الأحداث التي عمت منطقة الشرق الأوسط، أو ما يعرف بـ«الربيع العربي»، دخلت ليبيا مرحلة الانفلات الأمني، وحصلت الجماعات الليبية المتناحرة على ترسانة الأسلحة التي تركها نظام القذافي، واعتبرتها غنائم، لكن ذلك لم يكن بداعي الدفاع عن البلاد أو الحفاظ على الوطن، وإنما بهدف زيادة النفوذ السياسي والاقتصادي لكل فئة على حدة.وقالت الدراسة إن ليبيا التي انتزعت منها إيطاليا منطقتين من بين فكي العثمانيين قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، هى ذاتها التي تخوض صراعا مع تحديات جسام في محاولة لإعادة استقرار البلاد بعد سقوط القذافي، فبعد 8 أشهر من ثورة فبراير، حاول المجلس الانتقالي الليبي العمل على استعادة الدولة بمفهومها السياسي والأمني والاقتصادي، لكنه بمرور الوقت انتقل المجلس من بنغازي إلى طرابلس العاصمة، لاسيما بعد اندلاع انتفاضة عارمة على أرضها. وعلى الرغم من جهود المجلس الرامية إلى ترسيخ عمليات إصلاح موسعة (سياسية وأمنية) في الدولة، ظلت ليبيا تواجه مصيرا دراماتيكيا، ولم تتحسن الأوضاع حتى بعد أن ترك المجلس مهمته، ونابت عنه حكومة جديدة.

حراك وتدخل
في ظل هذا المشهد القاتم، وفقا للدراسة التي أعدها الباحثان الإسرائيليان «يوئيل جوزينسكي» و«كوبي ميخائيل»، سيطر على مقاليد الأمور في البلاد عدد كبير من الميليشيات المسلحة، وهو الأمر الذي قاد قوى خارجية إقليمية ودولية إلى الحراك والتدخل في ليبيا، وتناقلت وسائل الإعلام تقارير حول ضلوع أسلحة جو إقليمية في قصف مواقع الميليشيات داخل ليبيا، وفي حين حصلت الميليشيات التي يدور الحديث عنها على دعم من «دول خليجية»، وكان هو الحال نفسه في سورية والعراق، تلقت الحكومة في طرابلس والقوات المحسوبة عليها دعما ماديا ولوجيستيا وعسكريا من حكومات أجنبية، جاء في مقدمتها بريطانيا والولايات المتحدة.

نجاحات حكومة الوفاق في تحرير سرت من داعش لم تمنع «صداع رأس» دول الجوار الليبي

وترى الدراسة الإسرائيلية أن ليبيا مثل سورية والعراق، تعاني غياب اللحمة، التي تسمح للجميع بالالتفاف حول مشروع وطني يوحد كافة القوى الليبية، لاسيما أن ليبيا باتت منقسمة على نفسها بين عدد كبير جدا من القبائل المسلحة التي تحكم نفسها ذاتيا، وأضحت السياسة القائمة على الأرض أقرب لثقافة السياسة القبلية من الثقافة السياسية ، فالجيش الوطني الليبي وعلى الرغم من انضوائه في كنف الحكومة الموقتة، إلا أنه لا يزال ضعيفا بمقاييس الجيوش النظامية، ويؤكد ذلك الصعوبة التي يواجهها في نزع سلاح الميليشيات المختلفة، وخلق بيئة قادرة على فرض قوة المؤسسة العسكرية الرسمية، ويعد ذلك من أهم الأسباب الرئيسية التي تفرض وجود تلك الميليشيات على الأرض، خاصة أنها سيطرت منذ ثورة فبراير على ترسانات أسلحة نظام القذافي المتقدمة، فضلا عن أن جزءا كبيرا من تلك الأسلحة في فترة معينة تسرب من ليبيا إلى شبه جزيرة سيناء، ومنها إلى قطاع غزة.وفي معرض تقييمها لثورة فبراير، قالت الدراسة الإسرائيلية، الصادرة في 127 صفحة، إن الثورة الليبية اندلعت في الأساس للإطاحة بنظام القذافي، لكنها عكست إلى جانب ذلك رغبة استعادة أقاليم الماضي قبل المملكة الليبية المتحدة، إذ كانت هناك 3 أقاليم قديمة في ليبيا. وفي تركيز متعمد على النفط الليبي، قالت الدراسة: «إن ثروة ليبيا النفطية كانت في يوم من الأيام مصدر قوة النظام السابق، وما برحت تمول النزاع الدامي الدائر في البلاد حاليا، على الرغم من أن ليبيا لا تستخرج في الوقت الراهن سوى ربع الكمية التي كان تستخرج في ظل النظام السابق، وربما يعود ذلك إلى الهبوط الملحوظ في أسعار النفط، وإلى الأضرار التي لحقت بالمنشآت النفطية بعد ثورة فبراير، ولا يمكن تجاهل سيطرة الميليشيات المسلحة لوقت طويل على تلك المنشآت قبل سيطرة الجيش الليبي عليها».

وترى الدراسة الإسرائيلية أنه في حين تبدو رغبة الانفصال قائمة، لاسيما في ظل شقاق البرلمان والجيش والحكومة الموقتة مع حكومة الوفاق، هناك تيار ينادي بالنظام الفيدرالي، وربما يترجم ذلك مساعي تيارات جنوبية بانفصال الجنوب وعاصمته فزان عن الشمال والشرق، لكن الجهتين لا تستطيعان الحصول على هدفهما.

سقوط النظام السابق كشف انقسام الليبيين واهتمامهم بالمصالح الشخصية على حساب البلاد

وتنتقل الدراسة إلى الحديث عن دول الجوار، مشيرة إلى أن «التمزق الليبي الذي أصاب عددا من دول المنطقة، انعكس سلبا على دول الجوار، خاصة في أوروبا التي تدفع ثمنا كبيرا جراء التطورات السياسية والأمنية في ليبيا، ففي حين منع نظام القذافي موجات الهجرة الأفريقية غير الشرعية من بلاده إلى القارة البيضاء، تعمل الميليشيات المسلحة في الوقت الراهن على تشجيع انطلاق تلك الموجات من السواحل الليبية، خاصة عند النظر إلى تحول هذا النوع من الهجرة إلى تجارة رائجة تدر أرباحا طائلة على القائمين عليها».

شرطي أوروبا
ورأت الدراسة أن حلف «ناتو» أخطأ حينما ساعد إبان الثورة في إسقاط نظام القذافي، خاصة أن الأخير كان «شرطي أوروبا الأمين»، فهو أبرم العديد من الاتفاقات مع الدول الأوروبية للحيلولة دون تدفق موجات الهجرة عبر بلاده إلى القارة البيضاء. أما الجارة الأخرى التي تعاني ما يجري في ليبيا، بحسب الدراسة، فهي جمهورية مالي، فبعد سقوط النظام السابق، حولت ميليشيات قبائل الطوارق التي كانت موالية للقذافي وجهتها إلى مالي، وعن طريق الجزائر والنيجر عززت تلك الميليشيات نشاط الحركات الانفصالية في شمال مالي، ومن خلال دعم الطوارق، تمكن المتمردون (الحركة الوطنية لتحرير أزواد) من احتلال شمال مالي. وعلى خلفية هذا التطور، هيمنت تنظيمات متطرفة موالية لتنظيم القاعدة على الأراضي التي احتلها المتمردون، وأمام هذا الواقع تدخلت فرنسا وأعادت الأراضي المحتلة إلى حكومة مالي.وأشارت الدراسة الإسرائيلية إلى أنه على الرغم من النجاحات التي أحرزتها حكومة الوفاق الوطني والقوات الموالية لها «البنيان المرصوص» في معقل «داعش» في سرت، إلا أن ليبيا ما برحت تصيب دول الجوار بـ«صداع مزمن»، وربما يقود ذلك بعض هذه الدول إلى اتخاذ قرار بوضع حد لتلك الحالة، وألمحت الدراسة في هذا السياق إلى احتمالية إقدام مصر على وقف تدفق موجات العناصر الإرهابية والوسائل القتالية المتطورة من ليبيا إلى أراضيها. إلى ذلك لم تستبعد الدراسة تدخل حلف «ناتو» للحيلولة دون بقاء التنظيمات الإرهابية لاسيما «داعش» على حدود أوروبا الجنوبية. وخلصت الدراسة إلى نتيجة مفادها: إنه من دون التدخل العسكري الخارجي الحاسم، فمن غير المستبعد أن تظل ليبيا دولة مفككة وفوضوية، تهدد إلى حد كبير جيرانها من جميع الاتجاهات.

ليبيا قبل وبعد ثورة فبراير بـ «عيون» المخابرات الإسرائيلية
ليبيا قبل وبعد ثورة فبراير بـ «عيون» المخابرات الإسرائيلية
ليبيا قبل وبعد ثورة فبراير بـ «عيون» المخابرات الإسرائيلية
ليبيا قبل وبعد ثورة فبراير بـ «عيون» المخابرات الإسرائيلية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
السفارة الأميركية: الصحفيون في ليبيا يعملون في ظروف صعبة للغاية
السفارة الأميركية: الصحفيون في ليبيا يعملون في ظروف صعبة للغاية
فريق «رائدات» الأممي يزور عددا من مدارس طرابلس للتوعية بتغير المناخ
فريق «رائدات» الأممي يزور عددا من مدارس طرابلس للتوعية بتغير ...
«مشروعات الإسكان»: إنجاز 75% من طريق خدمات 20 رمضان في طرابلس
«مشروعات الإسكان»: إنجاز 75% من طريق خدمات 20 رمضان في طرابلس
انتهاء أعمال الإزالة في المسارين الأول والثاني لتنفيذ الطريق الدائري الثالث
انتهاء أعمال الإزالة في المسارين الأول والثاني لتنفيذ الطريق ...
استرجاع سيارة بعد 10 سنوات من سرقتها في طرابلس
استرجاع سيارة بعد 10 سنوات من سرقتها في طرابلس
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم