Atwasat

مصارف لبنان تغلق عشرات الفروع وتسرح آلاف الموظفين لمواجهة الانهيار

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 20 فبراير 2022, 04:38 مساء
WTV_Frequency

في مواجهة الانهيار المستمر منذ عامين، يعمل القطاع المصرفي الذي كان يعدّ فخر الاقتصاد اللبناني على إعادة تنظيم ذاته عبر تسريح آلاف الموظفين وإقفال عشرات الفروع، في خطوة تسبق التوافق على خطة إنقاذ مع صندوق النقد الدولي.

طيلة عقود، شكّل القطاع المصرفي ركيزة رئيسية للاقتصاد. وتمكّن من جذب الودائع ورؤوس الأموال، سواء من المستثمرين العرب أو المغتربين الذي رأوا في مصارف بلدهم ملاذًا آمنًا لجني عمرهم. وبلغت قيمة الودائع الإجمالية في ذروتها أكثر من 150 مليار دولار قبل عام من بدء الأزمة العام 2019، وفق تقديرات رسمية، وفق «فرانس برس».

 الانهيار الاقتصادي الأسوأ في العالم منذ 1850
لكنّ المشهد تغيّر كليًا على وقع الانهيار الاقتصادي الذي صنّفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، وفرض المصارف لقيود مشددة على عمليات السحب بالدولار ومنع التحويلات إلى الخارج. وجعل ذلك المودعين عاجزين عن التصرّف بأموالهم خصوصًا بالدولار، بينما فقدت الودائع بالليرة قيمتها مع انهيار قيمة العملة المحلية في السوق السوداء.

وشهدت قاعات الانتظار في المصارف خلال العامين الماضيين سجالات متكررة بين مواطنين غاضبين راغبين بالحصول على ودائعهم وموظفين ملتزمين بتعليمات إداراتهم. وانعدمت الثقة تدريجيًا بالقطاع المصرفي الذي تراجع نشاطه ليقتصر على عمليات بسيطة خصوصًا السحب بالليرة.  

-  بدء مفاوضات بين لبنان وصندوق النقد حول خطة إنقاذ اقتصادية
-  صندوق النقد يعرض خارطة طريق من أجل لبنان

إزاء هذا الواقع، لجأت المصارف، وفق ما قالت جمعية المصارف ردًا على أسئلة لوكالة فرانس برس، الى «تقليص حجمها مجبرة، للتكيف مع الأوضاع الاقتصادية المستجدة».  وانخفض، وفق الجمعية، عدد الفروع المصرفية من 1081 نهاية العام 2018 إلى 919 فرعًا نهاية نوفمبر، أي بنسبة 15 في المئة. كما تقلّص عدد الموظفين في الفترة ذاتها من 25908 موظفين إلى نحو عشرين ألفًا؛ أي بنسبة 23 في المئة.

وانخفضت محفظة التسليفات للقطاع الخاص المقيم وغير المقيم من 59 مليار دولار نهاية 2018 إلى 29.2 مليار دولار (وفق سعر الصرف الرسمي) نهاية 2021. وتعتبر الجمعية أن «التطورات المالية خلال السنتين الماضيتين في ظل استمرار التلكؤ في إيجاد حلول فرضت واقعًا جديدًا على الاقتصاد ومؤسساته ومواطنيه».

مصارف «زومبي»
في وقت الذروة، بلغ حجم القطاع المصرفي ثلاثة أضعاف الناتج الإجمالي المحلي، وكان معدل نموه يعادل ثلاثة أضعاف معدل نمو الاقتصاد. ووسّعت مصارف كبرى نطاق عملها الى خارج لبنان وصولًا إلى أوروبا وأفريقيا.

وقدمت فروع 63 مصرفًا في لبنان فوائد عالية لجذب المودعين. وفضّل كثر في السنوات القليلة التي سبقت الأزمة إيداع أموالهم وتعويضاتهم في المصارف بدل استثمارها طمعًا بهذه الفوائد. كما قدمت تسهيلات إزاء مروحة واسعة من القروض، بدءًا من السكن مرورًا بشراء السيارات والسفر وصولًا الى عمليات التجميل.

ويقول الخبير المصرفي جان رياشي «لم تعد البنوك اللبنانية تمارس أنشطتها المصرفية تقريبًا؛ لذا فهي مضطرة إلى تقليص عملياتها»، موضحًا أن «معظم عائدات المصارف ارتبطت بفوائد جنتها من الدولة والبنك المركزي» مقابل الديون التي منحتها للدولة اللبنانية.

ويحمّل كثر المصرف المركزي مسؤولية السياسات النقدية التي اعتمدها طيلة عقود باعتبار أنها راكمت الديون، لكن حاكم المصرف المركزي رياض سلامة يقول إن الدولة هي التي صرفت الأموال.

ويرى المحلل الاقتصادي باتريك مارديني أن المصارف باتت عبارة عن «مصارف زومبي»، وهي تسمية غالبا ما تطلق على المصارف التي يتدخل البنك المركزي من أجل إبقائها على قيد الحياة. ويعتبر أن الحكومة الحالية «تبدو مهتمة بتنظيف ميزانيات المصارف» أكثر من إعادة هيكلة القطاع المصرفي.

69 مليار دولار حجم الخسائر المالية
وتشكل إعادة الهيكلة إحدى البنود الإصلاحية الرئيسية في بلد حل العام 2019 في المرتبة الثانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لناحية عدد الفروع المصرفية لكل مئة ألف شخص، وفق البنك الدولي.

وقدّرت الحكومة الحالية برئاسة نجيب ميقاتي حجم الخسائر المالية بـ69 مليار دولار. ولم يعلن رسميًا بعد عن كيفية توزيع الخسائر بين الدولة والمصرف المركزي والمصارف، وسط خشية المودعين من الاقتطاع من ودائعهم.

وجاء في خارطة طريق أعلن صندوق النقد الدولي في 11فبراير عرضها على لبنان، أن «حجم الخسائر غير المسبوق في القطاع المالي يجب أن يعالج بطريقة شفافة  مع حماية صغار المودعين».

ويقول رئيس جمعية المصارف سليم صفير في تصريحات لـ«فرانس برس» إن لبنان أشبه بـ«بلد متروك»، وسط تقاعس السلطات التي لم تقدم على أي «تحرّك فعلي» خلال عامين من الأزمة، سوى التخلف العام 2020 عن سداد ديونها الخارجية للمرة الأولى.

وتعتبر جمعية المصارف أن «أي إعادة هيكلة للقطاع خارج إطار خطة إنقاذية حكومية شاملة لن تؤدي إلى النتائج المرجوة». وكانت إعادة الهيكلة أحدى بنود خطة إنقاذية أقرتها الحكومة السابقة، فيما يبدو المشهد ضبابيًا اليوم إزاء آلية تطبيقها.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
أسعار النفط ترتفع والأسواق تترقب صدور بيانات أميركية غدا
أسعار النفط ترتفع والأسواق تترقب صدور بيانات أميركية غدا
«بوينغ» تحقق خسائر أقل من المتوقع في الربع الأول من 2024
«بوينغ» تحقق خسائر أقل من المتوقع في الربع الأول من 2024
صندوق أممي لدعم اللاجئين في مواجهة الصدمات المناخية بقيمة 100 مليون دولار
صندوق أممي لدعم اللاجئين في مواجهة الصدمات المناخية بقيمة 100 ...
ألمانيا ترفع توقعاتها للنمو بشكل طفيف وتعترف بـ«خسارة القدرة التنافسية»
ألمانيا ترفع توقعاتها للنمو بشكل طفيف وتعترف بـ«خسارة القدرة ...
أسعار النفط تستقر مع تراجع الطلب على الوقود في أميركا
أسعار النفط تستقر مع تراجع الطلب على الوقود في أميركا
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم