«الأمة التي تحفظ تاريخها، تحفظ ذاتها»، بهذه الكلمات لـ«راشد رستم»، قدم الكاتب والباحث شكري محمد السنكي التنويه عن كتابه الجديد «ذاكرة الميدان.. الإعدامات العلنية في أبريل 1977م». 

يُعدّ الكتاب، الذي صدر أخيرًا «ذاكرة الميدان» عن دار نشر الوليد بطرابلس، وجاء في 264 صفحة، منها 30 صفحة وثائق في نهاية الكتاب، إضافة لمشروع الكاتب التأريخي بعد كتبه الأربعة، «فيض الذكريات» و«ملك ورجال» و«ضمير وطن»، و«منصور رشيد الكيخيا.. سيرته ومواقفه وقصة اغتياله»، والتي تتبّع فيها سيرة ومواقف وتاريخ عشر شخصيات عن «سيرة رجال واجهوا الاستبداد وقاوموه».

ويستعرض الكتاب في سرد شيق ولغة سلسة، تاريخ ليبيا ما قبل وبعد العام 1969، وقوفًا على الأحداث المفصلية فيها، كذلك رصد بعض الانعكاسات لهذه الأحداث إقليميًا وعالميًا، ويعرض جانبًا من نشاط القوى الوطنية في الداخل والخارج.

جاء الجزء الأول من الكتاب في مئة صفحة، عالج فيها قضايا وطنية عديدة من العهد الملكي والتنظيمات السياسية في ذلك العهد والحركة الطلابية وأحداث العام 1964 ومواقف الحكومة الليبية من القضايا العربية.

- العبار: علاقتي بالكتابة استمرت رغم المناخ المناهض للثقافة (2 - 2)
- «مقدمة في الأمن القومي».. كتاب جديد من المركز القومي للبحوث
- صدور الطبعة الثانية من كتاب «الإبادة الجماعية في ليبيا» للباحث علي عبداللطيف احميدة

واحتوى الجزء الأخير على محطات رئيسية عن الشهيد عمر علي دبوب، والشهيد محمد الطيب بن سعود، والشهيد عمر المخزومي، شهداء الحركة الطلابية والنقابية الذين جرى إعدامهم شنقًا في ميدان الكاتدرائية والميناء ببنغازي أمام المواطنين، يوم 7 أبريل 1976  و«تُركت جثامينهم متدلية من حبل المشنقة ولم تسلم لأهاليهم..».

نضال الوطنيين من أجل الحرية
وتضمن الكتاب فصولًا عن تكوين الاتحاد العام لطلبة ليبيا في الداخل والخارج بالتواريخ والأسماء والوثائق، والمواقف الوطنية للاتحاد العام لطلبة ليبيا والصراع مع سلطات سبتمبر الفاشية ولجانه الثورية. كما يعرض فصولًا من الكفاح والنضال الوطني والمقاومة في داخل ليبيا وخارجها، وتطور الأحداث ومواقف الحركة الطلابية منها.

وجاء الغلاف لميدان الكاتدرائية في بنغازي، حيث المشانق التي نصبها القذافي في سابقة لم تحدث منذ عهد الاستعمار الإيطالي، معبرًا عن موضوع الكتاب.

يتحرى السنكي بقلمه، مستندًا إلى شهود العيان والوثائق، ما واجهته صفوف الوطنيين من تعذيب وإعدامات من أجل الحرية والدفاع عن دولة المؤسسات متضمنًا أسماء وأحداثًا وتواريخ يجهلها الكثيرون.

السنكي: يجب توثيق الأحداث التاريخية حتى يستفاد من دروسها وعبرها
وفي حديثه إلى «بوابة الوسط»، قال السنكي: «حاولت في هذا الكتاب توثيق أحداث كثيرة شهدتها ليبيا، ووقفت على أول إعدامات علنية حدثت في بلادنا بعد عهد المستعمر الإيطالي البغيض».

وأضاف: «ذهبت بالسرد إلى تفاصيل مرحلة مظلمة من تاريخ بلادنا بُغية التذكير، حتى يبقى تاريخ هذه الحقبة حاضرًا في الأذهان يستفاد من دروسه وعبره، ولكي لا يطمع مستبد جديد في حكمنا وتحويل وطننا إلى صورة شخصية له كما فعل نظام القذافي». 

وأكمل: «وقفتُ عند أحداث 1964 والمظاهرات الطلابية العامين 1975 و1976، وعرضت فصولًا من نضال الطلاب في مواجهة القمع والاستبداد ومصادرة الحريات وتغول قوى الانقلابيين ودفاع الطلاب عن الجامعة الليبية واستقلاليتها». 

كما أكد السنكي على أهمية توثيق الأحداث التاريخية بقوله: «ولا شك أن التأريخ سجلّ لأحداث ووقائع مضت، ولأشخاص سجلوا سطوره، وأصبحوا رموزًا لدرجة أن سيرتهم صارت جزءًا من التاريخ الذي يجب تدوينه والحفاظ عليه، والأمة التي تحفظ تاريخها وتجعله مادة صلبة ثابتة غير قابلة للتزييف والتحريف والتزوير، تحفظ ذاتها ولا تخشى تقلبات الزمان».

كتاب «ذاكرة الميدان»، بحسب مؤلفه «يسلط الضوء على حقبة تاريخية مهمة لم يتناولها أحد من قبل بهذا التفصيل، بالإضافة إلى مجموعة من الصور والوثائق النادرة».

واختتم المؤلف مداخلته مع «بوابة الوسط» راجيًا أن يكون الكتاب إضافة مهمة إلى المكتبة الوطنية.