المدرسة الواقعية:

-----------------

الرسام الواقعي جون كونستابل

حين نتناول الفن فإننا لا شك نبحث عن نشأة هذا الفن، وكيف كانت البدايات، كيف تطور، وصولا لما نراه اليوم، من بعد أن أصبح له مدارس عديدة، ولكنه يُوحي لنا بنوع واحد قد ارتبط بأذهاننا وهو الفن التشكيلي الخارج من المدرسة الكلاسيكية. ولعلنا نستطيع القول إنَّ الفن التشكيلي هو كل ما كانت مواضيعه مأخوذة من واقع حياتنا اليومية. قد يشكل كما هو، أو يبتكر له أسلوبا حديدا ينفذ به، أي يشكل تشكيلاً جديداً، وهذا ما نسميه  « التشكيل الواقعي» . فالتشكيلي هو الفنان المبدع الذي يقوم بصياغة الأشكال آخذا مفرداته من محيطه، ولكل مبدع رؤيته ونهجه الخاص لذا تعددت المعالجات، مما اضطر الباحثون في مجالات العطاء الفني إلى أن يضعوا هذه المُعطيات تحت إطار ومُسمى  «مدارس الفن التشكيلي» .

ستكون رحلتنا بين الحدائق والشاطئين والوجوه مثلها مثل ما شكل الرسام جون كونستابل  ، الذي يعد أوائل وأبرز رسامي المدارس الواقعية؛ ومن بعدها الرمزية؛ والتأثيرية؛ والتجريدية؛ والانطباعية؛ والسريالية… وغيرها. فكل رسام كان مبتدئا أو محترفا فإنه يشتغل في إطار مدرسة فنية معينة، فيما نتفرد بعشقنا أو ميولنا لمدرسة بعينها.

المدرسة الواقعية، نشأت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في فرنسا. قبل ذلك كان الفنان يرسم الخطوط العامة للوحته في مرسمه، من بعد أن ينتقيها من الواقع فتكون اللوحة غالبا لا علاقة لها بالواقع، حيث كان يوزع الفنان الظل والنور حسب القاعدة والمنطق أو الخيال.

لكن في معرض باريس 1824م شارك الفنان جون كونستابل الذي يدعى مصور الطبيعة وهو إنجليزي الأصل بلوحات رسمت تعبر عن الواقع وتأخذ الطبيعة ببساطتها، فلاقت هذه اللوحات الإعجاب من قبل الفنانين الفرنسيين فبدؤوا برسم الطبيعة مباشرة، فأصبحت لوحاتهم تنبض بالحياة وأطلق على أتباع هذا الاتجاه بالواقعيين الطبيعيين ومنهم غوستان كوربييه 1819-1877م، الذي فاز بجوائز عديدة ويعد من أقطاب هذا الاتجاه الفني الواقعي، وولد في  «أورفا»  الفرنسية، رسم عناصر الطبيعة منفردة مثل الجبال، والبحر والشجر، متخذا مواضيع لم ينتقها رسامو المرحلة الرومانتية، فقد أعتقد أصحاب هذه المدرسة بضرورة معالجة الواقع برسم أشكال الواقع كما هي، وتسليط الأضواء على جوانب مهمة يريد الفنان إيصالها للجمهور بأسلوب يسجل الواقع بدقائقه دون غرابة أو نفور. فالمدرسة الواقعية ركزت على الاتجاه الموضوعي، وجعلت المنطق الموضوعي أكثر أهمية من الذات فصور الرسام الحياة اليومية بصدق وأمانة، دون أن يتدخل في الموضوع، بحسب رؤيته، بل يتجرد من ذلك، وينقل ما يراه كما هو، فهو يعالج مشاكل المجتمع من خلال حياته اليومية. لقد اختلفت الواقعية عن الرومانتية من حيث ذاتية الرسام، إذ ترى الواقعية أن ذاتية الفنان يجب أن لا تطغى على الموضوع، ولكن الرومانتية ترى خلافا لهذا، إذ تعد العمل الفني إحساس الفنان الذاتي وطريقته الخاصة في نقل مشاعره للآخرين. وتعنى الواقعية بتصوير الأشياء والعلاقات، بصورة واضحة كما هي عليه في العالم الحقيقي الواقعي. وبتصوير الجوهر الداخلي للأشياء، وليس الجنوح إلى غير ما يراه، وبالتأكيد قد تدخلت عواطف وأحاسيس الفنان في رصد هذه الأعمال، وإلاّ ما نقلها.

سوف ننتقي من رواد المدرسة الواقعية، لوحات من أعمال: «هونور دوميه»، «وجون فرونسوا ميلت»، «وجوستاف كوربيه». أما في هذه الحلقة سنقدم بعضا من أعمال «جون كونستابل».

 

في مراحل حياته

الطبيعة كما هي

حبيبته

العربة والحول أشهر لوحاته

لوحة لاعبي الورق

طبيعة