Atwasat

باحث بريطاني: الاتفاق على آلية إدارة الإنفاق الحكومي يمكنه إطلاق العملية السياسية في ليبيا

القاهرة - بوابة الوسط الخميس 19 مايو 2022, 07:45 مساء
WTV_Frequency

عرض الباحث في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمعهد الملكي للشؤون الدولية في بريطانيا «تشاتام هاوس»، تيم إيتون، مقترحا لكسر حالة الجمود وإطلاق العملية السياسية المتعثرة بين الفرقاء في ليبيا يمكنه المساعدة في التوصل إلى إطار انتخابي، مبينا أن الاتفاق على آلية لإدارة الانفاق الحكومي من شأنه تحقيق ذلك وتحفيز النخب الليبية على إعادة الانخراط في العملية السياسية حال كان مصحوبا بجهد دولي.

وتصاعدت الأزمة السياسية في ليبيا منذ سبتمبر 2021 بعدما قرر مجلس النواب في طبرق برئاسة عقيلة صالح سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة وتعذر إجراء الانتخابات التي كانت مقررة في 24 ديسمبر 2021، وتكليف فتحي باشاغا برئاسة حكومة جديدة في فبراير الماضي ورفض الدبيبة تسليم السلطة قبل إجراء الانتخابات.

واعتبر تيم إيتون في مقال نشر على موقع «تشاتام هاوس» أمس الأربعاء، أن الإخفاق في إجراء الانتخابات «أدى إلى إخراج خارطة الطريق السياسية الليبية عن مسارها» وزاد العداء بين حكومة الوحدة الوطنية ومجلس النواب حتى وصل هذا المأزق إلى اشتباكات بين الجماعات المسلحة في طرابلس اندلعت على خلفية دخول رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا إلى العاصمة مساء 16 مايو اضطرت الأخير إلى الخروج من طرابلس بعد مفاوضات.

أنماط مألوفة من التنافس على الموارد في ليبيا
ويرى الباحث البريطاني في مقاله أن الانقسام الحكومي المتجدد في ليبيا «يطلق أنماطا مألوفة من التنافس على الموارد بصرف النظر عن التطورات على الجبهة الأمنية»، مشيرا إلى استمرار حكومة الوحدة الوطنية في الانفاق على نطاق واسع وفقا لبند1/12 من دون قانون الميزانية الذي لم يقره مجلس النواب، والذي تتجاوزه من خلال الإنفاق من باب الطوارئ وتكثر الشائعات حول استخدامها حوافز مالية لتأمين دعم الجماعات المسلحة لمساعدتها على البقاء في العاصمة.

ردا على ذلك، يقول تيم إيتون إن مجلس النواب سعى إلى حرمان حكومة الوحدة الوطنية من السيولة عبر الضغط على المؤسسة الوطنية للنفط لتجميد الإيرادات في حسابها لدى المصرف الليبي الخارجي، مستفيدا من شكوى مؤسسة النفط من عدم تلقيها أي تمويل من حكومة الوحدة الوطنية لصيانة البنية التحتية للمرافق ومنشآت القطاع النفطي أو سداد ديونها المتزايدة.

دعم أميركي لإنشاء آلية مالية موقتة للإنفاق الحكومي
وأضاف الباحث البريطاني أن الولايات المتحدة سعت ردا على ذلك، إلى إنشاء «آلية مالية موقتة» لمساعدة الأطراف المتنافسة على التوصل إلى «اتفاق بشأن الإنفاق الحكومي المقبول بشكل متبادل» يتضمن الاستمرار في دفع الرواتب وتقديم الدعم للقطاعات الرئيسية للاقتصاد، مثل الكهرباء والمياه والمؤسسة الوطنية للنفط، مع إيقاف النفقات في أبواب أخرى من الميزانية.

- السفارة الأميركية: دعم تام للتجميد الموقت لعائدات النفط بمصرف ليبيا الخارجي
- عقيلة صالح في بيان رسمي: تجميد إيرادات النفط بمصرف ليبيا الخارجي
- رئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب يدعو إلى تجميد الإيرادات النفطية

ويضيف الباحث أنه و«بينما تطورت هذه المناقشات، كانت حكومة الوحدة الوطنية قادرة على تنفيذ أمر واقع. من خلال إقناع المؤسسة الوطنية للنفط بتحويل 8ثمانية مليارات دولار من حسابها لدى المصرف الليبي الخارجي إلى حساب وزارة المالية بمصرف ليبيا المركزي بعد الوعد بميزانية جديدة (وغير واقعية) للمؤسسة، إلى جانب التهديدات المباشرة وهو ما منح حكومة الوحدة مساحة لالتقاط الأنفاس»، لافتا إلى أن تحرك الحكومة في هذا الاتجاه «ما هو إلا إصلاح موقت».

وأشار إيتون إلى أن ذلك قوبل برد سريع من معارضي حكومة الوحدة الوطنية الذين سارعوا إلى إقفال جزئي للنفط في أبريل الماضي، أدى إلى فقدان 550 ألف برميل من إنتاج ليبيا اليومي من النفط وخسارة 60 مليون دولار يوميا وسط ارتفاع أسعار النفط العالمية. ومنتصف الشهر الجاري، أصدر رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بيانا أكد فيه على ضرورة تجميد عائدات النفط، كما أيدت الولايات المتحدة في بيان بعده التجميد «حتى يتم الاتفاق على آلية لإدارة الإيرادات» النفطية.

الخلاف حول الإنفاق الحكومي فرصة للمجتمع الدولي
واعتبر الباحث البريطاني في مقاله أن الخلاف حول الإنفاق الحكومي في ليبيا بمثابة «فرصة للمجتمع الدولي». حيث «يمكن لآلية مالية وظيفية متفق عليها بين الجهات الليبية المتنافسة أن تتجاوز إلى حد كبير النقاش حول الحاجة إلى حكومة موقتة أخرى وتسمح للمفاوضات السياسية بإعادة التركيز على الاتفاق على إطار انتخابي».

وذكر إيتون تيم أن «الميزة الرئيسية التي تتمتع بها الحكومة الحالية هي قدرتها على الإنفاق والحفاظ على شبكات المحسوبية من أجل تأمين مركزها». وقال «إن وجود آلية يمكنها وضع قيود ذات مغزى على مثل هذه الأنشطة ووضع معايير للإبلاغ والرقابة من شأنها أن تقطع شوطا طويلا نحو نزع فتيل الموقف. ومن شأن هذا الإطار أن يحدد توقعات واضحة بشأن مؤسسات الدولة الليبية».

إجماع دبلوماسي وتحديات رئيسية لآلية الإنفاق الحكومي المقترحة في ليبيا
وأشار الباحث إلى وجود وجهات نظر مختلفة حول فعالية هذه الآلية لدى المجتمع الدبلوماسي، إلا أنه أكد أن «هناك إجماعا على أن هناك حاجة إليها»، مشيرا إلى أن التحديات الرئيسية التي تواجه آلية الإنفاق الحكومي «تشمل تحديد متطلبات الانفاق للقطاعات الرئيسية، وهي عملية معقدة عندما تكون هناك حاجة واضحة للعديد من القطاعات، مثل الرعاية الصحية». إضافة إلى الحاجة إلى «معالجة القضية المزمنة لدفع رواتب القوات التابعة للقيادة العامة».

ويرى إيتون أن معالجة هذه التحديات «سيتطلب مستوى من المشاركة والتعاون الدوليين لم يتحقق حتى الآن»، لافتا إلى أن «التحدي الأكبر سيكون ضمان أن تأتي الاتفاقية مصحوبة بتهديدات ذات مصداقية بأن كل ما يتم الاتفاق عليه سيتم تنفيذه»، مشددا على ضرورة «دمج آليات المساءلة الأفقية بين المؤسسات الليبية مع شكل من أشكال الرقابة الدولية الرأسية» من أجل ضمان إشراف وتنفيذ فعال للاتفاق المأمول رغم عدم معرفة الجهة أو الأطراف التي ستتولى هذه المهمة حتى الآن.

الاعتماد المتبادل بين الجهات الليبية لإدارة الإنفاق الحكومي
وقال إيتون إن «الاعتماد المتبادل بين الجهات الليبية قد يساعد في ضمان الامتثال» للتنفيذ والتقيد بالآلية المالية الموقتة لإدارة الإنفاق الحكومي في ليبيا لأنه «إذا تم نقض الصفقة سيتم إغلاق النفط قريبا مرة أخرى» لكن ذلك سيؤدي إلى «عدم ثقة في أن مؤسسات الدولة الليبية، مثل ديوان المحاسبة، الذي يمكنه الإشراف على هذه الترتيبات وحده. من دون التزام دولي بدعم إنفاذ آلية الميزانية، وبالتالي لا بد من إيجاد حلول بديلة».

ويرى الباحث البريطاني في مقاله أنه «في أفضل الأحوال، ستجمد هذه الآلية الصراع بدلا من حله»، مبينا أنه «لتحقيق هذه الغاية، يجب فقط حشد الإنفاق الأساسي أو المخاطرة في أنها قد تصبح مريحة للغاية بالنسبة للنخبة الحالية». كما أن «مثل هذا التوازن من شأنه أن يخلق مساحة وحوافز أكبر للنخب لإعادة الانخراط في مناقشات هادفة حول خارطة الطريق السياسية نحو الانتخابات».

وشدد إيتون على أنه «في هذا الصدد، لا ينبغي النظر إلى الآلية على أنها بديل للعملية السياسية بل كعامل مساعد لها»، منبها إلى أن «محاولة باشاغا لدخول العاصمة توضح أن الوضع الحالي لا يمكن تركه يتفاقم». داعيا المجتمع الدولي إلى «خطوة حكيمة» من خلال «اتخاذ موقف قوي وموحد وراء الآلية المالية والدفع لاستئناف المفاوضات السياسية» أثناء النظر في كيفية تغيير موقعه قبل انتهاء خارطة طريق مؤتمر برلين في يونيو.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
جريدة «الوسط»: «ستيفاني 2» تباشر سد الفراغ الأممي في ليبيا
جريدة «الوسط»: «ستيفاني 2» تباشر سد الفراغ الأممي في ليبيا
في اليوم الوطني للمرأة الليبية.. «مكاسب نسبية» في معركة الحقوق
في اليوم الوطني للمرأة الليبية.. «مكاسب نسبية» في معركة الحقوق
حماد يوجه بإنشاء جامعة الكفرة
حماد يوجه بإنشاء جامعة الكفرة
مداهمة منزل تاجر مخدرات في درنة
مداهمة منزل تاجر مخدرات في درنة
بدء صيانة النصب التذكاري لمعركة القرضابية
بدء صيانة النصب التذكاري لمعركة القرضابية
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم