Atwasat

جريدة «الوسط»: احتمالات مفتوحة أمام صراع «حكومتين» على السلطة

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 04 مارس 2022, 09:07 صباحا
WTV_Frequency

بدأت هواجس الانزلاق نحو الاحتراب الداخلي تنتاب عديد الليبيين، أمام تداعيات خطوة مجلس النواب منح الثقة لحكومة جديدة برئاسة وزير الداخلية السابق، فتحي باشاغا، يقابلها إصرار رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» عبد الحميد الدبيبة، على رفض تلك الخطوة، وعدم تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة، ما عزز تلك الهواجس.

وفي مؤشر على تمسكه الرافض لقرارات مجلس النواب الأخيرة، وجه الدبيبة اتهامات مباشرة إلى رئيس المجلس عقيلة صالح بـ«التزوير والتدليس» بعد تعديه على تحقيق النصاب القانوني في جلسة البرلمان، وفق اتهامه، ووصف ذلك بـ«حلقة من الكوميديا السوداء»، معتبراً أنها شكلت «المؤامرة الأخيرة لتأجيل الانتخابات».

الدبيبة يتهم عقيلة بـ«التزوير»
ومن ضمن اتهامات التشكيك في صحة جلسة التصويت، أن نواباً لم يكونوا حاضرين وجرى التصويت بدلاً عنهم، فيما لم يتحقق نصاب الانعقاد، إذ حضر 78 نائباً فقط علماً بأن النصاب القانوني اللازم هو 88 عضواً، غير أن عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي، في تصريحات صحفية أوضح أن عدداً من النواب منحوا ثقتهم للحكومة عبر مكالمات هاتفية، ولم تذكر أسماؤهم خلال الجلسة خوفاً على سلامتهم، وبناء على هذا نالت حكومة باشاغا ثقة مجلس النواب بـ92 صوتاً من مجموع 101 نائب حضروا جلسة منح الثقة حسب تأكيدات صالح، وهو الطاقم الوزاري الذي يتكون من ثلاثة نواب لرئيس الحكومة و29 وزيراً وستة وزراء دولة، وكانت حكومة محاصصة بامتياز، في وقت تضاربت فيه المعلومات حول تهديدات تعرض لها بعض النواب، وصلت حد التلويح بالقتل، حسب بيان للبرلمان الذي طالب بـ«فتح تحقيق عاجل فيما حدث، وإحالة المجرمين إلى العدالة».

للاطلاع على العدد 328 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

ويتساءل متتبعون للشأن الليبي: هل سيتبع ما جرى تسلم باشاغا المقار الحكومية في طرابلس بشكل سلس من الدبيبة، وإذا لم يتسنَ له ذلك، هل سيتعين عليه اللجوء إلى أساليب أخرى، من الإجراءات القانونية إلى خيار استخدام القوة؟ ما قد يعيد إلى الأذهان بداية حكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، حين شرع في أداء مهامه من قاعدة بوستة البحرية، رداً على رفض خليفة الغويل التنازل عن منصبه، وقد توعد مجلس النواب على لسان الناطق باسمه، عبدالله بليحق، بأنه سيتم ردع الدبيبة إذا صمم على إقامة حكومة موازية، وفق تعبيره.

في هذه الأثناء يبقى عديد الاحتمالات مفتوحاً، بوجود التشكيلات المسلحة في طرابلس، وربما انقسامها في موقفها من المتخاصمين على السلطة، أما أكثر الاختبارات الكبيرة بالنسبة لفتحي باشاغا، فهو كيفية الصمود إلى غاية إجراء انتخابات في البلاد، إضافة إلى مهام تسوية الملفات الرئيسية، ومنها المصالحة الوطنية، وطرد المرتزقة، ومعالجة الأزمات الاقتصادية والمعيشية، التي يعانيها المواطنون، رغم تعاقب الحكومات، ويبدو أن كل طرف واثق من قدرته على الصمود من خلال الرهان على مؤيديه في الداخل، وداعميه في الخارج.

انقسامات حول حكومة باشاغا
وأثارت الحكومة الجديدة، المنبثقة عن البرلمان، انقساماً بين مؤيد ورافض، في أوساط القوى العسكرية والأمنية بالمنطقة الغربية، التي طالب بعضها المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش بحل البرلمان، والدعوة إلى إجراء انتخابات، وفي إشارة إلى حكومة فتحي باشاغا اعتبروا أن «تمكين حكومة موازية بمثابة تمكين لمن انقلب على الدولة، وقاد الحرب على العاصمة بمنحه وزارات سيادية».

للاطلاع على العدد 328 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

ويبدو أن الدبيبة استعاد رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري إلى صفه، بعدما أخذ عليه انحيازه قبل أسابيع إلى باشاغا، إذ أعلن الاثنان، في بيان، أنهما تشاورا في الأوضاع السياسية، وكيفية المضي في العملية الانتخابية في أسرع الآجال الممكنة، بينما قال المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة، إنه جرى خلال اللقاء «التأكيد على أن الأولوية في هذه المرحلة هي الإعداد للقاعدة الدستورية، وإجراء الانتخابات في أقرب وقت، وإنهاء المراحل الانتقالية».

رسائل باشاغا إلى الغرب
وفيما فسر بأنه رسالة موجهة إلى الخارج وإلى «الغرب» تحديداً، دان باشاغا حرب روسيا على أوكرانيا، ووصفها بـ«الانتهاك الواضح للقانون الدولي وسيادة أوكرانيا الديمقراطية»، مؤكداً في سلسلة تغريدات عبر حسابه على «تويتر» أن ليبيا ملتزمة بدعم واستقرار مصادر الطاقة والأمن في البحر الأبيض المتوسط، مدركاً أن كسب دعم موسكو وحده لا يكفي لضمان كسب الشرعية الدولية، رغم أن الخارجية الروسية سارعت بالترحيب بحكومته، في بيان أبدت فيه استعدادها للتعاون البناء مع حكومة باشاغا، والمضي في تسوية سياسية شاملة في ليبيا.

وتراقب الأمم المتحدة عن كثب ما حدث بعد جلسة منح الثقة لحكومة باشاغا، داعية الليبيين إلى الهدوء والمحافظة على الاستقرار وتجنب أي تحريض على العنف وخطابات الكراهية، ففي مؤتمر صحفي عقده الناطق باسم أمين عام الأمم المتحدة، بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك ستيفان دوجاريك، الثلاثاء، أوضح: «نحن نؤكد الحاجة إلى ضمان شفافية العمليات والقرارات التي يتم اتخاذها والالتزام بالقواعد وما تم الاتفاق مسبقاً بشأنه»، ما فسر بأنه رضاء ضمني عن عدم ممانعة انتقال سلس للسلطة، لكن دوجاريك نفسه عاد ليعرب، في بيان لاحق الأربعاء، عن «قلقه» إزاء التقارير التي تفيد بأن تصويت مجلس النواب على منح الثقة لحكومة فتحي باشاغا «لم يرقَ إلى مستوى معايير الشفافية والإجراءات المتوقعة، وشمل أعمال ترهيب قبل الجلسة»، ما فسر هذه المرة بأنه موقف مشكك في ظروف ولادة حكومة باشاغا.
ويبقى الليبيون وسط كل هذا يترقبون ما ستأتي به الأيام المقبلة من تطورات مفتوحة على عديد الاحتمالات، مع استمرار التوجس من أن تنحرف الأمور باتجاه الاحتمالات الأسوأ، وعلى رأسها استدعاء المتصارعين على الحكم السلاح كخيار لحسم صراعهما.
تفاصيل ص 3

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
ورشة عمل لتمكين القيادات النسائية بالوزارات في طرابلس
ورشة عمل لتمكين القيادات النسائية بالوزارات في طرابلس
خطة أمنية «دائمة» لمدينة الكفرة والحد من النازحين السودانيين
خطة أمنية «دائمة» لمدينة الكفرة والحد من النازحين السودانيين
المقريف: باقات «اتصالات وإنترنت» مجانية ومدعومة لقطاع التعليم
المقريف: باقات «اتصالات وإنترنت» مجانية ومدعومة لقطاع التعليم
المصرف المركزي يطبع «أوراق بنكنوت» بخمسة مليارات دينار
المصرف المركزي يطبع «أوراق بنكنوت» بخمسة مليارات دينار
حكومة حماد تتمسك بتفعيل الاتحاد المغاربي بدُوله الخمس دون إقصاء
حكومة حماد تتمسك بتفعيل الاتحاد المغاربي بدُوله الخمس دون إقصاء
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم