مكن نموذج الذكاء الصناعي الذي أنشأته شركة أرت ريكوجنيشن السويسرية من التأكد بنسبة 82% من أصل لوحة لألبرشت دورر، أحد أهم فناني عصر النهضة في ألمانيا، بعد أن احتار فيها الخبراء لنحو نصف قرن.

تقول شركة سويسرية تستخدم الذكاء الصناعي للتحقق من صحة لوحات كبار الفنانين، إن صورة امرأة مزارعة من الأرجح أن يكون قد رسمها ألبرشت دورر، أحد أعظم فناني عصر النهضة الألمانية. وفقا لتقرير من «دويتش فيله».

ويثير هذا الكشف الأخير الجدل حول ما إذا كان الذكاء الصناعي يمكن أن يحل محل العين البشرية والخبرة في التعرف على صاحب اللوحة الفنية الحقيقي.

وفي هذا الإطار تقول كارينا بوبوفيتشي، الرئيسة التنفيذية للشركة، في مقابلة لـ(DW) إن دقة الذكاء الصناعي ترتبط بشكل وثيق بجودة مجموعة بيانات التدريب التي يجري تزويد الذكاء الصناعي بها.

وتوضح: «تتأثر دقة تحديد العمل الفني بحجم المعلومات المتاحة، وأيضاً باتساق أسلوب الفنان طوال حياته المهني».

- باحث مصري يفك بالذكاء الصناعي رموز مخطوطات عتيقة
- مونتريال في مقدّمة الساعين إلى استخدام الذكاء الصناعي بشكل مسؤول
- متحف سويدي يعرض منحوتة ابتُكرت استنادا إلى الذكاء الصناعي

وترى بوبوفيتشي أن واحدة من الصعوبات التي تواجههم في التعرف على لوحات كبار الفنانين بشكل خاص، هي الأعمال المشتركة بينهم وبين متدربين لديهم، وهو ما يصعب التعرف على العمل الفني. «لذلك نتفادى تزويد الذكاء الصناعي بالأعمال المعروف أنه جرى تعاون فيها بين الفنان الكبير ومتدربيه». لكنها تجد أن أكبر ميزة في الاعتماد على الذكاء الصناعي للتعرف على الأعمال الفنية هي في عدم ضرورة نقل العمل في حد ذاته من مكان إلى آخر، ما يسرع العملية ويقلل التكاليف ومخاطر تعرض العمل لسرقة أو تلف.

لتدريب الذكاء الصناعي، لا يجري فقط تزويده بالأعمال الفنية الحقيقية، بل أيضاً بتلك المزيفة تزييفاً جيداً بحسب رئيسة الشركة، سواء من عصر الفنان نفسه أو من العصر الحديث، أو تلك المولدة بالذكاء الصناعي بأسلوب الفنان.

«يعتمد اختيار هذه المواد التدريبية  بشكل كبير على العامل البشري وعلى خبرة مؤرخي الفن. وفي حال دورر مثلاً جرى الاعتماد على عصر النهضة المتأخرة، حوالي العام 1600، وهي فترة شهدت تقليداً كبيراً لأعمال دورر إلى حد الكمال تقريبا». ولذلك قامت الشركة بتزويد الصناعي بنحو 144 عمل صحيح لدورر، وتقريبا نفس العدد من الأعمال غير الصحيحة.

الذكاء الصناعي وحده لا يكفي
 وكشفت كارينا بوبوفيتشي عن نتائج تحقيقها في العمل  في مؤتمر الأعمال الفنية في تيفاف، ماستريخت، ويصور العمل الذي يحمل توقيع دورر، ويرجع للعام 1505، امرأة مزارعة مبتسمة. وعلى الرغم من التوقيع عليها، إلا أن هذه اللوحة الفنية  كانت موضع شك وجرى إخضاعها لدراسات المصادقة طويلا. فمنذ العام 1970 وحتى اليوم تقريباً انقسمت الاجتهادات وآراء الخبراء حول لوحة دورر، وهو ما دفع أصحاب اللوحة للجوء للذكاء الصناعي بحسب المتحدث عنهم دييغو لوبيز دي أراجون، الذي أضاف لدويتشه فيله: «الإشكالية تكمن في أن هذه الاختلافات في الآراء ليست موضوعية وكثيراً ما تحركها المصالح الخاصة،  لكن «تحليل الذكاء الصناعي الذي أجريناه يضيف طبقة من الموضوعية إلى عملية المصادقة الفنية» كما ترى رئيسة شركة أرت ريكوجنشن.

ويبقى العامل البشري وخبراء الفن أساسيون في هذه العملية لاختيار هذه اللوحات الصحيحة أو المزيفة ومد الذكاء الصناعي بهذه المعلومات، يجري الاعتماد على كتالوجات ومراجع فنية. حيث تضيف بوبوفيتشي: «لا يمكن أن يصل الذكاء الصناعي للتأكد بنسبة 100%، فهي في النهاية قياسات إحصائية».

لكنها تضيف: «هدفنا ليس الاستغناء عن العامل البشري بل تعزيز التعاون مع خبراء الفن وتعميق علاقاتنا معهم. وفي الوقت نفسه نحن ملتزمون بشرح تقنية الذكاء الصناعي للجمهور الأوسع وشرح المزايا التي تقدمها في مصادقة الأعمال الفنية» «الذكاء الصناعي ليس مصمماً ليحل محل العين البشرية والخبرة، بل الغرض منه هو تعزيز الأساليب التقليدية لتوثيق الأعمال الفنية».