أشارت أبحاث نشرها البنك الدولي إلى أن التعرض للرصاص تسبب في الوفاة المبكرة لأكثر من 5.5 مليون شخص في العام 2019، 90% منهم في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. وتوصلت كذلك إلى انخفاض معدل ذكاء الأطفال دون سن الخامسة بنحو 765 مليون نقطة في نفس العام، ولهذه الخسارة في رأس المال البشري عواقب وخيمة على نوعية الحياة، ونواتج التعلم والدراسة، والإنتاجية، وأخيرا على التنمية الاقتصادية والنمو.

وتشير التقديرات إلى أن التكلفة الاقتصادية للأضرار الصحية إثر التسمم بالرصاص بلغت ستة تريليونات دولار في العام 2019، أي ما يعادل 6.9% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، حسب «البنك الدولي».

وتعتبر الأسمدة النيتروجينية، والتي غالبًا ما تستخدم لإثراء المغذيات في التربة الزراعية، مثالاً آخر على المواد الكيميائية التي لها تأثير ضار على الناس والكوكب على حد سواء، وتمتص المحاصيل فعليًا 40% فقط من النيتروجين، بينما تنتقل النسبة المتبقية ومقدارها 60% إلى الهواء أو تجري إذابتها وتسريبها إلى الماء.

اتساع رقعة المسطحات المائية الميتة
ويؤثر ذلك بدوره على اتساع رقعة المسطحات المائية الميتة، ومن ثم القضاء على الحياة البرية، إضافة إلى الأسمدة النيتروجينية التي تتطاير مثل الأمونيا في الهواء، فبإمكانها أن تتحول إلى جزيئات دقيقة ثانوية وأكاسيد النيتروجين مسببة بشكل جزئي ملايين الوفيات المبكرة الناجمة عن تلوث الهواء.

كما يتحول جانب من النيتروجين المتطاير في الهواء إلى أكسيد النيتروجين، وهو من الغازات المسببة للاحتباس الحراري ويُعد أقوى 300 مرة من ثاني أكسيد الكربون، حيث يمكن أن يؤدي تغير المناخ بدوره إلى زيادة كمية المواد الكيميائية غير الآمنة في البيئة.

-تلوث الهواء يقطع أنفاس الأطفال في نيودلهي
-معدل تلوث غير معتاد لهذا الموسم في تايلاند والحكومة تعد بالتحرك

وتعتبر المواد الكيميائية الأخرى الموجود في حياتنا اليومية مثيرة للقلق بنفس القدر. فالكادميوم، وهو مادة كيميائية تدخل في تركيب البطاريات والإلكترونيات والطلاء، وكذلك في بعض الأغذية، يؤثر على صحة القلب والأوعية الدموية ويمكن أن يسبب الفشل الكلوي والسرطان، كما يتسبب الأسبستوس في سرطان الرئة وقد حظر استخدامه في معظم البلدان مرتفعة الدخل، ولكنه لا يزال يستخدم بشكل شائع كمادة عازلة في بعض البلدان مثل الهند وسري لانكا وإندونيسيا.

إجراءات لتحسين إدارة المواد الكيميائية
وتشير الآثار الناجمة عن التلوث الكيميائي إلى دق جرس إنذار آخر، يذكرنا بأنه لا يمكننا ببساطة أن نتطور الآن ثم نعود لإصلاح ما أتلفناه لاحقًا. وفيما يلي ثلاثة إجراءات يمكن لواضعي السياسات اتخاذها لتحسين إدارة المواد الكيميائية:

1- قياس المواد الكيميائية التي تحتاج إلى إدارتها. ولا يوجد حاليًا نهج موحد لقياس التلوث الكيميائي، وقد اقترح البنك الدولي مبادئ توجيهية فيما يخص جمع العينات من الكيماويات الموجودة في البيئة أو من المنتجات المحلية وتحليلها، وإعادة تدوير بطاريات الرصاص الحمضية المستعملة، وكذلك تعدين الذهب بالوسائل الحرفية، على أن تتفق الحكومات والأوساط الأكاديمية وشركاء التنمية على بروتوكولات عالمية لقياس المواد الكيميائية الموجودة في البيئة وتلك التي يتناولها الناس.
2- اعتماد «المبدأ الاحترازي» حيث يُفترض أن يجري إثبات سلامة المادة الكيميائية قبل استخدامها. ويتطلب هذا النهج من واضعي السياسات أن يتحلوا بالحيطة الكافية تجاه استخدام المواد الكيميائية الجديدة.
3- وضع أطر لسياسات استنادًا للشواهد والأدلة. ويمكن أن يأتي هذا الإجراء على هيئة معايير صارمة للبيئة والسلامة، بحيث يجبر المتسببون في التلوث على دفع الثمن المناسب، وإلغاء الدعم الضار بالبيئة، الذي تنفق عليه الحكومات حاليًا تريليونات الدولارات سنويًا.

ويلتزم البنك الدولي بالشراكة مع البلدان المتعاملة معه لضمان حماية العمال والمجتمعات المحلية المعرضة للخطر من مخاطر التلوث الكيميائي.