Atwasat

الصيرفة الإسلامية بين الفقه والمرابحة

القاهرة - بوابة الوسط الأربعاء 16 يوليو 2014, 02:38 مساء
WTV_Frequency

قال الخبير الاقتصادي العالمي، الدكتور حسين كامل فهمي، الخبير السابق بالمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، التابع للبنك الإسلامي للتنمية في جدة: إنه لا يوجد فارق كبير بين الشكل النهائي للهيكل والأدوات في البنوك الإسلامية، والتقليدية ويرى «حتمية» إعادة هيكلة قطاع المصارف الإسلامية بشكل شامل.

ونقلت وكالة «رويترز» دراسة مطولة عن الدكتور حسين كامل صدرت تحت عنوان «حتمية إعادة هيكلة النظام المصرفي الإسلامي» قال فيها: إنه لا بد من إعادة هيكلة البنوك الإسلامية بشكل شامل.

ويبرر ذلك بأن الأدوات الحالية للبنوك الإسلامية، تعد نواة لخلق سوق آجلة يتلاقى فيها العرض والطلب على الائتمان من خلال «توسيط وهمي» للسلع مما يؤدي في النهاية إلى تفشي الربا في المعاملات المالية والاضطرار إلى الاعتراف به بطرق مستترة الأمر الذي يتناقض مع الهدف الذي قامت البنوك الإسلامية لأجله وهو تقديم بديل متوافق مع الشريعة.

وينتقد فهمي أدوات مثل بيع المرابحة الذي يشكل الجانب الأكبر من معاملات البنوك الإسلامية وعقد الشراكة المتناقصة وعقد الإجارة المنتهية بالتمليك (التأجير التمويلي) والاستصناع والتورق الفردي والمنظم، ويخلص إلى أنها «تؤول جميعها إلى الغرر وبيع العينة» المنهي عنه في الإسلام ويوصي بضرورة إلغائها.

ولا يقف عند رفض الأدوات بل يوجه سهام انتقاده إلى ما يصفها بالمشكلات الهيكلية للبنوك الإسلامية مثل ظاهرة خلط الأموال في الحسابات الاستثمارية وغلبة أرصدة الديون على المراكز المالية وعدم فاعلية الأدوات النقدية المعمول بها.

ويرجع الخبير الاقتصادي الحاصل على ماجستير في إدارة السياسات الاقتصادية العامة من جامعة «هارفارد» الأميركية ودكتوراه في الاقتصاد الإسلامي من جامعة القاهرة بجذور الخلل الذي يطالب بتصحيحه إلى الانطلاق من محاولة محاكاة البنوك التقليدية وتأخر صدور الفتاوى إلى ما بعد بدء العمل بكل أداة مصرفية إسلامية والاستثمارات الضخمة في الهياكل والأدوات الحالية.

وقال لـ«رويترز» في مقابلة عبر الهاتف: «البنوك الإسلامية بدأت بآراء ر سطحية جدًا».

البداية
بدأت البنوك الإسلامية عملها بأداة المرابحة التي تظل حتى الآن الأكثر استخدامًا في القطاع وهي اتفاق بين البنك وأحد عملائه يطلب فيه العميل من البنك شراء سلعة على أن يتعهد بإعادة شرائها فور تملك البنك لها على أساس آجل بعد إضافة هامش ربح إلى التكلفة الأصلية ويجري عادة تقسيط ثمن البيع النهائي على فترة زمنية معينة.

وجدت البنوك الإسلامية في الأداة ضالتها باعتبارها تهيئ شكلاً يتماشى مع مبادئ الشريعة لإدراج التعامل بينها وبين العميل في إطار عقد البيع وليس عقد القرض المتبع في البنوك التقليدية، ولأنها تجنب البنك مخاطر الوقوع في كثير من المشكلات العملية المتعلقة بوجود السلعة نفسها والاحتفاظ بها في حوزته واحتمالات إعراض العملاء عن السلع بعد شراء البنك لها.

كان أول من اقترح أداة المرابحة سامي حسن حمود في رسالته للدكتوراه المطبوعة في كتاب صدر العام 1982 بعنوان «تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق مع الشريعة الإسلامية» واستند فيها إلى فتوى للإمام الشافعي.

لكن فهمي يرى أن الفتوى تضمنت شروطًا يترتب عليها الفصل بين عملية شراء السلعة في البداية وعملية بيعها بعد ذلك، ويقول: إن ذلك غير متحقق في أداة المرابحة بصيغتها الحالية في البنوك الإسلامية حيث يتعلق العقد ببيع سلعة غير مملوكة للبائع من الأصل.

تتمثل أهمية آراء فهمي في أنها تنال من معاملات شائعة داخل القطاع الذي يجتذب بمسماه الإسلامي ملايين العملاء في شتى أنحاء العالم، بل إن نموذج عمل البنوك الإسلامية يرتكز عليها بشكل شبه كامل ناهيك عن أنها توجه انتقادات شرعية وعملية لأدوات حاصلة على موافقة هيئات شرعية وأجهزة رقابية.

إعادة الهيكلة التي يقترحها فهمي تتضمن إلى جانب إلغاء العمل بالأدوات سالفة الذكر أفكارًا جذرية مثل اقتصار البنوك الإسلامية على نشاط الخدمات المصرفية كبيع وشراء العملات وتحويل الأموال للخارج وفتح الحسابات الجارية على سبيل الأمانة المحضة وإصدار بطاقات ائتمان مغطاة بالكامل.

ويوصي باعتماد الشركة القابضة كهيكل جديد للبنوك الإسلامية والعمل بنظام البنوك الضيقة وهو مفهوم يشير إلى فصل أنشطة الإيداع والمدفوعات عن أنشطة الوساطة المالية، لكن فهمي يذهب لأبعد من ذلك في نموذجه المقترح، حيث يرى حتمية إلغاء نشاط التمويل الائتماني كلية واستبداله بعمليات المشاركة القائمة على مبدأ «الغنم بالغرم» أو المشاركة في الربح الخسارة.

اتفاق واختلاف
وعلى الجانب الآخر يجد الخبراء الاقتصاديون صعوبة في قبول مثل تلك المقترحات.

حيث يقول أشرف دوابة الخبير والمستشار الدولي في التمويل والاقتصاد الإسلامي إنه يرى بالفعل انفصامًا بين التطبيق والتنظير في قطاع التمويل الإسلامي، وأن التجربة «ربما لم تؤت ثمارها حتى الآن» لكنه يؤمن بإمكانية إصلاح الأدوات القائمة بدلاً عن إلغائها تمامًا.

وقال دوابة في اتصال هاتفي مع «رويترز»: «الصيغ شرعية لكن التطبيقات فيها انحراف باتجاه محاكاة المعاملات التقليدية، المرابحة وتحمل المخاطرة غلبت على الدور التنموي المفترض للبنوك الإسلامية، لا بد من تفعيل سائر صيغ التمويل الإسلامي والتي تصل إلى 16 صيغة».

ويعلق على فكرة البنوك الضيقة قائلاً: «هذا ليس بنكًا، أرى أن نعالج المشاكل القائمة لا أن نلغي الفكرة كلها ونقضي على أدوات التمويل».

من جانبه يرفض محمد البلتاجي رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي مجمل آراء فهمي عدا الجزء المتعلق بأداة التورق المنظم المثيرة للجدل داخل القطاع والتي صدرت فتاوى كثيرة بتحريمها.

ويقول: «التورق المنظم بدأ العمل به كأداة انتقالية للبنوك التقليدية الراغبة في التحول إلى النظام الإسلامي لكن البعض رأى فيه إمكانية توفير السيولة النقدية بسهولة مما أدى إلى التوسع فيه مما أضر بالبنوك الإسلامية وبمصداقيتها».

والتورق المنظم هو طلب الأفراد النقود السائلة من خلال إعطاء أمر للبنك لشراء سلعة ثم بيعها للعميل بسعر آجل ثم يوكل العميل البنك لبيعها نيابة عنه بسعر حاضر لشخص ثالث.

ويضيف البلتاجي: «المقترح مستحيل التطبيق بل لا يوجد مبرر شرعي له والعقود ممتازة ومتفق عليها من الهيئات الشرعية وتم تطبيقها ونجحت»، مؤكدًا أن مقترحات فهمي عمليًا تبدو عصية على التطبيق، فالتمويل الإسلامي من أسرع القطاعات الاقتصادية نموًا في العالم، ومن المتوقع بحسب إرنست آند يونغ أن تبلغ الأصول المصرفية الإسلامية في حوزة البنوك التجارية 3.4 تريليونات دولار بنهاية 2018 في حين تخطت الأرباح المجمعة للبنوك الإسلامية في أسواقها الست الرئيسة –قطر وإندونيسيا والسعودية وماليزيا والإمارات العربية المتحدة وتركيا- العشرة مليارات دولار للمرة الأولى نهاية 2013.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«غوغل» تطرد 50 موظفًا احتجوا على صفقة مع «إسرائيل»
«غوغل» تطرد 50 موظفًا احتجوا على صفقة مع «إسرائيل»
أسعار النفط ترتفع والأسواق تترقب صدور بيانات أميركية غدا
أسعار النفط ترتفع والأسواق تترقب صدور بيانات أميركية غدا
«بوينغ» تحقق خسائر أقل من المتوقع في الربع الأول من 2024
«بوينغ» تحقق خسائر أقل من المتوقع في الربع الأول من 2024
صندوق أممي لدعم اللاجئين في مواجهة الصدمات المناخية بقيمة 100 مليون دولار
صندوق أممي لدعم اللاجئين في مواجهة الصدمات المناخية بقيمة 100 ...
ألمانيا ترفع توقعاتها للنمو بشكل طفيف وتعترف بـ«خسارة القدرة التنافسية»
ألمانيا ترفع توقعاتها للنمو بشكل طفيف وتعترف بـ«خسارة القدرة ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم