استعرضت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة، رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستيفاني وليام، أمام مجلس الأمن اليوم الخميس، التقدم المحرز في عملية الحوار الليبي بمساراتها الثلاثة السياسية، والأمنية/العسكرية، والاقتصادية/المالية، مطالبة مجلس الأمن بدعم هذه العملية التي تأتي في سياق «عملية برلين».

وأكدت وليامز في إحاطتها أن إحراز «تقدم كبير» نحو السلام والاستقرار في ليبيا، من خلال عملية الحوار التي تيسرها البعثة، والهدنة الميدانية التي أسفرت عن توقيع اتفاق وقف إطلاق نار دائم في جميع أنحاء البلاد بجنيف يوم 23 أكتوبر والذي ينص على «انسحاب جميع الوحدات العسكرية والتشكيلات المسلحة من خطوط المواجهة، وخروج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من كامل الأراضي الليبية خلال 90 يومًا»، مشيرة إلى عقد اللجنة العسكرية المشتركة جولتين متتاليتين من المناقشات في غدامس وسرت للإسراع في تفعيل الاتفاق.

وأوضحت أن اجتماع اللجنة العسكرية في غدامس ناقش خلاله الوفدان وضع بنود آلية مراقبة وقف إطلاق النار التي تقودها ليبيا وتدعمها الأمم المتحدة، التي سيتم تطبيقها بداية في منطقة تمتد من سوكنه إلى أبو قرين وبن جواد وسط ليبيا». وفي سرت «قرر المشاركون إعادة فتح الطريق الساحلي بين مصراتة وسرت يدعمه نشر قوة أمنية مشتركة، فضلًا عن انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة من المنطقة».

وأبلغت وليامز مجلس الأمن بـ«إحراز تقدم ملموس كجزء من حزمة تدابير بناء الثقة المتفق عليها في جنيف»، مدللة على ذلك باستئناف الرحلات الجوية واستمرار تبادل المحتجزين والانخفاض الحاد في عدد الضحايا المدنيين مقارنة بالربع الثاني من العام الجاري، وإنهاء الإغلاق النفطي، معتبرة أن «إحراز تقدم في إنشاء هيئة اقتصادية شفافة لإدارة عائدات النفط من شأنه أن يساعد في دعم هذا التطور الإيجابي للغاية».

وأشارت كذلك إلى إعلان مجلس أمناء المؤسسة الليبية للاستثمار في 13 أكتوبر أنه ستجرى أول مراجعة شاملة لعمليات المؤسسة، إلى جانب المراجعة المالية الجارية لفرعي مصرف ليبيا المركزي، معتبرة أن «هاتين المراجعتين المتزامنتين من شأنهما أن ترفعا مستوى الشفافية بشكل كبير في كيفية إدارة الأموال العامة».

العملية السياسية
وعن العملية السياسية، قالت وليامز: «إن المستوى العالي من المهنية والمسؤولية اللتين أبدتهما اللجنة العسكرية المشتركة والتقدم المحرز على المسار الأمني مهَّد الطريق لاستئناف العملية السياسية»، مؤكدة أن مناقشات ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس «جرت في جو بنَّاء وبروح جماعية» واختتمت «باعتماد الملتقى خارطة طريق سياسية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تقرر إجراؤها في 24 ديسمبر 2021، الذي يتزامن مع الذكرى الـ70 لاستقلال ليبيا».

ونوهت وليام إلى أن «الوثيقة التي تم الاتفاق عليها، والمعنونة بـ(المرحلة التمهيدية للحل الشامل) مكملة للاتفاق السياسي الليبي وهي تحدد المبادئ والأهداف العامة التي تسترشد بها الفترة الانتقالية في ظل المؤسسات التي سوف تتم إعادة تشكيلها وتوحيدها وكذلك الأطر الزمنية الرئيسية اللازمة لمجلس النواب للمصادقة على سلطة تنفيذية جديدة، وتحديد المحطات الرئيسية للترتيبات الدستورية والانتخابات».

وطالبت وليامز «المؤسسات ذات الصلة بأن تتخذ بموجبها إجراءات بشأن التعيين في المناصب السيادية، والمصادقة على السلطة التنفيذية الجديدة»، منبهة إلى أنه «في حالة الإخفاق في ذلك، سوف يجتمع ملتقى الحوار السياسي الليبي مرة أخرى ويتخذ القرارات اللازمة، تماشيًا مع خلاصات برلين والقرار 2510» مشيرة إلى «تفويض ملتقى الحوار السياسي الليبي بالاجتماع بانتظام لمراقبة تنفيذ خارطة الطريق من أجل ضمان الإنجاز في المواعيد اللازمة لإجراء الانتخابات».

وأكدت كذلك توافق المشاركين «على اختصاصات السلطة التنفيذية الجديدة ومعايير الترشح للمناصب التنفيذية»، والاتفاق «على إصلاح صلاحيات واختصاصات المجلس الرئاسي واستحداث منصب منفصل لرئيس الوزراء. وستكون حكومة الوحدة الوطنية بقيادة رئيس للوزراء ونائبين وستكون مهمتها الرئيسية قيادة الفترة الانتقالية نحو الانتخابات وإعادة توحيد مؤسسات الدولة، وتوفير الأمن والخدمات الأساسية للسكان حتى إجراء الانتخابات».

البيئة ملائمة لإجراء الانتخابات
ورأت وليامز أن «البيئة الآن أكثر ملاءمة لإجراء انتخابات شاملة وذات مصداقية» استجابة لطلب الليبيين، وتأكيد مفوضية الانتخابات قدرتها على إجراء الانتخابات في بيئة سياسية وأمنية مواتية وإطار تشريعي عملي، وميزانية كافية يتم توفيرها في الوقت الملائم. وإعلان رئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج، في 16 نوفمبر عزمه تخصيص الأموال والموارد للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، مشيدة بمواصلة اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية إجراء الانتخابات البلدية.

ودعت وليامز أعضاء مجلس الأمن إلى احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية الليبية والتنفيذ التام لحظر التسليح الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، وقالت: «إن لدى هذا المجلس أدوات تحت تصرفه بما في ذلك أدوات تمنع المعرقلين من تعريض هذه الفرصة النادرة لاستعادة السلام في ليبيا للخطر، وأنا أدعوكم لاستخدامها».

الوضع لا يزال هشًّا
وبشأن الوضع الميداني، جددت وليامز التأكيد على «أن الوضع لا يزال هشًّا»؛ داعية إلى عدم التهاون، لا سيما وأن «الجانبين لم يبدآ بعد في سحب قواتهما» حيث «لا تزال قوات حكومة الوفاق الوطني متمركزة في أبو قرين والوشكة، مع ورود أنباء عن تسيير دوريات. وتم رصد رحلات شحن عسكرية في مطاري الوطية ومصراتة، فيما واصلت القوات المسلحة العربية الليبية والمتعاونون معها إقامة تحصينات ونقاط عسكرية مزودة بأنظمة دفاع جوي بين سرت والجفرة وفي المنطقة الشمالية من قاعدة الجفرة الجوية. وتم رصد نشاط مكثف لطائرات شحن بين مطار بنينا والجفرة وقاعدة القرضابية الجوية».

إنشاء هيئة اقتصادية لضمان توزيع شفاف لعائدات النفط
على الصعيد الاقتصادي، قالت وليامز إنه «لا يزال التفاوض للتوصل الى إنشاء هيئة اقتصادية دائمة تضمن التوزيع الشفاف لعائدات النفط يعتمد على التقدم المحرز في المسار السياسي»، موضحة أنه «وبموجب ترتيبات استئناف إنتاج النفط، تتحفظ المؤسسة الوطنية للنفط على عائدات النفط حتى يتم التوصل إلى اتفاق. وفيما وضع الحوار الاقتصادي الليبي خيارات تتعلق بالسياسة العامة لتحسين إدارة الثروات، فإن التفاوض على مثل هذه الهيئة لا يزال يمثل تحديًا نظرًا للاستقطاب بين النظامين التنفيذيين».