Atwasat

قصة حب ونضال للعدالة.. فاجعة «مرفأ بيروت» جمعت وليام وماريا

القاهرة - بوابة الوسط الأربعاء 26 يوليو 2023, 09:59 صباحا
WTV_Frequency

منذ ثلاث سنوات، جمعت وليام نون وماريا فارس مأساة خسارة أعز الناس جراء انفجار مرفأ بيروت المروع. وبعد أسابيع، سيجمعهما زواج يكلّل حباً وُلد من رحم الأحزان، ويكرس عهدهما بالنضال حتى تحقيق العدالة لضحايا الكارثة، وفق تقرير لوكالة «فرانس برس».

في الرابع من أغسطس 2020، كان العنصر في فوج إطفاء بيروت جو نون، شقيق وليام، والمسعفة سحر فارس، شقيقة ماريا، في عداد عشرة عناصر من الفوج هرعوا إلى المرفأ، لإطفاء حريق سبق الانفجار، الذي يحيي لبنان الأسبوع المقبل ذكراه السنوية الثالثة.

أقوى الانفجارات غير النووية في العالم
حصد الانفجار، الذي يعدّ من بين أقوى الانفجارات غير النووية في العالم، أكثر من 220 قتيلاً، وتسبّب في إصابة أكثر من 6500 شخص بجروح، غير دمار واسع في المرفأ، وعدد من أحياء العاصمة. بينما تحول تجاذبات سياسية وقضائية دون تحقيق تقدم في التحقيق عن ملابساته، والذي يراوح مكانه.

من داخل منزل عائلة نون في بلدة مشمش، الواقعة على بُعد ستين كيلو متراً شمال بيروت، يقول وليام (28 عاماً) إلى «فرانس برس» محاطاً بصور شقيقه التي تزين أنحاء الغرفة بينما تجلس خطيبته قربه: «لن يكون يوم زفافنا مشابهاً لأي زفاف آخر. كثر خسروا إخوتهم. لكنّ الفرق أننا لم نعرف لِمَ خسرناهما أساساً، وأنهما ماتا معاً». ويضيف: «نودّ أن نؤسس عائلة معاً. ما سنقدم عليه يبرهن عن إيماننا. على الرغم من كل ما حدث، ما زالت لدينا إرادة الحياة».

في جلسة علاج نفسي مخصّصة لأشقاء عناصر فوج الإطفاء الذين حفظ اللبنانيون قصة كل منهم وتأثر بها، التقى الخطيبان اللذان أضناهما الحزن العام 2020. وبعد قرابة عامين من لقائهما الأول، جمعتهما قصة حب انطلقت من مشاركتهما في احتجاجات، للمطالبة بمعرفة الحقيقة، وسيكللانها بالزواج في سبتمبر المقبل.

ويقول وليام، الذي يدير مطعماً أسّسه مع شقيقه وشقيقته في قريتهم الهادئة: «ليتنا تعرفنا من دون انفجار، وليت الانفجار لم يحصل».

الوجع نفسه
بغصّة، تنتظر ماريا (28 عاماً) موعد الزفاف. تغرورق عينيها الدموع عندما تفكر في أن شقيقتها سحر، التي كانت تضج حياةً، لن تكون شاهدة على زفافها، ولن يكون جو بجانب شقيقه. وتقول بصوت مخنوق: «عوض أن يكونا معنا وفرحين بنا، نفكر كيف يمكننا أن نجعلهما حاضرين في ذاك اليوم، ربما بوردة أو بصورة». وتضيف: «صحيح أن منازلنا تضيق بصورهما، ولكن صعب جداً تقبّل فكرة أن شقيقتي ستكون حاضرة من خلال صورة، ولا تقف قربي».

بعد الانفجار المشؤوم، لم يتوقع وليام أن يجد الفرح طريقه إليه، لكنه وجد في ماريا شخصاً يتقاسم معه «الوجع نفسه والقضية نفسها». ويقول: «النضال من أجل العدالة أصعب من الانفجار بحد ذاته». ويضيف: «علينا أن نعرف ماذا حصل في الرابع من أغسطس».

يُعرف وليام بانتقاداته الحادة للطبقة السياسية، ويتصدّر كل التحركات الاحتجاجية لأهالي الضحايا المطالبين بإعادة إطلاق التحقيقات المعلقة منذ نهاية 2021. وقد أوقفته القوى الأمنية، مطلع العام الحالي، بسبب رميه الحجارة على نوافذ قصر العدل، وأطلق في اليوم التالي.

ويؤكد وليام: «نحن مصرون على الحقيقة. هذا وعدنا، وسيكون الموضوع الذي نناقشه كل صباح. لكننا سنحاول في الوقت نفسه أن نفصل حياتنا الشخصية عن التحقيق». ويضيف: «التحقيق يسبب لنا قهراً شديداً، وإذا واصلنا التحدث عنه سنقضي حياتنا نبكي».

نجم الانفجار، وفق السلطات، عن تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية، إثر اندلاع حريق لم تُعرف أسبابه. وتبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة، ولم يحركوا ساكناً.وفي 23 يناير، أعلن المحقق العدلي طارق بيطار استئناف تحقيقاته، متحديا الضغوط السياسية والقضائية، مع وجود عشرات الدعاوى المرفوعة ضده، والمطالبة بعزله، والتي علّقت عمله 13 شهراً.

وسرعان ما رفضت النيابة العامة التمييزية قراره، وادعت بدورها عليه بتهمة «التمرد على القضاء واغتصاب السلطة»، مما أنذر بأزمة قضائية غير مسبوقة. ومنذ ذلك الحين، دخل ملف التحقيق في غياهب النسيان، وابتعد بيطار عن أروقة قصر العدل.

عائلة نون: لدينا الحق
يؤجّج تعليق التحقيق غضب أهالي ضحايا الانفجار الذين يطالبون ومنظمات حقوقية والأمم المتحدة بإرسال بعثة تقصي حقائق مستقلة لا تعرقلها التدخلات السياسية. في كنيسة صغيرة، بنتها عائلة نون قرب منزلها، تخليداً لذكرى جو، تزينها صوره ومقتنياته الشخصية، وبينها بزة فوج الإطفاء، يضيء العروسان شمعة على نيّة تحقيق العدالة.

وتسود في لبنان، المنقسم سياسياً إلى حد بعيد، والقائم على منطق المحاصصة الطائفية، ثقافة الإفلات من العقاب منذ عقود، وتعطل التدخلات السياسية عمل المؤسسات الدستورية والقضائية. لكن على الرغم من العراقيل والتهديدات التي طالت بيطار شخصياً، تعول عائلات الضحايا على صدور القرار الظني. ويقول وليام: «لدينا أمل بالتأكيد في تحقيق العدالة وإلا كنا تخلينا عنها. إذا كان نفسنا قصيراً سنيأس بسرعة، لأن من نواجههم متجذرون في السلطة. لديهم مال وسلاح وعسكر وسطوة على ثلاثة أرباع القضاء. أما نحن فليس لدينا إلا الحق».

وتثني ماريا على كلامه بالقول: «نحن مصرون على أن نصل إلى الحقيقة، لأن هذا حقهم قبل أن يكون حقنا». وتضيف: «منذ اليوم الأول لوقوع الانفجار، كان لدي إيمان بأن دم سحر والشباب سيكون قيامة للبنان، حتى لو استغرق وقتاً، وتعرضنا للضرب وتمت عرقلتنا ومحاربتنا».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«حزب الله» يستهدف موقعين عسكريين إسرائيليين بالمسيرات والصواريخ الموجهة
«حزب الله» يستهدف موقعين عسكريين إسرائيليين بالمسيرات والصواريخ ...
«القسام» تعرض مشاهد لأسيرين إسرائيليين يدعوان لمواصلة التظاهر ضد نتنياهو للإفراج عنهما
«القسام» تعرض مشاهد لأسيرين إسرائيليين يدعوان لمواصلة التظاهر ضد ...
الحوثيون يعرضون مشاهد لإسقاط طائرة مسيرة أميركية في صعدة
الحوثيون يعرضون مشاهد لإسقاط طائرة مسيرة أميركية في صعدة
بلينكن يزور السعودية لإجراء محادثات بشأن غزة
بلينكن يزور السعودية لإجراء محادثات بشأن غزة
وزير خارجية الاحتلال: تعليق عملية رفح حال التوصل لاتفاق بشأن «الرهائن»
وزير خارجية الاحتلال: تعليق عملية رفح حال التوصل لاتفاق بشأن ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم