Atwasat

صراع إنجليزي - فرنسي في التعليم الابتدائي بالجزائر

القاهرة - بوابة الوسط السبت 08 أكتوبر 2022, 03:01 مساء
WTV_Frequency

تشهد الجزائر منذ عقود جدلًا حول وضع «اللغة الفرنسية»، نظرًا لانتشار استخدامها، فيما تمثل هي رمزًا للاستعمار، الذي عانت منه البلاد كثيرًا.

وبذلت الجزائر، حيث الفرنسية هي اللغة الأجنبية الأولى، جهودًا مضاعفة لإدخال الإنجليزية في التعليم الابتدائي منذ بداية العام الدراسي الجديد، في قرار أثار ارتياحًا لدى معارضي الاستخدام الواسع للغة الفرنسية، في مقابل انتقاد البعض للتسرع في تنفيذه.

لطالما كانت مسألة اللغة في الجزائر موضع نقاش حاد. ففي حين أن هناك إجماعًا على الوضع الرسمي للغة العربية، فإن مكانة الأمازيغية، المعترف بها كلغة رسمية منذ العام 2016، والفرنسية، لغة التعليم العلمي والأعمال، الموروثة من المستعمر الفرنسي السابق، تثير تساؤلات وخلافات لا نهاية لها، وفق «فرانس برس».

- 100 مثقف يدعون ماكرون لحماية اللغة الفرنسية

وقال فاروق لعزيزي وهو أب لتلميذين في المرحلة الابتدائية بالعاصمة الجزائرية «هذا القرار يمثل تطورًا، لكن كان يجب التحضير له جيدًا».

أصبح تعلم الإنجليزية واجبًا على التلاميذ الذين عادوا إلى مدارسهم في 21 سبتمبر، منذ المرحلة الابتدائية، بينما كان تدريسها يبدأ في المرحلة المتوسطة.

وكان الرئيس عبدالمجيد تبون هو الذي أمر بإدراج اللغة الإنجليزية في المدارس خلال اجتماع لمجلس الوزراء في 19يونيو. وهو أوضح في نهاية يوليو أما الصحفيين أن «الفرنسية هي غنيمة حرب ولكن اللغة الإنجليزية تظل اللغة الدولية».

خلال فترة العطل الصيفية دخلت وزارة التربية في سباق مع الزمن لتنفيذ التعليمات الرئاسية.

ففي أقل من شهرين، جرى توظيف حوالي 5000 مدرس لغة إنجليزية وتدريبهم. كما جرى إعداد كتاب مدرسي وتوزيعه على المدارس في وقت قياسي.

الأجواء اللازمة
وتأسف الناطق باسم المجلس الوطني المستقل لموظفي التربية، وهو نقابة قوية، قائلا «عندما نسارع لإدماج الإنجليزية دون توفير الأجواء اللازمة، (تتساءل) هل هذا سيخدم نجاح تطبيق القرار أم لا».

وأشار الخبير اللغوي عبدالرزاق دوراري إلى توظيف مترجمين لتعويض النقص في المعلمين.

وأوضح لوكالة فرنس برس «اللجوء إليهم ليس أفضل طريقة لتعليم اللغة لأن المترجم ليس معلمًا ولم يتدرب على التدريس.. إذا لم يكن لدينا ما يكفي من المعلمين الأكفاء، فمن الأفضل ألا نبدأ على الفور»، وفق «فرانس برس».

تقدم نحو 60 ألف جامعي للحصول على وظيفة في التعليم، واشترطت وزارة التربية الحصول على شهادة الليسانس في اللغة الإنجليزية أو الترجمة.

تدريس أربع لغات
وبدوره اعتبر أستاذ اللغة الإنجليزية سابقا،أحمد تيسة، أن «تدريس أربع لغات (العربية والأمازيغية والفرنسية والإنجليزية) لتلاميذ المدارس الابتدائية سيخلق إرباكًا في عقول الأطفال».

من ناحية أخرى، رحب أولئك الذين يريدون إنهاء التعليم بالفرنسية بقرار السلطات الذي يضع الآن الفرنسية والإنجليزية في مقام واحد.

واعتبر رئيس نقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، الصادق دزيري أن «القرار جيد وانتظرناه طويلا ... لأن اللغة الإنجليزية هي لغة العلم والتكنولوجيا»

وكذلك رحب عبدالحميد عابد وهو أستاذ لغة إنجليزية في مدرسة متوسطة بالجزائر العاصمة، بقرار الرئيس تبون، معتبرا أن «اللغة الفرنسية قد مر عليها الزمن».

وقال «يجب أن نواكب التطور التكنولوجي. يجب ألا ننظر إلى هذه المسألة من زاوية التنافس بين الفرنسية والإنجليزية ولكن من وجهة نظر براغماتية».

من جانبه، قال أبو تلميذ في الابتدائي طلب عدم ذكر اسمه إن الجزائر ستكون قادرة على «التخلي عن الفرنسية التي هي لغة المستعمر والتي لم يؤد تعليمها إلى نتائج جيدة».

وأضاف ولي تلميذ آخر أن «العلمانيين والمتحدثين بالفرنسية بشكل عام لا يوافقون على هذا القرار وكانوا يرغبون في أن تكون الفرنسية هي اللغة الرسمية في الجزائر».

غنيمة حرب
لعقود من الزمن، خاض المحافظون والعلمانيون معركة شرسة على مكانة اللغة الفرنسية في المنهج التعليمي في الجزائر.

وفي خضم الجدل، ذهب البعض إلى القول بأن القرار الجديد يمثل إرادة سياسية في الاستعاضة عن الفرنسية بلغة شكسبير.

وبالنسبة لأحمد تيسة فإن «رئيس الجمهورية كان واضحا. ووصفها بأنها «غنيمة حرب» ما يعني أن الجزائر تستفيد من هذه اللغة في حياتها المؤسساتية والاجتماعية والاقتصادية».

وأوضح «لقد فوجئت الدوائر المعادية للفرنسيين بهذا (الوصف). كانوا يعتقدون أن الفرنسية ستلغى من التعليم الابتدائي ويحلمون برؤيتها تختفي من البلاد».

ورأى عبدالرزاق دوراري أنه «سيكون من العبث بل ومن الصعب للغاية استبدال لغة بأخرى في حالة الجزائر»، بسبب السياق «الثقافي واللغوي والتاريخي وحتى الجغرافي».

وقال هذا الخبير اللغوي «لدينا أكثر من 8 ملايين جزائري يعيشون في فرنسا، عائلات مختلطة تأتي وتغادر. وأهم التبادلات السياحية قائمة أساسا مع فرنسا وليس مع إنجلترا».

وأضاف أن السلطات الجزائرية حاولت منذ الاستقلال «إدخال العربية بدلا من الفرنسية في المدارس، لكنها لم تنجح. كما حاولوا فرض هذه اللغة على حساب الأمازيغية أو اللهجة الدارجة الجزائرية، لكنه هذا لم ينجح أيضا».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
ألبوم «مرا» للتونسية آمال المثلوثي.. نسوي بالكامل
ألبوم «مرا» للتونسية آمال المثلوثي.. نسوي بالكامل
الفنانة الانطباعية ماري كاسات
الفنانة الانطباعية ماري كاسات
السينما السودانية تلفت الأنظار إلى الحرب المنسية
السينما السودانية تلفت الأنظار إلى الحرب المنسية
المتاحف الفرنسية تبحث في أصول قطع أثرية أفريقية نُهبت خلال مرحلة الاستعمار
المتاحف الفرنسية تبحث في أصول قطع أثرية أفريقية نُهبت خلال مرحلة ...
إطلاق اسم الفنان الجزائري إيدير على حديقة في باريس (فيديو)
إطلاق اسم الفنان الجزائري إيدير على حديقة في باريس (فيديو)
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم