Atwasat

«بلومبرغ» ترصد حياة الليبيين في الصيف: المواطنون يلهثون من حرارة الجو.. وازدهار مبيعات المولدات

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 30 أغسطس 2020, 10:16 مساء
WTV_Frequency

سلطت وكالة «بلومبرغ» الأميركية، في تقرير مطول, نشرته اليوم الأحد، الضوء على أزمة تردي الخدمات العامة في ليبيا، وخروج الشباب الغاضبين في مظاهرات طرابلس الأخيرة، في ظل تفاقم مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، واعتماد الشركات والأثرياء على المولدات الخاصة التي لا يغيب صوتها عن أحياء العاصمة طرابلس هذه الأيام.

ومع تجاوز درجات الحرارة الأربعين درجة مئوية في طرابلس، يبدو الصيف الحالي «وحشيًا» وفق تعبير الوكالة في تقريرها المنشور على موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت.

لا مكيفات ولا مراوح
وفي ظل انقطاع التيار لفترات طويلة يكافح السكان من أجل البقاء بلا مكيفات هواء أو مراوح. وينقل التقرير عن شاب عمره 29 عاما، يدعى أحمد -من دون أن يذكر اسمه الثاني- قوله إنه يهرب إلى خارج المنزل بحثا عن متنفس وخاصة خلال الأمسيات، حيث يقصد الواجهة البحرية للبحر الأبيض المتوسط للاستمتاع بنسيم البحر، رغم المساحات الطويلة من الكورنيش التي تغرق في الظلام بسبب أزمة الكهرباء.

ويحرص أحمد -الذي كان يعمل في أحد المقاهي قبل إغلاقه بسبب إجراءات الحظر لمواجهة «كورونا»- على لقاء أصدقائه «ليتنفسوا قليلًا»، ويتبادلوا الحديث عن تردي الخدمات العامة، ثم يتساءلون عن وباء فيروس كورونا المستجد، في غضب مرير قائلين: «كورونا ماذا؟ لدينا جائحة أكثر خطورة؛ الحكومة». وتعيش ليبيا التي تحتفظ بأكبر احتياطي من النفط الخام في أفريقيا، حربا مستمرة وحالة من الفوضى وغياب القانون منذ ثورة 2011 التي أطاحت الدكتاتور السابق معمر القذافي.

اقرأ أيضا: ليبيا تواجه لهيب الصيف مع انقطاع الكهرباء الطويل والحرب

ورغم ما كانت عليه من قوة في السابق، تبدو الشركة العامة للكهرباء في حالة يرثى لها، بعدما فاقمت الحرب الأهلية في البلاد، أزمات الشركة، سواء فيما يتعلق بالصيانة الدورية، أو نقص الوقود المطلوب لمحطات التوليد، أو وقف الصادرات النفطية، وكذلك تغير المناخ الذي يضيف على كاهل الشركة المزيد من الأعباء.

مظاهرات طرابلس
وتطرق التقرير إلى المظاهرة التي شارك فيها مئات المحتجين الأسبوع الماضي «للتنفيس عن غضبهم» من انقطاع التيار الكهرباء، وللاحتجاج ضد إخفاقات الحكومة في ملفات أخرى. وملأ المتظاهرون -وغالبيتهم من الشباب- الشوارع المظلمة، وهم يرددون هتافًا يندد بغياب المياه والإنارة.

ورأت الوكالة أن تلك الاحتجاجات الجماهيرية نادرة الحدوث في البلاد تؤدي إلى «زعزعة التوازن السياسي الدقيق في العاصمة». وأدت المظاهرات إلى إصابة شخص واحد في الثالث والعشرين من الشهر الجاري الذي شهد أولى المظاهرات الاحتجاجية. وكان قرار السلطات بفرض حظر التجول محاولة لاحتواء الاحتجاجات، وكذلك لكبح جماح انتشار فيروس كورونا المستجد.

وقال التقرير إن المرحلة الأخيرة من الحرب الأهلية في البلاد، أحدثت المزيد من انقطاع التيار الكهربائي، لافتًا إلى تقدم قائد قوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر باتجاه العاصمة في أبريل من العام الماضي، مستهدفًا إطاحة حكومة الوفاق الوطني -المعترف بها دوليا- قبل أن يتراجع في يونيو، عقب فشله في السيطرة على العاصمة، وفقدان قواته السيادة على عدة بلدات في محيطها.

وخلفت المعارك التي شهدتها العاصمة تدميرا ملحوظًا في خطوط نقل التيار الكهربائي ومحطات التحكم.

ولم يكن التدمير وحرارة الجو هما كل ما تعانيه الشبكة الكهرباء، فقد أفاد مسؤول بالشركة العامة للكهرباء المعروفة باسم «جيكول» إن «اللصوص جردوا الكابلات عالية الجهد من أعمدة الكهرباء خلال حصار حفتر (للعاصمة)». وأضاف المسؤول -الذي طلب عدم الكشف عن هويته- أن الإنتاج على مستوى البلاد «انخفض على مدار خمس سنوات، ولم يعد يلبي الآن سوى 60% من ذروة الطلب في الصيف».

ويوضح المسؤول أنه «يجب انتظار انخفاض الطلب في أشهر الخريف والشتاء الباردة قبل القيام بأعمال الصيانة».

