ينطلق معرض بينالي البندقية، السبت، وتُطرح فيه مسألة دور الفن في زمن الحرب، ما يعد انعكاسًا للغزو الروسي لأوكرانيا.

ويعبّر بافلو ماكوف، وهو فنان أوكراني هرب على عجل من الحرب في بلاده، عن فخره لتمثيله بلاده في الحدث الفني الكبير، حسب «فرانس برس».

ويقول ماكوف، قبل انطلاق فعاليات هذا الحدث الذي يُعدّ من أرقى الأحداث الفنية في العالم، «لا أعتقد أن الفن يمكنه أن يغيّر العالم. لكنّه يساعدنا على الاستمرار».

 جائحة كوفيد-19
بعد توقف شهده الحدث جراء جائحة كوفيد-19، تعود فعاليات بينالي البندقية في نسخته التاسعة والخمسين متأثرة بالحرب الأوكرانية. وفيما حظر المنظمون مشاركة روسيا في المعرض احتجاجًا على غزوها أوكرانيا، تمكن الوفد الأوكراني المشارك من مغادرة كييف، في اليوم الذي دخلت فيه القوات الروسية بلده.

ويرى بافلو ماكوف (63 عامًا) أن استبعاد روسيا من الحدث الذي يشارك فيه 213 فنانًا يمثلون 58 دولةً، كان أمرًا حتميًا.

ويقول إن «الحوار الذي نجريه حاليًا مع الثقافة الروسية يحدث في مكان واحد فقط، وهو على الجبهة».

ويتألف عمله المعروض تحت عنوان «نبع الاستنفاد» من 78 قمعًا أزرق موضوعة على شكل مثلث، تتدفق عبرها المياه وتتجمع في حوض صغير. ويُسمع صوت خرير المياه داخل الغرفة حيث يُعرض العمل الذي يعتبره معدّه بمثابة «تشبيه للحياة المعاصرة».

وأحضرت المفوضة ماريا لانكو الأقماع المستخدمة في العمل من كييف. وكانت الشابة البالغة 35 عامًا غادرت العاصمة الأوكرانية عندما أطلقت روسيا هجومها، واجتازت على مدى ستة أيام رومانيا والمجر والنمسا لتصل إلى إيطاليا.

وكانت لانكو تستعد لاحتمال اندلاع حرب. وتقول «كنا نقول ممازحين حسنًا، في حال وقعت الحرب يمكننا أن نضع هذه الصناديق داخل سيارة ونخرجها» من البلد. ولم تحضر مع ذلك قاعدة العمل الكبيرة الحجم.

الجناح الروسي
وتبدو القاعات التابعة للجناح الروسي القريبة من الموقع الأوكراني فارغة. وكان المفوض والفنانون الروس تقدموا باستقالاتهم من المعرض بعدما شنّت قوات بلدهم حربًا على أوكرانيا. وقال الفنان الروسي كيريل سافتشينكوف حينها «لا مكان للفن في ظل وفاة مدنيين»، وفق «فرانس برس».

ورحّب منظمو البينالي بهذه الخطوة، وحظروا مشاركة أي شخص مرتبط بالحكومة الروسية في الحدث، وانضموا بالتالي إلى حملة المقاطعة الثقافية العالمية لموسكو بسبب الحرب.

وموّل المنظمون ترميم عمل ماكوف. ويقول الفنان الذي غادر سريعًا أوكرانيا مع عائلته الموجودة حاليًا في النمسا «استطعنا بفضل هذا التضامن إكمال إنجاز هذا المشروع في البينالي».

هذا البينالي الذي يقام بين 23 أبريل و27 نوفمبر، كان مقررًا تنظيمه العام الماضي لكنّ الحدث أُرجئ بسبب جائحة كوفيد-19.

وفوّضت بتنظيم حدث هذا العام الإيطالية سيسيلا أليماني (45 عامًا) التي حرصت على أن يكون غالبية المشاركين من النساء.

- بانكسي يترك بصمته في بينالي البندقية

وشهدت نسخ الحدث الـ57 الماضية، باستثناء تلك الأخيرة، حضورًا مهيمنًا للفنانين الذكور. وتقول أليماني: «لهذا السبب أردت إعادة التوازن لتاريخ» المعرض.

وعن مسألة النزاع في أوكرانيا، أعربت عن تقديرها قرار الفنانين الروس بالاستقالة بدل «تحمل عبء تمثيل روسيا في بينالي 2022 وحمل هذه الوصمة بقية حياتهم».

وتضيف «لمعرض البينالي دور (...) في الأخذ بالاعتبار الأحداث التاريخية». وانطلاقًا من رأيها هذا، أعلنت عن إطلاق «بياتزا أوكراينا» (ساحة أوكرانيا)، وهي مساحة مخصصة للتأمل ولإجراء مناقشات وتنظيم عروض.

ووُضع في هذه المساحة مجسم يظهر جبلاً من أكياس الرمل تشبه تلك المستخدمة في أوكرانيا لحماية التماثيل من القصف الروسي.