محادثات مع شركة تركية لتخفيف أزمة الكهرباء
من جانبه، قال مدير محطة كهرباء جنوب طرابلس الغازية، ناجي أبو زقية للوكالة: «لا نستطيع تحمل أي خدمات لوحدات التوليد (..) نحن في حاجة ماسة إلى كل ميغاوات». ويشير التقرير إلى إجراء شركة تركية محادثات حاليا مع حكومة الوفاق لبيع 1000 ميغاوات من محطات الطاقة العائمة، حيث تسعى تركيا، الداعمة القوية حكومة الوفاق، إلى البحث عن فرص وسط الصراع الدائر في ليبيا.

اقرأ أيضا: استمرار تظاهرات الاحتجاج في طرابلس ضد الفساد ومعلومات عن حملة اعتقال ضد نشطاء

وفي ظل كل ذلك، فإن النقد الليبي ينفد. يضيف التقرير. وتقول الوكالة إن إغلاق أنصار حفتر الموانئ والمنشآت النفطية ووقف صادراتها، حرم الأمة من مصدر دخلها الرئيسي. وبحسب التقرير، انخفض إنتاج النفط الخام إلى 90 ألف برميل يوميًا، وهو جزء يسير من 1.2 مليون برميل ضختها ليبيا، الدولة العضو في أوبك، في يناير.

لكن حتى قوات حفتر المتمركزة شرق البلاد تدفع الثمن، حيث حذرت المؤسسة الوطنية للنفط الأسبوع الماضي من أن الحصار، الذي يؤثر أيضًا على الغاز المنتج في حقول النفط، سيؤدي إلى تفاقم انقطاع التيار الكهربائي في الشرق. وقالت المؤسسة الوطنية للنفط إن إمدادات الغاز لمحطات الكهرباء في مدينتي بنغازي والزويتينة تراجعت إلى 160 مليون قدم مكعبة يوميا من 250 مليونا، ومن المحتمل أن تتوقف تماما.

ولتخفيف أزمة الكهرباء في الشرق، سمح أنصار حفتر في وقت سابق من هذا الشهر باستئناف جزئي لشحنات النفط، ووصلت ناقلة «سويز ماكس» إلى ميناء البريقة يوم الأحد لتحميل 600 ألف برميل لشركة OMV AG ومقرها فيينا، ومن المتوقع وصول ناقلة أخرى الخميس.

حلول فردية.. وفوارق طبقية
أسوة بغيرهم في البلدان العربية الأخرى التي تواجه أزمات طاحنة في قطاع الكهرباء، يلجأ المقيمون والشركات في ليبيا، إلى شراء مولدات خاصة لتبريد المنازل والمتاجر والمكاتب، حيث يستطيع المارة بشوارع العاصمة سماع تلك الآلات تدق بلا توقف في أحياء طرابلس.

أما الفقراء، فليس أمامهم من خيار سوى تحمل حرارة الجو، تقول الوكالة. وتضيف بأن ذلك «علامة على أن تغير المناخ قد يؤدي بالفعل إلى توسيع الفوارق الاجتماعية والاقتصادية في الشرق الأوسط وما وراءه».

وعلى طريقة المثل القائل «مصائب قوم عند قوم فوائد»، شهد العارف حميدة صيفًا ضخمًا، حيث تمكن من بيع 3 آلاف مولد صيني، كانت تمثل مخزونه بالكامل، في أقل من شهرين، مقارنة بأقل من ألف مولد فقط، باعها من متجره في الفترة نفسها من العام الماضي.

طرح الأحمال.. واقتحامات المسلحين المحطات
من جانبها، تحاول الشركة العامة للكهرباء تقليل حدة أزمة انقطاع التيار الكهربائي، بتدوير الطاقة بين المدن، عبر سياسة طرح الأحمال، لكن المسلحين كثيرا ما يقتحمون المنشآت الكهربائية، ويطالبون مهندسي الشركة وموظفيها بإعادة التيار إلى مناطقهم، وهو ما يؤدي إلى تخفيضات أكبر للطاقة لمناطق أخرى، أو تعطل الشبكة.

اقرأ أيضا: انقطاع الكهرباء عن المناطق الغربية والوسطى والجنوبية

ويقول أبوزقية: «الشبكة انهارت ثلاث مرات مطلع الشهر الجاري، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي في جنوب وغرب ليبيا، لكن عندما يواجه موظف مدني رجلاً مسلحًا أو جماعة مسلحة، لا يمكنه فعل أي شيء سوى الامتثال، فالأمر ليس مسؤوليته عندما لا تحميه الدولة».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
النهر الصناعي: تزويد زليتن بمياه النهر مرة في الأسبوع
النهر الصناعي: تزويد زليتن بمياه النهر مرة في الأسبوع
«الخطاب القوي والتفاعل».. قناة «الوسط» تبث الحلقة (20) من «مئوية ليبيا» الجمعة
«الخطاب القوي والتفاعل».. قناة «الوسط» تبث الحلقة (20) من «مئوية ...
«ميدل إيست إيكونوميك»: الدبيبة أزاح عون للمضي قدما في صفقة «توتال - كونوكو»
«ميدل إيست إيكونوميك»: الدبيبة أزاح عون للمضي قدما في صفقة «توتال...
«الأميركية للتنمية» تناقش مع سلطات محلية دعم المشاريع الريادية
«الأميركية للتنمية» تناقش مع سلطات محلية دعم المشاريع الريادية
النيابة العامة تعلن استرداد عقارات مملوكة للدولة في سرت
النيابة العامة تعلن استرداد عقارات مملوكة للدولة في سرت
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم